أسعار النفط.. مستقبل الأسواق المالية الخليجية
من أهم مميزات الأسواق المالية الخليجية سرعة تضاعف قيمتها السوقية خلال السنوات القليلة الماضية، عطفا على العديد من المسببات. من أهم هذه المسببات زيادة أسعار النفط العالمية، و توجه اقتصادات الخليج نحو برامج التخصيص ودعم الاستثمار المحلي.
نشرت دراسة الشهر الماضي في مجلة "الأسواق، والمؤسسات، والأموال الدولية" Journal of International Financial Markets, Institutions & Money بعنوان "خواص العوائد الدائمة و المؤقتة في الأسواق المالية شديدة الحساسية للنفط: حالة دول مجلس التعاون الخليجي".
هدفت الدراسة إلى التعرف على سلوك الأسواق المالية الخليجية عندما تواجه أسواق النفط العالمية تذبذبات في أسعار النفط. قبيل مناقشة النتائج التي توصلت إليها الدراسة فإنه من الأهمية بمكان مدارسة طبيعة الأسواق المالية الخليجية ومميزاتها.
من أهم مميزات الأسواق المالية الخليجية سرعة تضاعف قيمتها السوقية خلال السنوات القليلة الماضية، عطفا على العديد من المسببات. من أهم هذه المسببات زيادة أسعار النفط العالمية، و توجه اقتصادات الخليج نحو برامج التخصيص ودعم الاستثمار المحلي. من أهم مميزات الأسواق المالية الخليجية أيضا أنها ينتظرها مستقبل مشرق، عطفاَ على امتلاك اقتصاداتها نسبة كبيرة من مخزون النفط العالمي.
اعتمدت الدراسة على بيانات الأسواق المالية الخليجية خلال الفترة من 2000 إلى 2006م، و مقارنتها بأسعار النفط في أسواق النفط العالمية خلال الفترة ذاتها. ألحقت هذه المقارنة بمقارنة مشابهة لبيانات السوق المالية المكسيكسة.
اختيرت السوق المالية المكسيكسة عوضا عن غيرها من الأسواق المالية كون المكسيك دولة مصدرة للنفط ولكنها ليست عوضا في منظمة "أوبك". ألحقت كلا المقارنتين بمقارنة مشابهة مع مؤشر الأسواق العالمية MSCI World، وهو مؤشر موحد لـ 23 سوقا مالية متقدمة.
توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج المهمة التي تشكل في مجملها أرضية أولية لقراءة مستقبل الأسواق المالية الخليجية.
النتائج كما يلي:
1. تختلف كل سوق مالية خليجية عن الأخرى من ناحيتي نسبة ومدة تذبذب أسعار أسهمها خلال فترات تذبذب أسعار النفط العالمية.
2. تعد ربحية السوق المالية السعودية "تداول" ومثيلتها العمانية الأعلى من بين الأسواق المالية الخليجية خلال فترات تذبذب أسعار النفط العالمية. تقترح هذه النتيجة إن طبيعة الاستثمار في هذه السوقين الماليتين يجب أن يوجه نحو الاستثمار طويل الأجل عوضا عن القصير والمتوسط.
3. تعد نسبة تذبذب أسعار أسهم الأسواق المالية الخليجية الأقل مقارنة بمثيلاتها في الدول النفطية الأخرى كالمكسيك.
4. هناك علاقة متواضعة بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي والأسواق النفطية والمالية العالمية مقارنة بالاقتصاد المكسيكي. وبالتالي فإن الأسواق المالية الخليجية توفر تنوعا في المجالات الاستثمارية أكثر من السوق المالية المكسيكية.
تحمل هذه النتائج في طياتها العديد من الفوائد حول مستقبل الأسواق المالية الخليجية في ظل التطورات الحالية في سوق النفط العالمية. حيث شهدت العاصمة السعودية الرياض خلال الأسابيع الثلاثة الماضية حدثين مهمين ذَوَي علاقة بأسواق النفط العالمية و مثيلاتها المالية.
الحدث الأول ذو بعد عالمي تمثل في القمة الثالثة لقادة ورؤساء حكومات الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك". والحدث الثاني ذو بعد محلي تمثل في تعيين مجلس الوزراء الموقر مجلس إدارة السوق المالية "تداول".
نتج عن الحدث الأول "إعلان المبادئ الثالث"، وما تضمنه الإعلان من وضع الخطوط العريضة لسياسة منظمة "أوبك" تجاه استدامة إمداد أسواق النفط العالمية بالنفط الخام على المدى البعيد. ونتج عن الحدث الثاني بداية مرحلة الفصل التام بين مسؤوليات هيئة السوق المالية السعودية التنظيمية والإشرافية عن المسؤوليات التنفيذية.
وعلى الرغم من درجة التباين بين بعد واختصاص كلا الحدثين، إلا أنهما يحملان في طياتها العديد من الانعكاسات على مستقبل الأسواق المالية الخليجية، مما يجعل من أمر مستقبل هذه الأسواق خلال الفترة المقبلة أمراً جديرا بالقراءة.