رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مصانع الحديد.. وبطاقة معايدة!!

[email protected]

سمي العيد عيداً لأنه يعود ويتكرر كل عام, وهكذا الحديد أخذت أسعاره هذا الطابع المتكرر, ولكن هذه المرة مع موسم العيد السعيد, فكانت بطاقة المعايدة من مصانع الحديد من نوع فريد!! فأسعار الحديد هذه الأيام أخذت في الارتفاع مجدداً للمرة الثالثة أو الرابعة؛ وذلك لتحسم فكرة بناء البيوت بالحديد المسلح من ذهن كثيرين, والاستعاضة عنه بالشعر, أو بالخشب! وقد شرعت بعض المصانع المحلية في رفع الأسعار بشكل تدريجي حتى يتقبل المواطن هذا النوع من الارتفاع في غمرة فرحة العيد!! وبعضها يستعد لذلك مع بداية السنة الجديدة! كمناسبة سعيدة لرفع الأسعار! حيث سترتفع بنسبة 15 في المائة تقريباً, وهي بشرى أزفها إلى المقاولين, وإلى المواطنين على حد سواء! وحين ترتفع الأسعار إلى هذا الحد, تطل علينا بعض التصريحات المسكنة من المنتجين والمصنعين, فحواها: أن هذا الارتفاع سببه: ارتفاع الطلب العالمي على الحديد - وخاصة من الصين - مما خلق أزمة حقيقية في أسواق الحديد العالمية, وأفرز شُحّاً في المعروض العالمي, إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الخام للحديد في الأسواق الخارجية, وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين, وارتفاع أسعار خردة الحديد في السوق المحلي ناهيك عن النهضة العمرانية التي تشهدها السعودية, التي أدت إلى ارتفاع الطلب على الحديد, فضلاً عن تراجع الدولار في الأسواق العالمية, مما أدى إلى انخفاض الريال.. إلخ, وهذه الأعذار فيها الكثير من الحق, ولكن هذا لا يعني أن تبقى الجهات المسؤولة في موقف المتفرج! فما من مشكلة إلا ولها حل, وإذا كانت هذه المبررات صحيحة, فإنه يوجد الكثير من التقصير من جهات الرقابة على منطقية هذا الحجم من الارتفاع, بمعنى أن هذه المبررات هل تعطي الحق في الزيادة بما نسبته 15 في المائة؟ هذا أولاً. وثانياً: لماذا لا تتم الرقابة على بعض التجار الذين يقومون بتخزين كميات كبيرة من الحديد, بغرض الاحتكار, وبيعها بعد ذلك حين يقع عجز في السوق المحلي؟ ونحن نعلم أن الاحتكار محرم شرعاً ونظاماً!. وثالثاً: هل تقوم وزارة التجارة بمراقبة خفض المخزون الاستراتيجي من الحديد في المصانع الوطنية, وبشكل دوري؟ حتى تتأكد من زيادة إمدادات السوق بالحديد المطلوب - وكانت الوزارة قد أصدرت في السابق قراراً بإلزام جميع المصنعين بعدم تجاوز مخزون الحديد 10 في المائة - وهل يمكن تخفيض هذه النسبة؛ لخفض الأسعار ما أمكن؟ ورابعاً: لماذا لا تتحرك الجهات المسؤولة بفتح باب الاستيراد على مصراعيه لفترة زمنية محددة, مع رفع الرسوم الجمركية, لتشجيع الاستيراد؟ كما فعلت الحكومة الأمريكية, حين فتحت أسواقها أمام الواردات من الحديد, مما أسهم في خفض الأسعار في الولايات الأمريكية, بل أسهم في تحويل جزء من الصادرات العالمية إلى أمريكا مما أدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية. وخامساً: لماذا لا تمنع المصانع الوطنية من التصدير؛ للتركيز على السوق المحلي, كما فعلت روسيا قبل مدة, حين اقتصر إنتاجها على سوقها المحلي, مما أسهم في سد العجز الداخلي, وبالتالي إلى تخفيض الأسعار؟ وإذا لم يمكن منع التصدير لوجود بعض الاتفاقيات الدولية, فلماذا لا يمنع إلا بأقل القليل؛ لتكثير المعروض, من أجل المساهمة في خفض الأسعار, ولا سيما أن الشركة السعودية للحديد والصلب "حديد" كان لها موقف مشرف, حين أعلنت قبل مدة: وقف تصديرها الخارجي من الحديد للدول الخليجية, والمرجو من هذه الشركة الأم أن توقف التصدير إلى الخارج كلياً؛ للإسهام في خفض الأسعار, وهو موقف أخلاقي يحسب لها, والغريب أن يدعي بعض التجار الموزعين أن إيقاف التصدير يسهم في ظهور السوق السوداء, في الوقت الذي أعلن فيه رئيس إحدى شركات الحديد الوطنية, أن إيقاف التصدير يسهم في منع ظهور السوق السوداء!! (بلا تعليق!)
إن على الجهات المسؤولة أن تبحث عن الحل المناسب لهذا الموضوع الذي يقلق المواطن بشكل يومي, سواء من خلال ما ذكر أعلاه, أو من خلال إنشاء مصانع حديد إضافية, من أجل تكثير المعروض, أو من خلال زيادة الطاقة الإنتاجية للمصانع الموجودة إلى أكثر حد ممكن, مع تفعيل الرقابة على المنتجين الذين نسمع بين حين وآخر وجود اتفاقات أو تحالفات في الخفاء (غير معلنة) بينهم لرفع الأسعار إلى حدود غير واقعية, والواجب أن يكون حساب الأسعار حسب التكلفة على المصنع, لا أن تقاس الأسعار حسبما هو موجود في الخارج, كما صرح بذلك غير واحد من أصحاب الاختصاص, أما دعوة أحد الموزعين أو المنتجين بضرورة تقبل المشكلة بكل تفاصيلها بحجة أنها أزمة جميع الدول العالمية فهي دعوة مقبولة لو كان مال كل مواطن بحجم ثروة ذلك الموزع أو المنتج! ثم إن هذا لا يعني الوقوف أمام هذه الأزمة بشكل سلبي, بل لا بد من تحرك سريع يخفف من هذه الأزمة, وقد قرر الفقهاء قاعدة فقهية مهمة, وهي أن: "تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة", وأن "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح", وأن "المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة", وأن من السياسة الشرعية تدخل الإمام لحل الأزمات الداخلية بالمصالح المرسلة, وما ذكرته من وسائل هي جزء لا يتجزأ من المصالح المرسلة حسب رأيي المتواضع, ومنع التصدير بالقدر الممكن, وفتح الاستيراد دون رسم جمركي, إذا كان من شأنه أن يخفف من لهيب الأسعار, فيجب التحرك لذلك؛ تحقيقاً للمصلحة العامة المقدمة على المصلحة الخاصة, والله ولي التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي