رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


"بيع العقار وفاءً"

[email protected]

طبيعة بعض المقالات في هذه الزاوية تفرض صياغة معينة يوجبها مضمون المقال تحتم مخاطبة شريحة محددة من القراء المختصين فليعذرني غيرهم إذا اشتمل المقال على ما يحتاج إلى الشرح لغير المختصين, وهي في الحقيقة مقالات قليلة جدا في تاريخ هذه الزاوية ولكن لا بد منها سعيا إلى التعليق على ما يمكن التعليق عليه من أحكام العقار في الفقه والنظام.
يبحث الفقهاء في كتاب البيوع تقسيماته بعدد من الاعتبارات, فبالنظر إلى طبيعة المبيع يقسمونه إلى: البيع المطلق وهو مبادلة العين بالدّين وهو أشهر الأنواع، و بيع السّلم: وهو مبادلة الدّين بالعين، وبيع الصّرف: وهو مبادلة الأثمان, وبيع المقايضة: وهو مبادلة العين بالعين.
وبالنظر إلى طريقة تحديد الثّمن: ينقسم إلى أربعة أنواع هي، بيع المساومة: وهو البيع الّذي لا يظهر فيه البائع رأس ماله, وبيع المزايدة: بأن يعرض البائع سلعته في السّوق ويتزايد المشترون فيها، فتباع لمن يدفع الثّمن الأكثر, وبيوع الأمانة: وهي الّتي يحدّد فيها الثّمن بمثل رأس المال، أو أزيد، أو أنقص. وسمّيت بيوع الأمانة، لأنّه يؤتمن فيها البائع في إخباره برأس المال، وهي ثلاثة أنواع: بيع المرابحة، وهو البيع الّذي يحدّد فيه الثّمن بزيادة على رأس المال. وبيع التّولية، وهو البيع الّذي يحدّد فيه رأس المال نفسه ثمناً بلا ربح ولا خسارة. وبيع الوضيعة، أو الحطيطة، أو النّقيصة: وهو بيع يحدّد فيه الثّمن بنقص عن رأس المال، أي بخسارة, وهناك بيوع مسمّاة بأسماء خاصّة ورد النّهي عنها كبيع النّجش، وبيع المنابذة، ونحوهما. وهناك أنواع أخرى روعي في تسميتها أحوال تقترن بالعقد، وتؤثّر في الحكم، كبيع المكره، أو الهازل، وبيع التّلجئة، وبيع الفضوليّ، وبيع الوفاء.
وموضوع المقال هو بيع العقار وفاء أي بصيغة بيع الوفاء المشهورة في الفقه, وهي البيع بشرط أنّ البائع متى ردّ الثّمن يردّ المشتري العقار إليه، لأنّ المشتري يلزمه الوفاء بالشّرط. وإنّما أطلق عليه ( بيع الأمانة ) عند من سمّاه كذلك من القائلين بجوازه لأنّ المبيع بمنزلة الأمانة في يد المشتري، لا يحقّ له فيه التّصرّف النّاقل للملك إلاّ لبائعه، ويسمّيه المالكيّة "بيع الثّنيا" والشّافعيّة "بيع العهدة" والحنابلة "بيع الأمانة", ويسمّى أيضاً "بيع الطّاعة", "وبيع الجائز" وسمّي في بعض كتب الحنفيّة "بيع المعاملة"
وهذا البيع للعقار موجود في بعض الدول وبالذات المنتشر فيها المذهب الحنفي والشافعي لتجويز متأخريهم له.
أما حكمه فذهب المالكيّة والحنابلة والمتقدّمون من الحنفيّة والشّافعيّة إلى: أنّ بيع الوفاء فاسد، لأنّ اشتراط البائع أخذ المبيع إذا ردّ الثّمن إلى المشتري يخالف مقتضى البيع وحكمه، وهو ملك المشتري للمبيع على سبيل الاستقرار والدّوام, ولأنّ البيع على هذا الوجه لا يقصد منه حقيقة البيع بشرط الوفاء، وإنّما يقصد من ورائه الوصول إلى الرّبا المحرّم، وهو إعطاء المال إلى أجل، وانتفاع دافع المال وهو المشتري بالعقار.
وذهب بعض المتأخّرين من الحنفيّة والشّافعيّة إلى أنّ بيع الوفاء جائز, وحجّتهم في ذلك: أنّ البيع بهذا الشّرط تعارفه النّاس وتعاملوا به لحاجتهم إليه، فراراً من الرّبا، فيكون صحيحاً لا يفسد البيع باشتراطه فيه، وإن كان مخالفاً للقواعد، لأنّ القواعد تترك بالتّعامل، كما في الاستصناع.
وقال بعض متأخّري الشّافعيّة: بيع العهدة صحيح جائز وتثبت به الحجّة شرعاً وعرفاً على قول القائلين به، وقد جرى عليه العمل في غالب جهات المسلمين من زمن قديم وحكمت بمقتضاه الحكّام، وأقرّه من يقول به من علماء الإسلام، مع أنّه ليس من مذهب الشّافعيّ، وإنّما اختاره من اختاره ولفّقه من مذاهب، للضّرورة الماسّة إليه، ومع ذلك فالاختلاف في صحّته من أصله وفي التّفريع عليه، لا يخفى على من له إلمام بالفقه.
يهدف المقال إضافة إلى المعلومات المضمنة فيه إلى كشف جانب من تاريخ الفقه في تراثنا الإسلامي, وتأمل الفقرة الأخيرة وهي عمل الناس به وتصحيح القضاء له للضرورة مع وجود الاختلاف فيه الذي لا يخفى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي