مراقبون اقتصاديون : الاستثمارات الأجنبية تسبّبت في إفلاس 10 آلاف شركة وتهدد سوق المقاولات المصرية
حذر الخبراء من دخول شركات مقاولات أجنبية ضخمة مثل "ديو" الكورية و"هونداي" الصينية و"الفطيم" و"إعمار" الخليجيتين، لتنفيذ مشاريع بمليارات الدولارات واقتطاع جزء كبير من شركات المقاولات المصرية التي أفلست منها 10 آلاف شركة خاصة، إضافة إلى شركتي قطاع عام بسبب عدم القدرة على المنافسة ومشكلات أخرى تتعلق بالتعثر وارتفاع أسعار مواد البناء وطالبوا بضرورة إعادة هيكلة شركات المقاولات الخاصة لتكوين كيانات قوية تستطيع المنافسة مع الشركات الأجنبية الضخمة.
وأكد أحمد السيد رئيس اتحاد مقاولي التشييد والبناء، أن هناك عشرة آلاف شركة مقاولات خاصة خرجت من السوق العام الماضي. كما أعلنت شركتان من القطاع العام إفلاسهما وهما شركتا القاهرة والإسكندرية للمقاولات بسبب دخول شركات المقاولات الأجنبية إلى السوق المصرية دون شرط، وهو ما قلص حجم السوق أمام الشركات المحلية وأجبرها على الخروج من السوق، فالاستثمارات الضخمة عقارية كانت أم صناعية والتي دخلت مصر أخيرا خلقت جوا من الصراع بين الشركات المحلية وشركات المقاولات الأجنبية ما يستدعي إعادة تأهيل الشركات المحلية حتى تستطيع المنافسة. وهنا أؤكد حقيقة أن ارتفاع أسعار مواد البناء بصورة رهيبة كان أحد الأسباب التي أدت إلى إغلاق عدد كبير من شركات المقاولات.
وأشار إلى أن الحكومة استطاعت أن تحل مشكلات مقاولات القطاع العام أخيرا عن طريق سداد المديونيات المتأخرة لديها وهو ما سيسهم إلى حد كبير في تنشيط هذه الشركات واستفادتها من الاستثمارات الضخمة الموجودة في السوق ومنافسة الشركات الأجنبية التي أصبحت تمثل خطرا كبيرا على الشركات المحلية.
وأضاف أن هناك سببا قويا آخر وراء خروج عدد كبير من المقاولين من السوق، وهو التعثر وضخامة الضمانات التي تطلبها البنوك من شركات المقاولات والتي وصلت إلى 150 في المائة وهو ما أرهق شركات المقاولات الصغيرة وجعلها تفضل التصفية عن الاستمرار بمزيد من المديونيات، مشيرا إلى أن الاتحاد ينفذ حاليا خطة لإعادة تأهيل المقاولين وطرح حلول لإيجاد كيانات قوية تستطيع المنافسة.
وأوضح إبراهيم محلب رئيس شركة المقاولون العرب، أن الحكومة التزمت أخيرا بسداد مديونيات شركات المقاولات العامة حتى أصبحت صفرا وهو ما سيساعد هذه الشركات على المنافسة بقوة خلال الفترة المقبلة، خاصة أننا في سوق مفتوحة تحكمها الكيانات القوية.
وأشار إلى أن "المقاولون العرب" حصلت على جميع حقوقها لدى الحكومة وتم تخصيص 45 مليون متر مربع للشركة، وهذا يقوي من وضع الشركة ويساعد على تنفيذ استراتيجيتها للتوسع في أعمالها في الخارج لتصل إلى 50 في المائة مقابل 20 في المائة للأعمال المحلية.
