نصيب الفرد الخليجي من الناتج يرتفع إلى 78.8 ألف دولار بحلول 2050
أكد مصرف جولدمان ساكس الأمريكي في تقرير حديث أن نصيب الفرد الخليجي من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050 سيصل إلى 78800 دولار، وتختفي بذلك فجوة الدخل بين بلدان المنطقة وبلدان مجموعة السبع الصناعية اختفاء شبه تام، حيث سيصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 97 في المائة من متوسط مجموعة السبع. وحذر البنك من أن المنطقة قد تنمو على هيكل اقتصادي مزدوج، يتميز الأول بأقطاب نمو فائقة الحداثة على نمط دبي، والثاني باستمرار قلة الكفاءة والهدر في الاستغلال العام للموارد من قبل بعض الدول الخليجية.
وأشار التقرير إلى أن هذا التحول الاقتصادي وعملية التنمية التي تقودها العولمة ستقدم كذلك بعض المساندة القوية لأسعار الموجودات في المنطقة (خصوصاً أسعار الأسهم)، وستدفع بالعملة المحلية للمنطقة إلى مَواطن أقوى بكثير خلال العقود المقبلة.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
أكد مصرف جولدمان ساكس الأمريكي في تقرير حديث أن نصيب الفرد الخليجي من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050 سيصل إلى 78800 دولار، وتختفي بذلك فجوة الدخل بين بلدان المنطقة وبلدان مجموعة البلدان الصناعية السبع اختفاء شبه تام، حيث سيصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 97 في المائة من متوسط مجموعة السبع. وحذر البنك من أن المنطقة قد تنمو على هيكل اقتصادي مزدوج، يتميز الأول بأقطاب نمو فائقة الحداثة على نمط دبي، والثاني باستمرار قلة الكفاءة والهدر في الاستغلال العام للموارد من قبل بعض الدول الخليجية. وأشار إلى أن هذا التحول الاقتصادي وعملية التنمية التي تقودها العولمة ستقدم كذلك بعض المساندة القوية لأسعار الموجودات في المنطقة (خصوصاً أسعار الأسهم)، وستدفع بالعملة المحلية للمنطقة إلى مَواطن أقوى بكثير خلال العقود المقبلة.
وذكر أن مستويات الاستثمار السائدة في السعودية متدنية إلى حد ما حسب المقاييس الدولية, فهي لا تتجاوز في المتوسط 15 إلى 18 في المائة, إلا أنه عاد وقال إن باستطاعتها رفع قدرتها الاستيعابية بدرجات ضخمة. "الاقتصادية" تنشر هنا نص هذه الدراسة الذي تظهر فيه جليا وجهة نظر أمريكية.
إن المؤشرات التي وضعها البنك والتي تعرف بعبارة "معيار بيئة النمو" Growth Environment Score GES، تدل على مقدار التحسن الأساسي الذي تم في جميع أنحاء منطقة الخليج وإمكانية النمو المتين لها. ويعد "معيار بيئة النمو" مقياساً إجمالياً موضوعياً لـ 13 متغيراً تعمل على دفع عجلة الإنتاجية وتساعد على تحقيق إمكانات النمو في بلد معين. وفيها ندرس عدداً من العوامل والمتغيرات الأساسية الاجتماعية والاقتصادية والسكانية. وبعد ذلك نستخدم مقاييس بيئة النمو لمقارنتها بظروف النمو عبر نطاق واسع من البلدان حتى نعلم إن كانت توقعاتنا طويلة الأجل حول الناتج المحلي الإجمالي ونصيب الفرد من النمو وهل يرجح لها أن تصبح واقعاً فعلياً أم لا.
إن نتائج قياساتنا لبيئة النمو التي تم تحديثها في الفترة الأخيرة تظهر صورة مشجعة إلى حد ما للنمو في منطقة مجلس التعاون الخليجي. إن جميع بلدان المجلس دون استثناء تحتل الآن أعلى الدرجات في تقييماتنا العالمية. وعلى وجه الخصوص فإن قطر تحتل المركز رقم 24، وتحتل الإمارات المركز رقم 25، الكويت رقم 32، عمان رقم 39، البحرين رقم 42، والسعودية رقم 43 (من أصل 177 دولة) في معيار بيئة النمو.
