اليابانيون يلاحقون الصرافة الإسلامية على غرار الغرب
حين نستيقظ في الصباح ونعد العدة لتناول وجبة الإفطار يكون أهل جنوب شرق آسيا قد تناولوا غداءهم. وفي العادة لا نعير اهتماما كبيرا لهذا الأمر. فماذا يمكن أن يحدث هناك ويؤثر في حياتنا؟
يعود الأمر إلى ما قبل 35 سنة حين درجت أولى سيارات نيسان (والتي ما زالت تدعى داتسون) على شوارعنا. كان الاهتمام الياباني بمستقبل السيارات قد بدأ يتوسع على الصعيد العالمي، وما لبث أن أعقبه اهتمام كوريا به. في البداية ضحكنا قليلاً لأن التصميم الأصلي للسيارة كان على شكل صندوق. وبدت تلك السيارات أشبه بنسخ رخيصة عن أخواتها السيارات الأوروبية والأمريكية الأغلى ثمناً والأكثر تقدماً. وفي الوقت نفسه، تعلمنا الدرس. حين يضع أهل آسيان عقلهم في شيء فإنهم يفعلونه بإصرار قوي.
لقد حظرت لتوي المنتدى الماليزي لمصدري التمويل الإسلامي الذي عقد أخيرا في مدينة كوالالمبور. حيث كيف المنظمون الملاويون والسلطات القائمة على السوق المالية في ماليزيا أحدث التنظيمات وأساليب الحكم الرشيد لصالحهم ولصالح اللاعبين في السوق- وقد جنوا ثمار ذلك. فقد أكدوا رغبتهم الشديدة في أن يظلوا القوة الدافعة للزخم العالمي الذي حظي به نظام التمويل الإسلامي. وقد حظيت هذه الصناعة بالقبول والاحترام في سائر أرجاء العالم.
وبالنسبة لي، بلغ المؤتمر أوجه بوجود بنك يمثل الحكومة اليابانية. فقد لاحظ اليابانيون تدفق ما يقارب 500 مليار دولار قطعت المحيط الأطلسي من الشرق الأوسط إلى الولايات المتحدة في السنة الماضية. واعتقدوا أنه سيكون شيئاً ينم عن ذكاء لو حاولوا توجيه جزء من تلك الأموال إلى بلدهم عبر تقديم منتجات تمويل إسلامية كأدوات استثمارية لبلدان الخليج. فقرأوا بأمانة وبصوت عال أساسيات التمويل الإسلامي كما فهموها: تقاسم الربح والخسارة والتمويل القائم على الموجودات. وبالطبع سيأخذون هذه الأفكار معهم إلى بلدهم كما قالوا. وهناك كانوا قد تعاقدوا مع مجموعة من المختصين في هذه الأنشطة من الشرق الأوسط وماليزيا.
وبإمكانك أن تتصور ذلك الفريق في أجنحة في المستشفيات السريرية وفي بيئة معقمة بانتظار العودة بمصدر المعرفة، التي هي مفتاح التمويل الإسلامي، وجاهزين لتأسيس أول صكوك يابانية (تعطي عائداً سنوياً أو شهادة دخل، وهي وسيلة مالية شائعة الاستخدام في نظام التمويل الإسلامي). قد يكون فيها بعض الالتواءات وقد تكون على شكل العلبة في البداية، ولكن من المؤكد أنها لن تستمر طويلاً على هذه الحال.وسوف تشاهد في القريب العاجل الصكوك اليابانية تجول في الشوارع وفي أسواق المال وتأخذ قطعة مهمة من التمويل الإسلامي وتعود بها إلى بلدها اليابان.
وقد أُعلِن أن ذلك كان مبادرة من الحكومة- لبلد لا يوجد فيه عدد كبير من المسلمين- وبعد أن يتحقق نجاحها، سوف يصبح الاستثمار الحالي في المعرفة متاحاً لجميع البنوك اليابانية لتمكينها من اللحاق على الطريق المبين لها وتحقيق النجاح على هذا الصعيد. وفي الخلف كان هناك كوري ودود تصعب ملاحظته، جاء ممثلاً عن البنك الذي يعمل فيه وعن حكومته. لم يكن الكوري بالثقة التي ظهر بها الياباني الذي اعتلى المنصة بشجاعة، ولكنه كان تواقاً لدخول هذا المسرح المالي.
أما الصينيون فيستخدمون مصادر التمويل الإسلامي في ماليزيا بنشاط كبير من قبل وقد جذبهم إليه التكلفة الثابتة للهياكل التمويلية. وإننا نعلم أن اقتصادهم سوف يكون بحاجة كبيرة إلى التمويل، ونعلم أنهم على استعداد لدفع ثمن منافس له. ويمكن للمرء أن يجذب العمل عبر الاعتماد على صداقات الماضي والأمل في أنها سوف تستمر لصالحه.على أن بعض الناس يعتقدون أن التخطيط والإعداد الجيدين وظروف السوق المواتية تأتي بأعمال جيدة وتحقق مستقبلاً جيداً. فما أظرف أولئك اليابانيين!
*خبير بالصرافة الإسلامية ويعمل مستشارا لمكتب Bener للمحاماة بتركيا