ويرى محلب أن الحكومة استطاعت خلال الفترة الماضية الحد من الآثار السلبية التي لحقت بشركات المقاولات عامة نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء بأن أقرت أن تكون هناك بنود في العقود تسمح للمقاول بتحصيل المستحقات نتيجة ارتفاع الأسعار، وأن يكون ذلك عن طريق معادلة مع كل نهاية عام وهو ما قلل بدرجة كبيرة من آثار ارتفاع أسعار مواد البناء. والحقيقة أن الشركات التي لم تطور من نفسها خلال الفترة الماضية لن يكون لها مكان في الفترة المقبلة، خاصة بعد دخول شركات مقاولات أجنبية ضخمة إلى السوق ولن يكون أمامها سوى ثلاثة خيارات إما الضغط على نفسها وتوفيق أوضاعها، وإما الاندماج لتكون هياكل ضخمة، وإما الخروج من السوق.
وأشار إلى أننا أصبحنا في عصر السوق المفتوح فـ "المقاولون العرب" تعمل في 24 دولة وجميع شركات المقاولات العالمية تركية كانت أو ماليزية أو خليجية يمكنها دخول السوق المصرية دون أي عوائق، لذا لا بد أن نكون على مستوى المنافسة.
صراع غير متكافئ
وأكد علي بيومى خبير التقييم العقاري في البنك المركزي، أنه لا بد لشركات المقاولات الخاصة أن تقوم بعمل تحالفات لتكوين هياكل وكيانات قوية كأن تندمج شركات تقوم بالحفر مع أخرى تقوم بأعمال الهياكل والأساسات وأخرى تقوم بالتشطيبات، وذلك لتكوين شركة تستطيع المنافسة في ظل دخول الشركات الأجنبية السوق بقوة، وهنا أود الإشارة إلى وجود شركات أجنبية تعمل في مصر وتستعين بعمالة صينية وكورية وهو ما يحرم العمالة المصرية من الاستفادة من انتعاشة السوق، فانفتاح السوق دون ضوابط هو السبب في ذلك، لذا لا بد من وضع ضوابط لدخول شركات المقاولات السوق.
وأضاف أن الشركات التي تستطيع الصمود خلال السنوات الثلاث المقبلة ستصبح شركات ذات مدخرات مالية ضخمة لما تحمله هذه الفترة من تنفيذ استثمارات عقارية وصناعية ضخمة يتطلب إنشاؤها مليارات الدولارات موضحا أن شركات المقاولات الأجنبية التي دخلت السوق ستؤثر بدرجة كبيرة في الشركات الكبيرة في السوق، أما الشركات الصغيرة فيمكن أن تستفيد من ذلك إذا تمت الاستعانة بها في تنفيذ بعض الأعمال، كما أن المشكلة الكبيرة التي تجعل شركات المقاولات الصغيرة تخرج من السوق هي الضمانات الكبيرة التي تطلبها البنوك لمنح التمويل لهذه الشركات، وتصل هذه الضمانات في أضيق الحدود إلى أنها تساوى قيمة الأعمال.
وأشار علي الصاوي أستاذ الهندسة المعمارية في الجامعة الأمريكية، إلى أن سبيل شركات المقاولات التي تدخل مصر لتنفيذ الاستثمارات الضخمة مثل شركة ديو الكورية التي تنفذ مشاريع توسيع الفورسيزون والتي تستعين بعمالة أجنبية وشركة هونداي الصينية التي تقوم بمشاريع في المدن الجديدة والمناطق السياحية، إضافة إلى شركات أخرى كثيرة خليجية وعربية مثل "إعمار" و"الفطيم" والتي تدخل لتنفيذ مشاريع تنفذها المجموعات التابعة لها كل ذلك يؤثر في شركات المقاولات المحلية.
وأكد أن ذلك سبب قوي لخروج عدد كبير من شركات المقاولات المحلية من السوق مطالبا بضرورة وضع عدد من الشروط لدخول شركات المقاولات الأجنبية إلى السوق المصرية، أهمها أن يتم تشغيل 60 في المائة على الأقل من العمالة الخاصة بالمشروع من العمالة المصرية، وهذا ما يمكن أن يحقق فائدة للسوق، وإن كانت هذه الشروط لن تمنع المشكلات التي ستلحق بشركات المقاولات المصرية.