قمة "أوبك" .. الحد الفاصل بين الطاقة والبيئة
نعم نحن أكبر مصدر للطاقة في العالم ومن الطبيعي أننا من يقود البحوث العلمية المتخصصة في الطاقة بجميع أنواعها. فالمملكة المكان المناسب لتطبيق تلك البحوث، وهي دعوة لعلماء الطاقة للاستفادة من هذه المبادرة لتأكيد أو نفي الادعاءات وهو ما وصفه خادم الحرمين باختلاط الحق بالباطل.
قمة الرياض ستكون مؤشراً مهماً لمتغيرات الأحداث المستقبلية على جميع المستويات، لأنها الرياض، ولأنها الدولة المؤثرة في سوق النفط العالمي، ولأنها اللاعب الأكثر حيوية على المستويين السياسي والاقتصادي خلال السنتين الماضيتين، ولأن القمة.. قمة النمو الاقتصادي العالمي وقمة الأحداث السياسية الساخنة.
كانت هذه المقدمة هي لخاتمة مقال سابق بمناسبة انعقاد قمة أوبك، وكنت حينها أدرك الأهمية التاريخية التي ستتركها هذه القمة على الاقتصاد العالمي وعلى السياسة العالمية، ولكن الأمر يبدو أنه تجاوز حدود تصوري وخيالي المحدود وكان لزاما كما جرت العادة أن يكون هناك ما يفوق توقعات المراقبين خصوصا لقمة استثنائية في بلد استثنائي وملك استثنائي.
"إن ما يتردد من أثر البترول على البيئة والمناخ حديث يختلط فيه الحق بالباطل، كما أن المحاولات التي تبذل لاستهداف البترول بضرائب باهظة هو مجهود يضر المستهلكين قبل المنتجين، وإنني أدعو إلى بحث موضوع البترول والبيئة والمناخ بشكل علمي موضوعي بعيدا عن الضغوط والمؤثرات السياسية. ومن هذا المنطلق يسرني أن أعلن عن تخصيص حكومة المملكة العربية السعودية مبلغ 300 مليون دولار تكون نواة لبرنامج يمول البحوث العلمية المتصلة بالطاقة والبيئة والتغير المناخي. وإنني آمل أن تساهم الدول المنتجة والمستهلكة في برامج مماثلة للتوصل إلى نتائج دقيقة تضمن سلامة البيئة كما تضمن إشباع الحاجات المتزايدة إلى البترول".
هذا نص مقتبس من كلمة خادم الحرمين الشريفين في كلمته الافتتاحية أمام قادة منظمة أوبك وأمام أنظار الملايين الذين كانوا يتطلعون بشغف لمخرجات تلك القمة ، وفي ضمن سطور كلمة الملك نمط جديد لقيادة جديدة وتغير واضح في التعاطي مع المتغيرات السياسية والاقتصادية. وشخصيا أرى أن ما تحمله الأسطر السابقة من كلمة خادم الحرمين تحمل أبعادا أخرى للتعاطي مع القضايا العامة. فمبادرة برنامج البحوث العلمية المتصلة بالطاقة والبيئة إنما هي تأكيد للتغير الذي يشهده العالم في التعاطي مع هذا الموضوع بالتحديد، خصوصا ونحن نعلم أن هناك تكتلات كثيرة وكبيرة في المجتمعات الغربية تجاه التغير المناخي وربطة المباشر بالبترول بل ربطه بشكل مركز بالدول المصدرة، ولذلك خرجت قوانين الضرائب العالية. ولذلك فإن إعلان خادم الحرمين هذه المبادرة أمام أنظار العالم المباشرة يعطي مؤشرا إيجابياً على ضرورة عدم التسليم الكامل بما يسوقه من تسيره المصالح السياسية والشخصية. فمبادرة برنامج البحوث العلمية تدحض الادعاءات بشكل علمي ومنطقي ومن منطلق الند للند. نعم نحن أكبر مصدر للطاقة في العالم ومن الطبيعي أننا من يقود البحوث العلمية المتخصصة في الطاقة بجميع أنواعها. فالمملكة المكان المناسب لتطبيق تلك البحوث، وهي دعوة لعلماء الطاقة للاستفادة من هذه المبادرة لتأكيد أو نفي الادعاءات وهو ما وصفه خادم الحرمين باختلاط الحق بالباطل.
ولعل هذا الطرح يقودني إلى أننا يجب أن نستفيد من هذا الطرح بتوسيع عملية البحث والتطوير في البترول ليشمل مركزا متخصصا في تقنيات الطاقة بشكل يخدم صناعة الطاقة بجميع أشكالها سواء على مستوى تقنيات الإنتاج أو تقنيات الاستفادة الكاملة من مشتقات البترول. وشخصيا فإن هناك قناعة تامة بأن إيجاد مثل هذا المركز سيجتذب أفضل العقول في العالم وأهم رؤوس الأموال ذات العلاقة بهذه الصناعة، وهذا يشمل شركات التقنية العالمية وشركات الطاقة التي تتطلع إلى إيجاد حلول مستقبلية للإنتاج والتحويل، وهي فرصة لجعل المملكة أرض الاختراعات المتخصصة في الطاقة، والوقت الحاضر أفضل وقت والمملكة تعيش اليوم في أبهى حللها الاقتصادية ويمثل سوقها الأقوى على مستوى المنطقة رغبة الشركات العالمية - وهو ما أكده تقرير الأونكتاد - أن المملكة تحتل المرتبة الأولى في جذب الاستثمارات الأجنبية على مستوى المنطقة.