الاقتصاد الوطني والخصخصة 3

[email protected]

في الأسبوع الماضي تطرقنا لأساليب الخصخصة والخيارات المتاحة أمام صاحب القرار الاقتصادي في كيفية تحويل ملكية الحكومة في مؤسسات القطاع العام إلى ملكية المستثمرين من القطاع الخاص. وذكرنا ثلاث أساليب رئيسة تتم من خلالها عمليات الخصخصة، وهي البيع المباشر Direct Sale والتأجير عن طريق (BOOT) إنشاء وامتلاك وإدارة وتحويل، وكذلك المشاركة بين الدولة والقطاع الخاص Joint Venture. وذكرنا أن الخصخصة تساعد على تطوير وتحديث الأداء الإداري في مؤسسات القطاع العام.
إلا أنني وعلى الرغم من الفوائد المرجوة من عملية التخصيص كالتطوير الإداري والارتقاء بنوعية الخدمات المقدمة للمستهلك، أرى أن هنالك مخاطر على الاقتصاد الوطني في حال تم اختيار البيع المباشر كأسلوب للخصخصة. وهذه المخاطر قد تنتج بسبب التخلي عن جزء ثابت من دخل الميزانية العامة بعد بيع ملكية الحكومة في بعض القطاعات، خاصة عند التخلي بالكامل عن قطاعات مثل: الكهرباء، الاتصالات، وسابك. والتخلي عن هذا الدخل الثابت يعد قراراً في غاية الحساسية لأي دولة وبالذات بالنسبة للسعودية التي تعتمد بشكل كبير على مصدر واحد للدخل، فعندما تهبط أسعار النفط تبرز أهمية الدخل الذي تحصل عليه الموازنة العامة من رسوم قطاع الخدمات. ولا ننسى أن هناك دولاً متقدمة لا تزال تستفيد من قطاع الاتصالات على وجه الخصوص، حيث تمتلكها بالكامل كإيطاليا والنمسا وإسبانيا وغيرها من الدول وأعضاء آخرين في منظمة التجارة العالمية. فمن الواضح أن دخل الاقتصاد السعودي لا يزال يعتمد وبشكل كبير على مبيعات النفط لهذا يجب ألا تفرط الدولة في حصصها في القطاعات المربحة سواء الاتصالات أو غيرها لكي يتسنى لها تعويض أي تراجع محتمل في أسعار النفط.
فقد يكون الأسلوب الأفضل للخصخصة في الاقتصاد السعودي هو أسلوب التأجير عن طريق الـ BOOT بحيث يتم إعادة تحويل ملكية القطاعات المخصصة إلى ملكية القطاعات العام مرة أخرى. ويتم ذلك بعد سنوات طويلة من إدارة بعض القطاع الحكومية بأسلوب إدارة الشركات الخاصة، وتصبح تلك القطاعات قادرة على المنافسة والدخول في أسواق أخرى لتستثمر إمكانياتها وخبراتها وبذلك تتنوع مصادر الدخل في الاقتصاد الوطني.
وفي الختام لا أتفق مع من يقول إن التجارب الناجحة لدى الآخرين يمكن نقلها وتطبيقها على الاقتصاد السعودي، لأن تركيبة الاقتصاد تختلف من دولة لأخرى وقد تتغير أهداف الخصخصة حسب الحالة التي يمر بها الاقتصاد الوطني لكل دولة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي