العلمانية ومزايين الإبل

[email protected]

نحن ولله الحمد مجتمع متماسك وصلب متمسكين بالعقيدة ويجمعنا حب الوطن وتسير في عروقنا عادات حميدة مثل احترام الصغير للكبير إلى أن نصل إلى الترابط الاجتماعي وحب مساعدة الغير. فبالتأكيد إن استمرار هذا الترابط بين الأفراد أسرا وقبائل سيؤدي إلى استمرار التلاحم والترابط الوطني. لهذا أرجو ألا تؤثر فينا بعض الشعارات والآراء التي ظهرت وتبناها البعض منا أخيرا، حتى وصل الأمر إلى تهويل صغار الأمور من الإفرازات السلبية في المجتمع وجعلوها كارثة العصر.
ولا يعني ذلك أن مجتمعنا مثله مثل المجتمعات الكبيرة حول العالم لا يعاني من بعض الشوائب والتناقضات والخلل في هذا الجانب أو ذاك، بل نحن بحاجة لتكثيف الجهود من قبل علماء الدين والمؤسسات الحكومية المتخصصة للتعامل مع الظواهر السلبية في المجتمع، ولكننا في الغالب لا نزال أفضل من غيرنا بسبب تمسكنا بالعقيدة الإسلامية والترابط الذي تطرقنا إليه في المقدمة. ومن الواضح أن تركيبة المجتمع السعودي تساعد على الحد من تفشي الظواهر السلبية وتقوي الترابط والتلاحم الوطني انطلاقا كما ذكرنا من الأسرة والقبيلة. فهناك العديد من الأمثلة على الدور الإيجابي الذي تلعبه الأسر والقبائل فيما يخص التعامل السريع مع التناقضات والتصدي للظواهر السلبية انطلاقا من تعاليم ديننا الحنيف. وعلى الرغم من كل هذا إلا أننا نرى أن عددا من الكتاب تطرقوا إلى موضوع مزايين الإبل وتم تصوير الأمور بغير شكلها الحقيقي، خاصة بعض التصرفات السلبية التي تصدر عن قلة من الأفراد خلال مهرجانات مزايين الإبل ووصفت بأنها كارثية. بل إن بعض قادة الرأي جعلها شغله الشاغل يتحدث عن مزايين الإبل ليل نهار رغم أن هناك أمورا أخرى وظواهر اجتماعية أكثر خطورة من مزايين الإبل كانتشار المخدرات وتعاطيها والجريمة بمختلف أنواعها إلى أن نصل إلى الفقر والبطالة. وهنا أود القول إنه ورغم بعض السلبيات لظاهرة مزايين إبل القبائل إلا أننا يجب عدم تحميلها أكثر من حجمها وكونها عرسا أو احتفالية لفرد أو أسرة أو مجموعة أسر أو قبيلة، وكذلك يجب ألا ننسى أنه في كل بلدان العالم هناك إبراز لتنوع الثقافات والخلفيات الاجتماعية المتنوعة داخل المجتمع الواحد. حتى في بلدان العلمانية يتم تدريس طلاب الثانوي تاريخ وعادات قبائل الهنود الحمر ويقوم طلاب المدارس في أريزونا وكاليفورنيا بزيارة المناطق التي تحكي تاريخ قبيلة الشروكي أو القبائل الأخرى، فلماذا لا نقوم نحن بالتعامل مع السلبيات وردع التصرفات السلبية المصاحبة لأي تجربة يخوضها مجتمعنا سواء المزايين أو غيرها بدلا من الإقصاء والإلغاء؟
وبالعودة لمزايين الإبل فقد كنت في السابق وما زلت من الذين يفضلون مزاين مناطقي أو الاكتفاء بمزاين وطني واحد تجتمع فيه الأسر السعودية بمختلف أعراقها وخلفياتها الاجتماعية، إلا أنه وفي السياق نفسه يجب ذكر النجاح الطيب الذي يصاحب بعض هذه المناسبات الاجتماعية وتركيزه على حب الوطن والمواطنة وتوجيه الفوائض المالية لدعم مشاريع اجتماعية وتشجيع حفظة القرآن وهذا ليس بغريب على الشعب السعودي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي