رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


زيادة الرواتب علاج مسكن!

[email protected]

زيادة الرواتب بدون شك حل مؤقت (يسِكن الألم)، لكن على المدى البعيد سوف يخلق تشوهات للاقتصاد ويفاقم من تكلفة القطاع العام ويحوله إلى جهاز للضمان الاجتماعي، وكلنا نعرف أن الإنتاجية في هذا القطاع ما زالت عند مستويات متدنية، بل مخجلة!
الزيادة في الرواتب لن تحدث (نقلة نوعية) في حياة الناس، بل أغلبها سيذهب لتعزيز القيم الاستهلاكية، وإذا كان (البعض) سوف يستفيد من الزيادة لمواجهة أعباء الديون، ولكن المشكلة لديهم ستكون باقية لسنوات طويلة.
ربما المفيد للمجتمع وللدولة ولاستمرار التنمية هو تكثيف الإنفاق على مشاريع (الإسكان) ومشاريع التعليم والصحة، والشخص الذي فقد بيته جراء الجنون وراء الأسهم والطمع في ثروة سريعة، هذا يحتاج إلى بيت لكي يستقر ويعيد ترتيب أولوياته، وحتى لا ينسحب الأثر السيئ لقراراته على حياة أسرته.
الكتلة النقدية الكبيرة إذا وجهت إلى برامج حيوية في الإسكان وعززت بصناديق مساعدات تعمل بآليات موضوعية وعادلة، ربما أفضل لنا كمجتمع ولاقتصادنا من رفع تكلفة القطاع العام، والتوجه الاستراتيجي هو أن يتم خفض حجم القطاع العام، وتقليص الإنفاق عليه.
في الطفرة الأولى رغم إيجابياتها العديدة، ثمة سلبية كبيرة نتجت عنها، أبرزها تكبير القطاع العام، مما أدى إلى إيقاف نمو المؤسسات التعاونية والخيرية وقلل من فاعليتها، والآن نحن نجاهد لإعادة بناء مؤسسات المجتمع المدني، وحتى القطاع الخاص كان حينئذ فاعلا في تقديم الخدمات، والآن نحن نجاهد في سبيل (التخصيص).
أيضاً والتوسع في بناء القطاع العام عزز ثقافة (الإتكال على الحكومة) في كل شيء، فعلى سبيل المثال، بقيت مدننا ولسنوات طويلة تنتظر ما تقدمه الحكومة من موارد لتمضي في خدماتها، ولم تطور آليات الاستثمار، وهكذا بقيت مدننا تقدم الحد الأدنى من الخدمات وثمة جانب سلبي آخر لتوسع القطاع العام، وهو ضعف آليات جمع الإيرادات الحكومية، وهذا الجانب تم تداركه في السنوات الأخيرة، وأصبحت الآليات أكثر كفاءة، وهذا ساعد على تعزيز الدخل غير النفطي.
أيضا ثمة جانب آخر سلبي لزيادة الرواتب يجعلها غير مفيده للاقتصاد الوطني، وهو أن أغلب هذه الزيادة ستذهب إلى تجارة التجزئة، التي يسيطر عليها التستر التجاري بشكل كبير، أي أن أغلب أرباح هذا القطاع لن تكون قيمة مضافة للاقتصاد، بل ستتسرب للخارج.
ندرك أن التوجهات لزيادة الرواتب تعزز الإحساس الإنساني النبيل للدولة بضرورة تخفيف سلبيات الظروف الصعبة التي تواجهها شريحة معتبرة في المجتمع جراء الإغراق في الديون وارتفاع تكاليف المعيشة، وهذا توجه إيجابي بدون شك، ولكن هو ـ كما ذكرنا ـ حل قد يساعد على حل مشكلة قائمة، لكن ثمن هذا الحل سيرحل للأجيال القادمة!
أصحاب المشكلات الحقيقية، يحتاجون إلى حلول تحدث نقلات نوعية في حياتهم، نقلات تنعكس على قدرتهم على التعامل مع الحياة، وثمة إجماع على أن (المسكن) هو الذي تتفرع منه أغلب هموم ومشكلات المجتمع السعودي، وحل هذه المشكلة أفضل من زيادات تسكن الألم ولا تعالج المرض.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي