حكومة قطر تتجه لبناء محفظة بعيدة المدى للاستثمار في الشركات العالمية
تتجه قطر لبناء محفظة استراتيجية طويلة المدى من خلال الاستثمار في أسهم وشركات عالمية تتميز بالعراقة وارتفاع مستوى الأداء الاقتصادي، والحصول على حصص استراتيجية في أفضل البورصات الأوروبية والعالمية. وقال مصدر في جهاز قطر للاستثمار إن شركة قطر القابضة المملوكة للجهاز بالكامل، التي استحوذت على حصة تقدر بنسبة 9.98 في المائة من البورصة الإسكندنافية OMX إلى جانب استحواذها على 20.8 في المائة من بورصة لندن العريقة التي تعد أكبر سوق للأسهم في أوروبا التي تشكل خمس أسهم بورصة لندن للأوراق المالية, تعزز تلك الاستراتيجية. وبحسب محللين فإن جهاز قطر للاستثمار التي تدير الاستثمارات في قطر عرضت 14 جنيها استرلينيا للسهم الواحد (نحو 8.1 مليار دولار بالإجمال) أي بارتفاع بسيط عن سعر السهم في البورصة الذي كان نحو 9.13 جنيه استرليني في الأيام الماضية.
وقال المصدر إن شركة بورصة لندن تتميز بمعدل نمو متميز، إضافة إلى تطور الأساليب والخدمات التكنولوجية المتطورة التي تقدمها البورصة، ما يجعلها في طليعة الأسواق العالمية الجاذبة للمستثمرين والمتعاملين على حد سواء، كما يرى الجهاز أن البورصة الإسكندنافية OMX تعد من البورصات الأوروبية الطموحة وذات المستقبل الواعد، وليست لدى جهاز قطر أو "قطر القابضة"، في الوقت الراهن، النية لتقديم عرض للاستحواذ على كامل بورصة لندن، مع احتفاظ الجهاز بكامل الحق في حالة إعلان أي طرف ثالث عن الرغبة في الاستحواذ على كامل السوق.
على صعيد آخر توصلت شركة سنسبيري البريطانية وصندوق دلتا 2 المملوك لجهاز قطر للاستثمار إلى اتفاق بخصوص قيام صندوق دلتا 2 تقديم عرض لشراء 75 في المائة من أسهم شركة سنسبيري البريطانية المطروحة في سوق لندن للأوراق المالية بسعر ستة جنيهات استرلينية للسهم الواحد وبقيمة إجمالية للشركة تقارب 105 مليارات جنيه استرليني.
يأتي هذا الإعلان بعد مفاوضات مكثفة من قبل الطرفين للتوصل لهذا الاتفاق وأن اتفاق القبول المبدئي لعرض دلتا 2 من قبل مجلس إدارة شركة السنسبيري البريطانية وإعطاء صندوق دلتا 2 الحق في تدقيق البيانات المالية لشركة سنسبيري في مدة محددة من قبل الطرفين من أجل تقديم العرض الرسمي بعد المدة المحددة.
وعدلت أطراف أخرى كانت مهتمة بالمساهمة في بورصة لندن عن ذلك في الأيام الماضية, ولا سيما البورصة الألمانية ومجموعة مؤسسات مالية إيطالية.
وانسحاب المرشحين الآخرين أتاح لقطر تجنب المزايدة بشكل كبير كما أعلن المحلل أندرو ميتشل لمجلة "فوربس".
وبالنسبة لبورصة لندن فإن وصول قطر سيتيح لها تجنب أن تقحم برأسمالها في بورصة قوية ربما تكون تخطط لإطلاق عرض شراء عام لكل المجموعة.
فيما أشاد عدد من الخبراء الاقتصاديين ورجال الأعمال بالخطوة التي اتخذها جهاز استثمار قطر, وأكدوا أنها تساعد على تنويع الاستثمارات القطرية وتعزز مكانة قطر في الأسواق المالية العالمية. وأكد الدكتور سيف السويدي أستاذ الاقتصاد في جامعة قطر, أن الصفقة خطوة متقدمة جدا في تنويع الاستثمارات القطرية وتساعد دولة قطر على استثمار العوائد النفطية الضخمة التي تحققت بارتفاع أسعار النفط وتفادي الأخطاء السابقة التي وقعت فيها دول الخليج عندما ارتفعت أسعار النفط إلى مستويات قياسية في السابق ولكنها لم تنجح في استثمار تلك العوائد الضخمة في تنويع الاقتصادات.
تستهدف هذه الخطوة جعل الاقتصاد القطري أكثر قوة في اقتحام الأسواق العالمية, ما يعزز ثقة العالم بالاقتصاد القطري وينعكس على جذب مزيد من الاستثمارات إلى داخل قطر.
وقال الخبير المصرفي سامر الجاعوني إن قيام جهاز قطر للاستثمار بشراء 20.8 في المائة من بورصة لندن يأتي ضمن التوجهات القطرية لتنويع الاستثمارات في الآونة الأخيرة والتوجه نحو الاستثمار الخارجي في العديد من المجالات تلك التي ظهرت قبل فترة عبر الاستثمار في العقار وقبلها أيضا التوجه للاستحواذ على حصص في شركات عالمية, وأخيرا التوجه للاستثمار في القطاع المالي على المستوى العالمي
وأضاف الجاعوني أن مثل هذا النوع من الاستثمارات وتنويعها يبين حسن إدارة الفوائض من السيولة وتوجيهها بالشكل الأمثل لاستثمارات طويلة الأجل وذات عوائد مجزية, منوها بأن الاستثمار في القطاع المالي أثبت أنه استثمار مجد ويحقق عوائد مجزية على المدى الطويل.
وبين الجاعوني أنه انطلاقا من كون بورصة لندن تعد ثاني أكبر بورصة في العالم من حيث القيمة السوقية بعد بورصة نيويورك فإن شراء حصة فيها له دلالات إيجابية تؤكد قوة الاقتصاد القطري وقابليته للتوسع وتنويع الاستثمارات.