السيناريو الأساسي: نمو متين وتقارب سريع
للتعبير عن إمكانات المنطقة بصورة كمية، استخدمنا نماذج توقعاتنا الخاصة بالناتج المحلي الإجمالي، والتي استُخدِمت في البداية في توقعاتنا حول بلدان مجموعة بريكس BRICs (أي البرازيل وروسيا والهند والصين). ويعتمد الأنموذج على النظرية الكلاسيكية المحدثة في النمو، وهو يضع العمالة ورأس المال وإنتاجية العامل الإجمالية باعتبارها المحددات الأساسية للنمو الاقتصادي على المدى الطويل.
وحين وضعنا توقعاتنا حول مستويات الناتج المحلي الإجمالي لبلدان مجلس التعاون الخليجي وأوصلناها إلى عام 2050، باعتبارها المرجع الأساسي، فقد راعينا أن تكون توقعاتنا محافظة إلى أكبر قدر ممكن:
مستويات الاستثمار قياساً على متوسط السنوات العشر السابقة: اعتبرنا أن معدل النمو الإجمالي الأساسي كان في المتوسط خلال السنوات العشر السابقة لكل اقتصاد ضمن مجلس التعاون على النحو التالي: البحرين 15.2 في المائة، الكويت 15.6 في المائة، عمان 15.7 في المائة، السعودية 17.9 في المائة، الإمارات 24.7 في المائة، قطر 28.5 في المائة. معنى ذلك أننا لم ندخل في هذه المعدلات التحسن الكبير في المناخ الاستثماري العام حين وضعنا توقعاتنا للسيناريو الأساسي، وافترضنا مستويات استثمار متدنية بصورة معقولة، على الرغم من الإيرادات المرتفعة بصورة غير طبيعية.
التطبيع السكاني التدريجي
اعتبرنا أن معدلات النمو الإقليمي تراوح بين 2 في المائة و2.5 في المائة حتى عام 2015، ثم 1.5 في المائة حتى عام 2040، ثم يصل المعدل إلى ما فوق 1 في المائة بقليل حتى عام 2050. معنى ذلك أننا افترضنا نوعاً من "التطبيع" السكاني التدريجي.
وفي ظل هذه الافتراضات المحافظة إلى حد ما، فإن توقعاتنا تشير إلى نمو اقتصادي سريع بصورة معقولة وكذلك التقارب. ومع انتهاء النصف الأول من القرن الحادي والعشرين، فإن بلدان مجلس التعاون الخليجي يمكن أن تصبح في مصاف الاقتصادات الكبيرة المتطورة، من حيث مستويات حجمها ومن حيث مستويات دخل الفرد فيها. وعلى الأخص، فإننا نتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بكاملها في عام 2050 بحدود 4.5 تريليون دولار، وهذا الرقم يقع بالضبط تحت المستويات المتوقعة للناتج المحلي الإجمالي لألمانيا (4.9 تريليون دولار) وفرنسا (4.5 تريليون دولار). ونقدر أن مستويات نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2050 ستكون عند 65000 -63250 دولارا، وهو رقم قريب إلى حد ما من مستوى الفرد في اقتصادات صناعية كبيرة مثل اليابان (69 ألف دولار)، وألمانيا (67 ألف دولار)، وإيطاليا (58 ألف دولار). وبالتالي فإننا نتوقع أن فجوة الدخل بين البلدان الخليجية وبين بلدان مجموعة السبع ستتقلص بصورة كبيرة ليصل معدل الدخل إلى نحو 77 في المائة من متوسط الدخل المتوقع لمجموعة السبع، في مقابل النسبة الحالية وهي 50 في المائة.
