توقعات بإصدار صكوك إسلامية بـ 3 تريليونات دولار عام 2015

توقعات بإصدار صكوك إسلامية بـ 3 تريليونات دولار عام 2015

أكد صندوق النقد الدولي في دراسة حديثة له أن الصيرفة الإسلامية تشهد نموا متسارعا في الوقت الحاضر ليس بسبب تنامي السيولة المالية في دول المنطقة فحسب، بل بسبب توسع رقعة الحلول والمنتجات المالية الإسلامية التي تواكب احتياجات قطاعات واسعة من المستثمرين سواء الحكومات أو الشركات أو المؤسسات المالية الإسلامية نفسها.
ولاحظت الدراسة حدوث تحول كبير للمستثمرين الذين كانوا في السابق يلجأون إلى صناديق التحوط وأدوات الدين التقيلدية إلى إصدارات الصكوك الإسلامية، حيث تضاعف حجم هذه الإصدارات أربع مرات بين عامي 2004 و 2006 من 7.2 مليار دولار إلى 27 مليار دولار.
وحظيت إصدارات الصكوك في دول مجلس التعاون الخليجي بدعم قوي من الحكومات الخليجية نفسها، حيث قام العديد منها وبنوك مركزية خليجية باستبدال جزء من إصدارات الخزانة بالصكوك الإسلامية، حيث يقوم مصرف البحرين المركزي على سبيل المثال بإصدار صكوك السلم بواقع 40 مليون دولار أسبوعيا.
ولم تقتصر هذه التوجهات على الدول الإسلامية، بل طالت الأسواق العالمية أيضا، حيث أعلنت وزارة المالية البريطانية في وقت سابق أنها تدرس إصدار أول صكوك إسلامية للحصول على أموال للخزانة البريطانية من السوق المالي الإسلامي. ولم تكشف الحكومة البريطانية عن حجم الإصدار إلا أن وزير المالية البريطانية قال إن السوق المالية الإسلامية تتمتع بسيولة كبيرة تصل إلى 250 مليار دولار أمريكي، علاوة على أن الهيكل المتعارف عليه لإصدار الصكوك يحقق مزايا كثيرة للخزانة البريطانية. وسوف تغطي دراسة الجدوى التي تقوم الوزارة بإعدادها علاقة الإصدار بالمديونية العامة للحكومة.
وسبق لدراسة نشرت على موقع البنك الدولي أن قالت إن خبراء الصيرفة الإسلامية يقدرون أن تبلغ حجم إصدارات الصكوك الإسلامية ثلاثة تريليونات دولار أمريكي بحلول عام 2015.
وقال خبراء إن الصكوك الإسلامية برزت خلال السنوات الأخيرة كواحدة من أهم الأدوات الاستثمارية والتمويلية الإسلامية الأكثر نفوذا وفاعلية في العمليات المصرفية والاقتصادية المختلفة، حيث استطاعت أن تجد لها موطئ قدم في أسواق المال العالمية. وقد تمكنت الصكوك الإسلامية من استقطاب أعداد كبيرة من المستثمرين من مختلف دول العالم، وليس في العالم الإسلامي فحسب، إذ أصبحت الصكوك الموازية للسندات في الاستثمار المصرفي التقليدي متاحة للجميع أفراداً وشركات وحكومات في دول أوروبا وآسيا وأمريكا. ووفقا للدراسة التي أصدرها صندوق النقد الدولي، فقد عرفت هيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية 14 نوعا من إصدارات الصكوك الإسلامية، إلا أنها جميعها تعتمد على ثلاث صيغ من التمويل الإسلامي والمرابحة والمشاركة والإجارة.
وتعد الصكوك الإسلامية هي البديل الإسلامي للسندات، مثلما أن المرابحة هي بديل للقرض، وهي تصدر مقابل أصول، وغالباً ما تكون عقارية أو أصول أوراق مالية ذات عائد، والصكوك تكون على مدى متوسط أو بعيد في العادة خمس سنوات وأكثر. ويتم الاكتتاب بها من عدة جهات، وتحصل الشركة على نقد فوري مقابل هذه الصكوك بفائدة أو ربح سنوي ثابت، ويمكن تداول هذه الصكوك من قبل الجهات المالية التي أصدرتها، ويمكن أيضا تحويلها إلى أسهم إذا كانت صكوكا قابلة للتحويل وهذا ما يميزها عن القرض، حيث إن الأخير لا يمكن تحويله إلى أسهم.
وتزامن الانتشار الكبير الذي بدأت تحققه الصكوك الإسلامية، مع ظهور دعوات عديدة من الخبراء في قطاع المصارف والبنوك إلى المزيد من التوسع في إصدار الصكوك بعوائد أرباح مجزية، لجذب أعداد إضافية من المستثمرين، فالصكوك باعتبارها أداة من أدوات التمويل، أصبحت من الأدوات الناجحة التي فيها الكثير من القيمة المضافة، سواء للحكومات، أو الشركات الكبرى. وحتى الآن تعد ماليزيا أكبر سوق سندات إسلامية (صكوك) حيث تم فيها إصدار ثلاثة أرباع الصكوك الإسلامية العالمية على مدى العقد الماضي، كما تنشط شركات الغاز والنفط بشكل خاص في هذا البلد بشكل كبير في إصدار الصكوك، فشركات مثل شل ماليزيا وبتروناس الحكومية تقوم بإدارة صكوك بمليارات الرينجيت. وفي شهر أيلول (سبتمبر) 2006 قامت شركة «خزانة» الذراع الاستثمارية الماليزية، بجمع ما قيمته 750 مليون دولار في واحدة من كبرى عمليات بيع صكوك إسلامية قابلة للتحول في جنوب شرق آسيا وهي الصفقة التي تمت بمشاركة مصرفيين سعوديين ومؤسسات مالية أخرى في دول الخليج.
