جامعة الملك عبد الله .. هل تدعم اقتصاديات الصحة؟
خلال الفترة القصيرة الماضية شهدت السعودية طفرة علمية في تعليمها العالي. فقد تم تأسيس جامعات "كلاسيكية" تتبع المسار التقليدي للجامعات. فمخرجات تلك الجامعات داعم رئيسي للقطاعين الحكومي والخاص بالكفاءات السعودية المؤهلة. كما تم تأسيس جامعات لديها تعاون مع أعرق الجامعات العالمية كجامعة الملك سعود بن عبد العزيز الصحية والتي امتد تعاونها ليصل إلى سبع جامعات عالمية بما فيها جامعتا سدني وليفربول. ثم تأتي جامعة الملك عبد الله لتخط لها مسارا بحثيا وعلميا فريدا، فالطفرة التي نشهدها في التعليم العالي قادت إلى اختلافات بين الجامعات السعودية لكنه اختلاف تنوع وتكامل لا اختلاف تضاد.
إن الرعاية الكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لحفل وضع حجر الأساس لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية مكسب وطني لكل سعودي بل لكل عربي ومسلم. كما أن الفائدة المرجوة من الجامعة سيصل مداها للبشرية جمعا أن لم نقل لكل الموجودات الحية. فتميز الجامعة بالبحث العلمي والدراسات العليا يعطي المملكة دورا حضاريا خصوصا وأن الجامعة ستنفتح على البشرية وتتجاوز حدود الزمان والمكان، كما ذكر ذلك وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي.
مما يجعلنا نتفاءل بنجاح الجامعة أن إدارتها أسندت لشركة بحجم شركة أرامكو السعودية والتي سبق أن شاركت في تأسيس أحد أفضل الجامعات السعودية جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. إضافة إلى ذلك فإن شركة أرامكو لها تواصل مباشر مع المخرجات المتوقعة من الجامعة. كما أن شركة أرامكو السعودية من الشركات الرائدة في إدارات المشاريع لذا فقد تم التعامل مع الجامعة كمشروع خصوصا في مرحلة التأسيس. فمن لديه القدرة والفكر في إدارة مشروع بحجم جامعة الملك عبد الله، له الأولية بإدارتها. لذا لم يكن غريبا أن يكون مدير الجامعة المكلف ليس من حملة الدكتوراة.
ومما يجعلنا نتفاءل بالجامعة أنها ركزت على الجانب البحثي في صناعة النفط على الرغم من وجود جامعة بحجم جامعة الملك فهد متخصصة في البترول والمعان. فكما صرح عبد الله بن صالح جمعة إن صناعة النفط ستكون من بين المستفيدين من مخرجات هذه الجامعة،. بطبيعة الحال إن تركيز الجامعة على الجانب التقني لا يعني بالضرورة أن تغفل الجامعة سد النقص الحاصل في مجالات أخرى خصوصا الجوانب الاقتصادية. فمثلا من المؤسف أنه لا يوجد معهد يدعم الأبحاث والدراسات الاقتصادية خصوصا في جانب اقتصاديات الصحة. فما زالت معظم الدراسات والأبحاث أولية وتعريفية ولا يمكنها أن ترقى لمستوى دراسات استراتجية. فما زالت جامعاتنا تفتقر إلى معاهد بحثية تغطي الجوانب الاقتصادي. فما نرجوه من هذه الجامعة الفتية أن تتبنى دراسات علمية واستشارية في اقتصاديات الصحة والتأمين الصحي. فتطبيق الضمان الصحي التعاوني ما زال يعاني ضعف الدراسات المحايدة لصحة تطبيقه وتساعد صانع القرار الصحي على دراسة القرارات الاستراتجية الصحية قبل تبنيها. كما أن ترتيب أولويات الصرف على الخدمات الصحية من القضايا التي ما زالت تعاني منها وزارة الصحة على الرغم من ضخامة الميزانيات الصحية. ولا شك أن انعكاس التأمين الصحي سيكون كبيرا خصوصا على الشركات التي سيكون لها الوجود الأكبر في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية. فارتفاع بوليصة التأمين – وهو المتوقع - لا يمكن أن يتجاهل خصوصا إذا لم يتم تبني آلية علمية وعملية تتحكم فيه. فنتمنى أن تتبنى الجامعة مثل هذه الدراسات خصوصا أن التأمين الصحي سيكون المحرك الأساسي للخدمات الصحية مستقبلا.
ومما يعزز ضرورة وجود معهد متخصص في اقتصاديات الصحة أن شركة أرامكو السعودية تحتاج لمن يساعدها على تبني استراتجية واضحة للكيفية التي ستتعامل معها مع ميزانياتها الصحية. كما أن شركة أرامكو في حاجة لمعهد للدراسات يساعدها على تطبيق التأمين الصحي مع تحقيق معادلة عادلة يتم من خلالها تقديم رعاية صحية ذات جودة عالية لكل موظفيها مع المحافظة على تكلفتها الصحية.