توقعات من نوع آخر: سيناريو الأحلام
إن الإمكانات التي تنطوي عليها منطقة مجلس التعاون الخليجي هي أكبر بكثير مما توحي به توقعاتنا القائمة على السيناريو الأساسي. صحيح أن إمكانية النمو والتقارب التي يوحي بها السيناريو الأساسي مثيرة للإعجاب بدون شك، ولكنها من جانب آخر لا تعطي صورة قوية عن التقارب مثل الصورة التي تظهر بها اقتصادات بلدان مجموعة "بريكس" BRICs أو بعض الاقتصادات القوية من بلدان مجموعة الـ 11 الصاعدة (وهي: بنجلادش، مصر، إندونيسيا، إيران، كوريا الجنوبية، المكسيك، نيجيريا، باكستان، الفلبين، تركيا، وفيتنام). وحتى تستطيع المنطقة الاستفادة من طاقتها الكاملة، فإن عليها أن تركز بصورة قوية على المناخ الاستثماري العام، والأهم من ذلك أن تركز على تطوير التكنولوجيا والموارد البشرية.
مستويات الاستثمار متدنية
تعد مستويات الاستثمار السائدة في المنطقة متدنية إلى حد ما حسب المقاييس الدولية. من جانب آخر، فإن اقتصاد قطر واقتصاد الإمارات يمران بمرحلة التنويع السريع، وبالتالي فإن معدلات الإنفاق فيهما كبيرة، حيث تراوح معدلات الاستثمار في المتوسط بين 25 في المائة و30 في المائة. وهذا وضع جيد قريب من معدلات الاستثمار في الصين (34 في المائة)، اليابان (26 في المائة)، والهند (23 في المائة) (وجميعها عن متوسط عشر سنوات). وهذان الاقتصادان على الأرجح يضغطان ضغطاً قوياً على طاقتهما الاستيعابية، إذ إن معدلات النمو فيهما سريعة منذ الآن ولم يبق أمامهما متسع لتعزيز المستويات الاستثمارية دون خلق اختلالات خطيرة على مستوى الاقتصاد الكلي، من قبيل التضخم المزمن، في كل من البضائع والخدمات وأسعار الموجودات. ولكن السعودية وعمان والكويت والبحرين لا تزال وراءها بمسافة كبيرة، حيث لا تتجاوز مستوياتها الاستثمارية في المتوسط 15 إلى 18 في المائة. وبالنظر إلى المجموعة الهائلة من الموارد الاقتصادية المتوافرة لهذه البلدان، فإن الطاقة الاستيعابية لاقتصاداتها تظل على الأرجح دون قدراتها الكامنة بدرجات. وتستطيع بارتياح أن ترفع من مستوياتها الاستثمارية واستغلال المزيد من الموارد في سبيل التنويع الاقتصادي.
مستوى استخدام التقنية
من جانب آخر يتبين من مؤشرات معيار بيئة النمو أن المنطقة أدنى من نظرائها من البلدان ذات الدخل العالي في استخدام التكنولوجيا وتطوير الموارد البشرية. فمن حيث استخدام التكنولوجيا, فإن المنطقة على مسافة كبيرة من البلدان ذات الدخل العالي، ويعد مستواها أقرب إلى مستوى اقتصاد الطبقة الأولى من الدخل المتوسط. وبالتالي يمكن أن تستفيد بلدان المجلس استفادة هائلة إذا زادت من انفتاحها الاقتصادي، الذي سيساعدها على تسهيل نقل التكنولوجيا والمعارف الفنية.
قاعدة الموارد البشرية ليست متينة بما فيه الكفاية
بالنسبة لتطوير الموارد البشرية فإن بلدان المنطقة تحتل في المتوسط مرتبة تقع بالضبط دون مرتبة البلدان ذات الدخل العالي وأعلى قليلاً من مرتبة بلدان الطبقة الأولى من الدخل المتوسط، ولكن يوجد متسع لا يستهان به للتحسين. وعلى وجه الخصوص تستطيع المنطقة الانتفاع بصورة هائلة من المزيد من التحسين في معايير التعليم والصحة، الأمر الذي سيعزز من نمو إنتاجية العامل الإجمالية ومن التنمية الاقتصادية على المدى الطويل.