أما في دول الخليج العربية، فقد قامت شركة سابك بإصدار صكوك إسلامية في السوق السعودية المحلية بقيمة ثلاث مليارات ريال، والذي شكل أكبر إصدار للصكوك على مستوى المنطقة. وتعد تجربة إصدار «سابك» للصكوك خطوة بالغة الأهمية في مسيرتها، حيث لقيت هذه الصكوك إقبالا واسعا من المستثمرين السعوديين عند طرحها للاكتتاب، كما أنها مهدت الطريق بهذه الخطوة لفتح قناة استثمارية رأسمالية في السعودية غير الأسهم للمساهمة في تطوير السوق المالي السعودي وتزويد المستثمرين بخيارات أوسع للاستثمار. وأعطى اعتماد الصكوك الإسلامية على أصول عقارية أو أوراق مالية، المزيد من الثقة للشركات الكبرى في العالم، للدخول في مشاريع تمويل البنية التحتية والطاقة والتطوير العقاري، حيث تعتزم شركة «أرامكو» إنفاق ما لا يقل عن 50 مليار دولار في السنوات القليلة المقبلة، سيتم جمع جزء كبير منها عبر إصدار صكوك.
وفي قطر يفكر المسؤولون هناك في اللجوء إلى سوق الصكوك الإسلامية لتمويل ما يصل إلى 60 مليار دولار من مشاريع الطاقة بحلول عام 2010 كما كشفت الحكومة الكويتية عن أنها تحتاج إلى استثمار 64 مليار دولار على الأقل في السنوات المقبلة لتطوير صناعة الطاقة وتعزيز طاقة إنتاج النفط. وفي البحرين تم أخيرا إصدار صكوك بقيمة 1.1 مليار دولار لمصلحة أركابيتا بنك ، كما أصدر مصرف البحرين المركزي صكوكا قيمتها 3‚1 مليار دولار في تسعة إصدارات منذ عام 2001 تم أدارج جزء منها تبلغ قيمته 780 مليون دولار في سوق البحرين للأوراق المالية، كما تصدر المؤسسة أيضا «صكوك السلم» وهي صكوك شهرية بقيمة 40 مليون دولار من أجل امتصاص السيولة الزائدة في السوق ولكنها لا تدرجها في البورصة. أما في الإمارات فقد تصدر بنك دبي الإسلامي المركز الأول لإصدارات الصكوك على مستوى العالم خلال العام الماضي حيث قام البنك بإدارة إصدارات صكوك بقيمة 775‚1 مليار دولار ليستحوذ بذلك على نسبة 8‚20 في المائة من حصة السوق لإصدارات الصكوك في العالم.
ويتوقع لإصدارات الصكوك في دول الخليج العربية أن تشهد نموا مطرداً خلال السنوات القليلة المقبلة مع تشجيع الحكومات لإصدار الصكوك من الشركات المملوكة للدولة، بيد أنه مع هذا النمو المتوقع تبدو الحاجة ملحة إلى إنشاء سوق ثانوية لهذه الصكوك لجذب المستثمرين، خاصة مع تواصل ازدياد السيولة في دول الخليج، حيث دعا خبراء ومصرفيون إلى وضع آليات تساعد على تداول هذه الصكوك بدلا من لجوء المستثمرين إلى الاحتفاظ بها الأمر الذي يحول دون قيام أسواق ثانوية لهذا المنتج.
ويعتقد هؤلاء أنه يجب الاستفادة من السيولة العالية التي تتوافر بالمنطقة من جراء ارتفاع أسعار البترول، لكن على المسؤولين أيضا تطوير هذا المنتج «الصكوك» حتى يرغب المستثمرون في الدخول إليه واستثماره بالطريقة الصحيحة. وأفضل طريقة لجذب المستثمرين تتم من خلال رفع مستوى العائد عليها فرأس المال يبحث عن الفائدة المجزية التي سيحصل عليها. وأضافوا أن فرصة الصكوك لمواصلة انتشارها عالميا ستكون متاحة خاصة مع تعدد المنتجات التابعة لها مثل صكوك الإجارة والسلم والمضاربة، مطالبين بضرورة تثقيف الناس بما أسماه ثقافة الصكوك، مشيرين إلى أن كثيرين لا يعرفون مثلا أن الصكوك يمكن تبادلها بيعا وشراء أو ما هو العائد الإيجابي من عملية البيع والشراء هذه، وهو الأمر الذي يتسبب في احتفاظ المستثمرين بالصكوك وليس تداولها وهو الأمر الذي يحول دون قيام أسواق ثانوية بهذا المنتج. ومن أجل تحقيق الانتشار المطلوب للصكوك الإسلامية، دعا خبراء في التمويل الإسلامي إلى توحيد معايير منتجات التمويل الإسلامي، وقالوا إن التفسيرات المختلفة للشريعة تعطل قطاع التمويل الإسلامي إذ تربك المستثمرين. ومن الأمثلة على المنتجات الإسلامية, صعوبة بيع المنتجات بين الأسواق المختلفة التي وجدت صعوبة في الانتقال من سوق لأخرى بسبب تفسيرات مختلفة للشريعة الصكوك الإسلامية.
ويعتقد أن قطاع التمويل الإسلامي يراوح حجمه بين 200 مليار دولار و400 مليار دولار على مستوى العالم وتعزز بدرجة كبيرة بإعادة تدوير إيرادات النفط من منطقة الخليج ويستند إلى مفهوم المشاركة في الأرباح بدلا من أسعار الفائدة.

الأكثر قراءة