رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


بشائر التمويل الإسكاني الخاص والدور الحكومي المنتظر

[email protected]

لا يختلف اثنان على وجود فجوة إسكانية تنذر بأزمة في السعودية نتيجة تزايد المطلوب من الوحدات السكنية على المعروض، ولقد تم تشريح المشكلة الإسكانية تشريحا كاملا حتى باتت صورة الواقع والمستقبل واضحة جدا، ولقد أسهم الكثير من المتخصصين من ماليين وعقاريين وصناع الفكر والرأي والقرار بطرح حلول تتناسب مع معطيات السوق السعودية.
ولقد كان جل هذه الأفكار يتركز حول تفعيل قوى السوق الإسكانية لتوفير الوحدات السكنية بكميات كبيرة ومتنوعة بجودة عالية وقيمة متعاظمة، وتوفير بدائل تمويلية ترفع قدرات الموطنين الشرائية لتحويل الحاجة إلى طلب من خلال تمكينهم من رسملة الإيجارات الشهرية التي يدفعونها حاليا لمساكن لا ولن يملكوها مهما طال الزمن.
ولقد استطاعت بعض الشركات الوطنية التي تعمل في التطوير الإسكاني من خلال تطويرها ذراعها المالي بناء نماذج ناجحة في البيئة السعودية مما حفز جهات تمويلية محلية ودولية متخصصة لمشاركتها في تأسيس أول شركة تمويل للمساكن برأسمال ملياري ريال سعودي من المتوقع أن يصل حجم تمويلها للعام الأول لأكثر من مليار ونصف المليار ريال وهي سابقة لم تصل لها أي مؤسسة مالية خاصة، كما أنه من المتوقع أن تستطيع هذه الشركة استعمال أنظمة مالية متقدمة لتحسين ملاءة الميزانية مثل إصدار الصكوك الإسلامية المدعومة بعقود الإجارة أو المدعومة بالرهن العقاري MBS.
كذلك أعلنت أكثر من ثلاث جهات خاصة عن خطوات اتخذتها لتأسيس شركات تمويل إسكاني إضافة لما تقوم به البنوك المحلية حاليا من توسع في نشاط تمويل المساكن، وكل ذلك جميل ومؤشر قوي لاهتمام القطاع الخاص بسوق التمويل الإسكانية على اعتبار أنها سوق حقيقية وواعدة، ولكنه بالطبع غير كاف ومازال دون المأمول خصوصا في ظل تزايد الحاجة للمزيد من المساكن التي يحجم المطورون عن تطويرها دون أن يتأكدوا من وجود قوة شرائية للمواطن تمكنه من شراء المناسب منها بضمان دخله الشهري وبضمان الأصل المرهون.
الحكومة أعلنت عن نيتها دعم صندوق التنمية العقارية بمبلغ 25 مليار ريال سعودي للسنوات الخمس المقبلة، وهو ما يعني توفير تمويل لنحو 83 ألف مواطن بمبلغ 300 ألف ريال سعودي لا تكفي لشراء شقة ثلاث غرف وصالة في المدن الرئيسة حسب الأسعار السائدة حاليا فما بالنا بما هو آت؟ وبالطبع فإن هذا الدعم وإن كان كبيرا إلا أنه لن يغطي الاحتياج ولن يمكن المواطنين من شراء المساكن التي يرغبون فيها خصوصا إذا علمنا أن حجم الطلب على المساكن سنويا يتجاوز 200 ألف وحدة سكنية، وبالتالي فإن الحل الأمثل يكون كما نصح الكثير من المتخصصين والمستشارين المحليين والدوليين في تحريك وتفعيل قوى السوق الإسكانية ممثلة في شركات التطوير الإسكاني وشركات التمويل، والتقييم، وإدارة الأملاك، وتنشيط سوق الصكوك (السندات) الأولية والثانوية، وهو ما لا يتأتى دون تحفيز حكومي من خلال استخدام التنظيمات كقوة محفزة إضافة للدعم المالي لهذه الشركات التي يمكن لها أن تستمر في عملها حال دعمها للمرة الأولى.
التنظيمات قوة، وهي قوة لا يستهان بها، والتنظيمات بيد الحكومة وهي المسؤولة عن تقديم الخدمات الأساسية للمواطن من تعليم وعلاج ومأوى، والمال قوة كبيرة أيضا، والمال متوافر اليوم بيد الحكومة، وإذا جمعت الحكومة هاتين القوتين ووضعتها في المكان الأمثل في الوقت المناسب لتكونت لدينا قوة دافعة ومحفزة للسوق الإسكانية تمكنها من تلبية جميع الاحتياجات الحالية والمستقبلية للطبقة المتوسطة وأصحاب الدخل المحدود دون الحاجة إلى أموال الحكومة لاحقا ودون التأثر بموازناتها، لتتفرغ الحكومة بالتعاون من الجهات الخيرية لتلبية حاجات المواطنين من الطبقة الأقل حظا وهي الطبقة الفقيرة، بينما يتكفل الأثرياء ببناء مساكنهم دون الحاجة إلى دعم حكومي أو تمويل إسكاني.
ما التنظيمات المطلوبة وعلى وجه السرعة؟ الكل يعرفها وأشار لها الكثير من المفكرين والعاملين في القطاعين المالي والعقاري، وأهمها إصدار وتطبيق نظام الرهن العقاري، وتفعيل سوق السندات (الصكوك) الأولية والثانوية، وما حجم الدعم المطلوب لمكونات منظومة السوق الإسكانية؟ أعتقد أن عشرات أو مئات من الملايين على شكل قروض طويلة الأجل تحفز الكثير من شركات التطوير العقاري والشركات المساندة لها بجميع أنواعها وأحجامها لتطوير كميات كبيرة ومتنوعة من الوحدات السكنية عالية الجودة متعاظمة القيمة وحسن إدارتها والمحافظة على جودتها وتعظيم قيمتها بمرور الزمن، ولا شك أن الكميات الكبيرة والعالية الجودة المنتجة من الوحدات السكنية ستحفز شركات التمويل الإسكاني والمؤسسات المالية للتوجه لسوق التمويل الإسكاني لاغتنام فرصة تعاظم هذا السوق.
وبضعة ملايين أخرى يمكن أن تستخدمها الحكومة للتأمين على القروض الإسكانية التي يأخذها المواطنون لشراء مساكن لهم ستسهم بطريقة أو بأخرى في تخفيف شروط الاقتراض كما تخفف من نسبة الفوائد التي تأخذها شركات التمويل، وكلي ثقة أن الحكومة ستفعل بكل رأي سديد ترى إمكانية تطبيقه بما يحقق شروط الحياة الكريمة لمواطنيها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي