رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المعادلة الصعبة للإنفاق وتوجيه الفائض في موازنة الدولة

[email protected]

المعادلة الصعبة التي تواجه موازنة 2008 هي في قدرتها على كبح جماح التضخم وخلق وظائف جديدة مع الاستمرار في الإنفاق الرأسمالي لإكمال مشاريع البنية التحتية، وتقوية مخرجات الموارد البشرية المتمثلة في التدريب والتعليم ومواجهة متطلبات الأفراد المعيشية والصحية. وهي كما يبدو صعبة التحقيق للغاية، خصوصاً في المدى القصير (خلال عام هو عمر الموازنة نفسها). وإذا كان الإنفاق الرأسمالي والتركيز على الموارد البشرية ضمن اهتمامات وأهداف موازنة 2008، فإن مسألة التضخم لم تكن ضمن تلك الاهتمامات على ما يبدو. ويتضح ذلك من أوجه صرف فائض ميزانية 2007 الذي ذهب جزء منه (30 في المائة) إلى تسديد جزء من الدين العام ليصل إلى 19 في المائة من إجمال الناتج المحلي، وجزء ثان (15 في المائة) لصندوق التنمية العقارية على خمس سنوات، وآخرها (55 في المائة) لتكوين الاحتياطيات الرسمية للدولة.
ولعل الاستمرار في خفض الدين العام يجعلنا نعتقد بعدم استهداف الموازنة العامة للدولة محاربة التضخم في 2008. إذ إن خفض الدين العام يعني زيادة السيولة في الاقتصاد المحلي. فالبنوك ومؤسسات التقاعد والتأمينات التي تسلمت استحقاقات السندات الحكومية نقداً ستعمل على إعادة ذلك النقد في صورة قروض واستثمارات، مما يعني زيادة عرض النقود، وبالتالي زيادة معدلات التضخم. وهو الأمر الذي دعانا إلى دعوة الحكومة إلى التريث في تسديد الدين العام في الوقت الحالي، خصوصاً أن الدين العام وصل إلى مستويات متدنية ومقبولة بالنسبة إلى إجمالي الناتج المحلي، ناهيك عن أن سوق الأوراق المالية السعودية في أمس الحاجة إلى سوق سندات عميق يشكل خياراً استثمارياً ضمن قنوات الاستثمارات الضيقة أمام المستثمرين المحليين. إضافة إلى ذلك، فإن السوق المالية بحاجة ماسة لسوق سندات للشركات المدرجة في السوق حيث اضطروا لإصدار سندات وبيع معظمها في السواق العالمية بدلاً من المحلية لغياب سوق مرجعية لتبادل السندات والصكوك.
وبقراءة لضخ خمسة مليارات ريال لصندوق التنمية العقاري خلال 2008 فإن هذه الخطوة قد لا تفيد كثيراً في حل أزمة الإسكان التي تمر بها المملكة. فضخ المزيد من الأموال للصندوق دون تغيير آلياته، وتحسين أنظمة سوق الإسكان وسوق الإقراض العقاري لن يضيف قيد أنملة لأزمة الإسكان، خصوصاً أن الخمسة مليارات ريال ستذهب لأناس ينتظرون القرض منذ 15 عاماً، وكان معظم هؤلاء قد أوجدوا لأنفسهم بدائل أخرى لحل مسألة الإسكان الخاصة بهم. فتلك المبالغ قد تساعد في تقليص عمر انتظار المتقدمين للصندوق، ولكن دون إضافة واضحة لأزمة الإسكان الحالية.
وآخر جزء من الفائض – والحصة الأكبر 56 في المائة من حجم الفائض البالغ 5.178 مليار ريال – ذهبت لتكوين الاحتياطيات الرسمية للدولة. وهي الاحتياطيات التي تجاوزت ترليون ريال. وإذا كانت مبرراتها تكمن حفظها للأجيال المقبلة لعدم قدرة الاقتصاد الحالي في استيعابها، فإنها تستلزم وجود استراتيجية استثمار واضحة تتبنى آلية واضحة.
وسيأتي عام 2008 بفائض قدره 40 مليارا حسب التقديرات الأولية. لكن الفائض الفعلي قد يكون أعلى من تلك التقديرات إذا نجحت أسعار النفط في المحافظة على مستوياتها الحالية مع استمرار إنتاج النفط السعودي في مستوياته الحالية. وقد يستمر الفائض الفعلي في الانخفاض عن مستويات 2007 و2006، حيث إن تراجع الفائض في 2007 مع تراجع مستويات نمو الاقتصاد الأخرى مثل نمو القطاع الخاص والحكومي وإجمالي الناتج المحلي الحقيقي مثار تساؤل يدعونا إلى وضع تساؤلات كثيرة أمام صانع القرار في أسباب ذلك التراجع مع معرفة رؤيتهم وتوقعاتهم للسنوات المقبلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي