مظاهر التضخم ليست في زيادة الأسعار فقط !!!
لقد أصبح اليوم من المشاهد والمعروف الزيادة الواضحة في أسعار السلع والخدمات، وأصبحت نسبة التضخم في السوق السعودية إلى ما يقارب الـ 4 في المائة، وما يلامس المواطن قد يزيد على هذه النسبة، رغم أنه كما هو معلوم تم تخفيض أسعار الوقود في السوق المحلية وهذا من شأنه أن يسهم بشكل كبير في خفض الأسعار لا استمرار وتيرة الارتفاعات المتتالية لها، وكما جاء في جريدة "الاقتصادية" بتاريخ 16 شعبان لعام 1428 : " تسارع معدل التضخم في السعودية إلى أعلى مستوياته في سبعة أعوام مسجلا الشهر الماضي 3.83 في المائة، مع ارتفاع الإيجارات نتيجة لتنامي الطلب على العقار وانخفاض المعروض، بينما أسهم ربط العملة بالدولار الضعيف في تفاقم تكاليف واردات المملكة من المواد الغذائية.
وأظهرت بيانات صدرت أمس عن مصلحة الإحصاءات العامة أن معدل التضخم ارتفع إلى 3.83 في المائة في تموز(يوليو) الماضي من 3.1 في المائة في حزيران (يونيو) الذي سبقه، وأن مؤشر تكلفة المعيشة ارتفع إلى 105.6 نقطة مع نهاية تموز(يوليو) الماضي، وهذه أكبر زيادة في المؤشر منذ عام 2000 وسنة الأساس للمؤشر هي 1999. وقالت المصلحة إن الإيجارات ارتفعت بنسبة 9.8 في المائة، في حين قفزت أسعار المواد الغذائية 5.9 في المائة ".
بطبيعة الحال ما سبق هو عبارة عن مقدمة، وقد سبق لكثير من الكتاب، والمحللين الكلام على هذا الموضوع، الذي يشكل بالنسبة للمجتمع نوعا ما أزمة، لم تستقر بعد.
ولكن ما لا بد من الاشارة إليه إلى إن مظاهر التضخم لا تقتصر على زيادة الأسعار في سلع معينة فقط، بل إن ما هو ملاحظ بشكل واضح اليوم أن هناك تغير في مستوى الجودة بين السلع في الأسواق المحلية في الوقت الحالي، والسلع قبل عدة أعوام، حتى أصبحت السوق المحلية أرضا خصبة، لكل ما هو جيد ورديء، وهذا لا بد أن يؤخذ في الاعتبار على أنه نوع من التضخم، حيث إن هناك عدد من السلع أصبحت تقل في الجودة عنها في زمن سابق، مع وجود تقارب في الأسعار بينها اليوم وقبل عدة سنوات، وهذا يسهم بانخفاض واضح في العمر الافتراضي للسلعة بمعنى أن السلعة التي كان عمرها الافتراضي مثلا عشر سنوات في السابق أصبح العمر الافتراضي لها اليوم خمس سنوات بمعنى أنه ينبغي أن ينخفض سعرها إلى النصف، ولكن نجد أن الأسعار لا تكاد تختلف كثيرا وإن اختلفت فليس بالنسبة التي يفترض أن تكون عليها، وهذا يعني أن هناك تضخما أسهم في أن الشركات تتدخل في عامل الجودة لتطرح منتجات أقل كلفة، لتعرضها بأسعار أقل فيما يظهر للمستهلك، مع أنها في الواقع تعد أسعار أعلى، نظرا لأن عشر سنوات تتطلب استخدام قطعتين من السلعة نفسها بدلا من واحدة.
يمكن أن نضيف إلى ذلك أن الكميات أيضا اختلفت فعندما تدخل الى أسواق الخضار والفاكهة تجد أن الصناديق التي كانت تعبأ فيها تلك المنتجات، أصغر بشكل واضح عنه اليوم، وتجد أن الشركات أصبحت تطرح عبوات لمنتجاتها أصغر من التي كانت تطرح في السابق، وبأسعار قد لا تختلف كثيرا عن سعر المنتج بالعبوة التي كانت تعرض به في السابق، فمثلا الصندوق الذي يعرض في السابق وكان يعدل ما يقارب الثلاثة كيلوجرامات، أصبح اليوم لا يتجاوز الكيلوجرامين مثلا ويباع تقريبا بالسعر نفسه.
وما سبق يجعلنا أمام تساؤل: هل الدراسات المتعلقة بالتضخم تأخذ في الاعتبار مثل هذه المتغيرات، أم لا، حيث أن عدم أخذها في الاعتبار يجعل الأرقام التي تعرض فيما يتعلق بخصوص التضخم أقل من نسبة التضخم التي تعانيها السوق المحلية، ويجعل من معالجة المسألة لا ترتبط فقط بمحاولة خفض الأسعار، بل التدقيق في مستوى الجودة.