وحتى ندلل على الإمكانات الكامنة في هذا المقام، فقد عدلنا اثنين من المتغيرات الأساسية في نماذج توقعاتنا حول الناتج المحلي الإجمالي، حتى نستطيع دراسة الأثر الذي سيترتب على وجود مناخ استثماري قوي وعلى وجود قاعدة متينة من التكنولوجيا والموارد البشرية.
وضعنا نسبة الاستثمار بمعدل انحراف معياري واحد فوق متوسط السنوات العشر بالنسبة للسعودية (19.7 في المائة)، الكويت (21.6 في المائة)، عمان (18.9 في المائة)، والبحرين (19 في المائة)، وأبقينا معدلات الاستثمار على حالها للبلدين الأكثر إنفاقاً، وهما الإمارات (24.7 في المائة)، وقطر (28.5 في المائة).
وضعنا نسبة التقارب عند 1 في المائة حتى عام 2035 و 1.2 في المائة بعد ذلك، وهما نسبتان أعلى من النسبة 0.8 في المائة التي اعتمدناها في السيناريو الأساسي وأقرب إلى الصحة والانسجام مع معايير بيئة النمو المرتفعة بصورة استثنائية، وذلك بهدف إدماج المكاسب في الإنتاجية التي ستتمتع بها المنطقة نتيجة لنقل وانتشار التكنولوجيا وتطوير الموارد البشرية.
وفي ظل هذه الافتراضات، ستحقق المنطقة بارتياح تقدماً باتجاه عصبة الاقتصادات المتطورة. وعلى وجه الخصوص فإن الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة سيصل إلى 5.5 تريليون دولار بحلول عام 2050 (وهو رقم أعلى بكثير من رقم 4.5 تريليون دولار الذي خرجنا به في السيناريو الأساسي)، ما يعني أن المنطقة ستتفوق على بعض الاقتصادات الصناعية الكبرى مثل بريطانيا وألمانيا (وكلاهما في حدود خمسة تريليونات دولار) وستقترب من إندونيسيا (6.7 تريليون دولار) واليابان (سبعة تريليونات دولار). وسيصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في بلدان المنطقة واحداً بعد الآخر 78800 دولار، وتختفي فجوة الدخل بين بلدان المنطقة وبلدان مجموعة البلدان الصناعية السبع اختفاء شبه تام، حيث سيصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 97 في المائة من متوسط مجموعة السبع.
وكما ذكرنا آنفاً، فإن الاحتمالات التي تقف في وجه سيناريو "الأحلام" احتمالات عالية، وهناك خطر من أن جوانب الضعف الهيكلية العميقة وتقلقل المنطقة ربما تعمل على الحؤول بين المنطقة وبين التحقيق التام لهذه الإمكانات الاقتصادية الهائلة. وعلى الأرجح فإن المنطقة ستنمو على هيكل اقتصادي مزدوج، يتميز الأول بأقطاب نمو فائقة الحداثة على نمط دبي، والثاني باستمرار قلة الكفاءة والهدر في الاستغلال العام للموارد.
من جانب آخر، فإن الإمكانيات الاقتصادية للمنطقة على المدى الطويل هي إمكانات هائلة، ونحن على ثقة تامة من أنه ببذل قليل من الجهد فإن المنطقة ستكون هي الجانب المتلقي للتطورات في بلدان مجموعة بريكس ومن الاقتصادات الـ 11 الصاعدة، وستكون من كبار المستفيدين من تقدم وانتشار العولمة.
إن هذا التحول الاقتصادي وعملية التنمية التي تقودها العولمة ستقدم كذلك بعض المساندة القوية لأسعار الموجودات في المنطقة (خصوصاً أسعار الأسهم)، وستدفع بالعملة المحلية للمنطقة إلى مَواطن أقوى بكثير خلال العقود المقبلة. وبهذا المعنى فإننا لا ننظر إلى بلدان مجلس التعاون الخليجي على أنها فقط مصدر رأس المال بالنسبة لبقية العالم، وإنما ستكون حركة للاستثمار على المدى الطويل، مع إمكانات لا يستهان بها في تحسن الأوضاع.