رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


اقتصاديات داء السكري وبرامج المكافحة

[email protected]

لا يمكن الاستغناء عن الأرقام في تمثيل أو تحجيم مشكلة أو قضية وخصوصا الحيوية منها وذلك لأنها تقودنا إلى فهم واقع الحال وترشدنا كمؤشرات إلى صواب الحلول في أغلب الأحوال. في عالمنا العربي أحيانا نستخدم هذه الأرقام لإظهارها مع الرسوم البيانية كجماليات تعضد قوة الورقة أو التقرير أو الخبر ولكن أن يكون معها تساؤلات تساعد في وضع أفضل الاستراتيجيات ورسم أفضل الخطط التنفيذية يليها متابعة وتقييم وتطوير فهذا لازال أحلاما نأمل أن تتحقق خلال السنوات المقبلة بإذن الله. لقد وضع برنامج مكافحة داء السكري ضمن أولويات العمل الصحي المشترك لدول الخليج منذ عام 2001, ولحاجتنا إلى خطة توجه العمل للحصول على نتائج ايجابية فقد صدرت الخطة الموحدة لمكافحة المرض وتمت الموافقة عليها من قبل وزراء الصحة الخليجيين في المؤتمر الثاني والستين الذي عقد في بداية هذا العام 1428هـ الموافق كانون الثاني (يناير) 2007م. هذه الخطة بلورت مفهوم العمل الجماعي ووضعت لتكون دليلا استرشاديا للسنوات العشر المقبلة، ولائحة تنفيذية لخطة عامة لدول المجلس. عموما المؤتمر الإقليمي الخليجي لاقتصاديات السكري اعتراف واضح من جميع الجهات الرسمية وغير الرسمية في العالم أجمع أن هذا الداء أصبح يحتاج إلى عمل جماعي ومشترك للتصدي له وبأسلوب منهجي منظم يتابع بصفة دورية ولا يقبل أي تراجع في مكافحته وخصوصا خلال ربع القرن المقبل بإذن الله. فالدراسات العلمية التي نشرت أخيرا واعتمدت عليها بعض المصادر واهتمت بها وزارات الصحة في دول الخليج وضعت أرقاما جديدة عن واقع المرض في المنطقة (مثل توقع إصابة 25 في المائة من الخليجيين بمرض السكري)، ما يؤكد وجوب توجه الجميع لوقف هذا الهدر البشري والمالي وتركيز الجهود حول رفع كفاءة الخطط الصحية ورسم خارطة طريق صحية للوقاية والعلاج.
في هذا السياق أسدل الستار في يوم الإثنين 24/10/1428هـ الموافق 5/11/2007م على فعاليات مؤتمر اقتصاديات الصحة في دول الخليج The Regional Conference on Health Economics الذي وضع له شعار "اقتصاديات السكري.. استثمار حيوي". ولقد تم الإعلان عن توصيات المؤتمر في جلسته الختامية، وقد حوت خطة تنفيذية خليجية رسالتها تعزيز الوعي الصحي لدى المجتمع الخليجي عن داء السكري بالاستخدام الأمثل للموارد وخفض معدلات المرض والوفيات والإعاقة الناتجة عن الإصابة بالمرض. إضافة إلى ذلك كانت هناك أهداف سبعة للخطة ستفرد لها مقالة نحاول التعليق عليها من وجهة علمية وعملية لأهميتها لنا كمواطنين خليجيين. أن ما يهمنا بعد اللقاءات والحوارات الرسمية والجانبية الإعلامية منها والعلمية أن يتم تنفيذ ما تم التخطيط له والتوصية به في هذا المؤتمر. نعلم تماما أن الطبيب والممرض وإخصائي التغذية وإخصائي التثقيف الصحي والمريض هم أضلاع الشكل الخماسي الذي ترتكز عليه المشكلة ولا يمكن أن نتهم أياً منهم بالقصور، إلا أن ما آل إليه الموضوع جعلهم كلهم مسؤولين عن وصوله لهذا المستوى. هذا لا يخلي مسؤولية المنظمات والمؤسسات المدنية المسؤولة عن تقديم الخدمات الصحية في كل دولة فالبرامج المبنية على أهداف ومحددة بسنوات وتُقيَّم كل عام هي انعكاس اهتمام المسؤولين بإيجاد حل أو حلول عاجلة للقضية.
لقد اختلفت التقارير التي تقدر حجم الخسائر التي ترتبت على الإنفاق في علاج هذا الداء وقد كانت النسب متفاوتة على المستوى المحلي ومقربة على المستوى الدولي ففي نشرة الحقائق التي وزعتها منظمة الصحة العالمية قبل المؤتمر وضح أن المرض وضع عشر دول ذات عبء مرضي كبير، واعتبرت بقياس التكاليف التي رصدت فيها أنها الأكثر تأثرا في العالم والتي شملت ست دول من آسيا التي اعتبرت القارة الأكثر تضررا. لقد رصد أن هذه الدول العشر تنفق على مكافحة داء السكري من 2.5 إلى 15 في المائة من ميزانية الرعاية الصحية, أما الدول الأوروبية مجتمعة فقد أكدت أن تعديل نمط الحياة يمنع كثيرا أو يحد من الكثير من الإصابة به ويحجم كثيرا من التكاليف الممكن صرفها عليه. مع أن مرض السكري له نوعان أساسيان تحت دلالة Type 1 وType 2 إلا أن النوع الثاني قد يكون أخطر لأن نصف العدد المصاب به لا يعلمون بإصابتهم به إلا بعد ظهور المضاعفات. من ناحية أخرى هناك ما يقض مضجع المسؤول ويخاف منه الطبيب ويحذر منه التوعوي وإخصائي التثقيف الصحي ويحاول تفاديه إخصائي التغذية، وقد لا يعلم عنه المريض نفسه, هذا الحدث المهم يدعى "نكسة المرض Relapse" وهذه الحالة هي الأشد وطأة اقتصاديا ففيها يتم تغيير خطة العمل وتعاد الحسابات وتختلف الأدوار وتتهاوى كل الجهود التي بذلت ليعاد ترتيب الخطوات والإجراءات لإعادة الأمور إلى نصابها. لذلك يؤكد كل الأطباء المختصين أن التزام المريض يأتي في المقام الأول يليه متابعة المراقبين المباشرين للحالة بجميع تخصصاتهم. هنا يبرز سؤالان هما: "هل تم توعية المريض بهذه الحالة والمشكلة حتى يعي أنها مسؤوليته قبل مسؤولية أي شخص آخر؟". ثم "هل المرضى والعامة من غير المرضى اطلعوا على نتائج هذه الدراسات، وتتوافر في مواقع عدة، سواء على الإنترنت أو مطبوعة أو موزعة في المراكز الصحية والمستشفيات والأندية الرياضية والمقاهي العامة... إلخ لاتخاذ الاحتياطات اللازمة؟. نقاط عديدة مهمة سيتم التعليق عليها في القادم من الحديث عن اقتصاديات داء السكري سائلين المولى، عز وجل، أن يسلمنا جميعا منه, إنه سميع مجيب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي