كيف يمكن التحكم في قيمة علاوة الإصدار؟
عندما تتحول الشركات من ملكية خاصة إلى ملكية عامة وتقوم بطرح أسهمها للاكتتاب العام، يكون من الطبيعي أن يسبق ذلك قيام الشركات بتحويل احتياطياتها إلى رأس المال، وهذا حق مكتسب نتيجة لكون هذه الاحتياطيات هي في الأساس أرباح متراكمة من سنوات سابقة. لكن يبقى التساؤل المهم: لماذا تقدم بعض الشركات على رفع رؤوس أموالها من خلال ضخ سيولة جديدة أو تحويل قروض ناتجة من عملية استحواذ إلى أسهم؟ ولماذا يتم ذلك فقط قبل فترة بسيطة من بدء عملية الاكتتاب العام؟
على سبيل المثال، قامت شركة البحر الأحمر برفع رأسمالها قبل بدء الاكتتاب على أسهمها من ثلاثة ملايين ريال إلى 300 مليون ريال (147 مليونا من الاحتياطيات و150 مليونا نقدا من المؤسسين)، وقامت شركة الأنابيب الفخارية برفع رأسمالها قبل بدء الاكتتاب من 40 مليون ريال إلى 150 مليون ريال (25 مليونا من الاحتياطيات و85 مليونا نقدا من المؤسسين)، وأخيرا قامت شركة مسك برفع رأسمالها قبل بدء الاكتتاب من 24 مليون ريال إلى 320 مليون ريال (143 مليونا من الاحتياطيات و153 مليونا من قروض قدمها المؤسسون لاستحواذهم على حصة في شركتهم الأردنية التابعة، في صفقة أقل ما يقال عنها إنها إدراج غير مباشر لأسهم شركة أردنية في السوق المالية السعودية).
الآن لنفترض أن الشركات الثلاث قامت برفع رؤوس أموالها من خلال رسملة الاحتياطيات فقط (دون ضخ سيولة جديدة أو تحويل قروض إلى أسهم)، ماذا سيحدث لقيمة علاوات الإصدار؟
بناء على هذا الافتراض، فإن علاوة الإصدار لسهم شركة البحر الأحمر سترتفع إلى 110 ريالات بدلا من 55 ريالا، وفي حالة شركة الأنابيب الفخارية سترتفع علاوة الإصدار إلى 95 ريالا بدلا من 45 ريالا، وفي حالة شركة مسك سترتفع علاوة الإصدار إلى 90 ريالا بدلا من 46 ريالا. هذا يعني أن الزيادة الكبيرة في عدد الأسهم (بمبرر أو غير مبرر) من قبل هذه الشركات ساهمت بشكل كبير في تخفيض علاوات الإصدار بحيث تبدو أكثر جاذبية لصغار المستثمرين!!
المؤسف أن المستشار المالي لإحدى هذه الشركات تطرق لهذا الموضوع من خلال تعقيب نشر على صحيفة "الاقتصادية" بتاريخ 22 أيار (مايو) 2007م - صفحة 13 - ذكر فيه (فيما يتعلق بحجم رأس المال قبل أو بعد الطرح والإيحاء بأن القصد من ذلك هو زيادة عدد الأسهم قبل الطرح مباشرة، فإن هذا غير دقيق حيث إن عدد الأسهم ليس مهما بل المهم هو القيمة السوقية لجميع الأسهم). فطالما أن عدد الأسهم ليس مهما، فلماذا قامت الشركة بإصدار أسهم جديدة قبل طرحها للاكتتاب العام؟ ولماذا لم يقم المؤسسون طوال 20 عاما بضخ سيولة جديدة إلا عندما اقترب موعد طرح أسهمها للجمهور؟
بلا شك نحن نحترم رأيه على الرغم من وجود بعض التناقض، إلا أن الواضح أن طرح الشركات للاكتتاب العام أصبح مع الأسف تجارة يتفنن فيها بعض المستشارين الماليين لإرضاء عملائهم من خلال إيجاد طرق تهدف إلى تخفيض قيمة علاوات الإصدار مستغلين بذلك جهل بعض صغار المستثمرين الذين ينظرون لعلاوة الإصدار على أنها قيمة مطلقة ولا ينظرون إليها كقيمة حقيقية.