الاقتصاد السعودي في تقرير الاستثمار العالمي
استضافت الهيئة العامة للاستثمار مطلع الأسبوع الحالي إعلان مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونتوكاد) تقريرها السنوي الخاص بقياس حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية في العالم، تقرير الاستثمار العالمي.
تضمن الإعلان إيجازا عن توزيع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بين دول العالم. ولما لأهمية التعرف أكثر على نصيب الاقتصاد السعودي من هذه التدفقات، فإنه من الأهمية بمكان قراءة التقرير من منظور الاقتصاد السعودي وربطه بالتطورات الاقتصادية العالمية في محاولة لقراءة مستقبل الاقتصاد السعودي في هذا الجانب.
إنه من الأهمية بمكان قبل قراءة التقرير من منظور الاقتصاد السعودي توضيح دور الأونتوكاد في الاقتصاد العالمي، ومنهجية التقرير ذاته في قياس حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة. المؤتمر هو إحدى الهيئات المنبثقة عن الأمم المتحدة والمنوط به تطوير العملية التكاملية للتجارة والتنمية وجميع المواضيع ذات الصلة بالمجالات المالية والتقنية والاستثمار والتنمية المستدامة بين أعضاء الأمم المتحدة.
اعتمد التقرير على مؤشر الأمم المتحدة الإحصائي في توزيع دول العالم. حيث يقسم المؤشر دول العالم إلى ثلاث مجموعات: متقدمة، شبه متقدمة، ونامية. تشمل الدول المتقدمة جميع الدول الأعضاء في المؤتمر، من ضمنها السعودية، والأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي. وتشمل الدول شبه المتقدمة دول جنوب شرق أوروبا وأعضاء دول الكومنولث. وتشمل الدول النامية جميع البلاد الأخرى غير المشمولة بالمجموعتين السابقتين.
تناول التقرير الاقتصاد السعودي من أربعة محاور رئيسة. المحور الأول مسببات نمو تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة. والمحور الثاني تنوع مساهمة التدفقات الأجنبية المباشرة في صناعتي النفط و الغاز. والمحور الثالث توسع الشركات العالمية خارج مواطنها الأصلية. والمحور الرابع، مشاركة الشركات الحكومية في الإنتاج العالمي للنفط والغاز.
المحور الأول مسببات نمو تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة. أشار التقرير إلى زيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى منطقة غرب آسيا بمقدار 41 في المائة ليصل إلى قرابة 60 مليار دولار أمريكي. عزيت أسباب الزيادة إلى أربعة عوامل رئيسة: التوسع في برامج التخصيص، التحسن في المناخ الاستثماري، متانة نمو اقتصاديات معظم دول المنطقة، وارتفاع أسعار النفط.
احتل الاقتصاد السعودي بناء على ذلك المرتبة الثانية بعد تركيا باحتضانه قرابة 18 مليار دولار أمريكي عام 2006م، بزيادة تقارب 51 في المائة عن عام 2005م. توجهت معظم هذه الاستثمارات لدعم قطاع الخدمات، مما سيسهم بعون الله تعالى، في تقليل اعتماد الاقتصاد السعودي على النفط.
المحور الثاني تنوع مساهمة التدفقات الأجنبية المباشرة في صناعتي النفط والغاز. أشار التقرير إلى نصيب قطاعي النفط والغاز من مجموع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمنطقة غرب آسيا. حيث أشار التقرير إلى أن هذه القطاعات اجتذبت قرابة 3 في المائة من مجموع التدفقات. أشار التقرير إلى أن قطاعي النفط والغاز السعوديين لم يجتذبا أيا من هذه النسبة عطفا على السياسات النفطية السعودية الرامية إلى إبقاء قطاعي النفط والغاز ضمن مظلة الاستثمارات الوطنية.
المحور الثالث توسع الشركات العالمية خارج مواطنها الأصلية. صنف التقرير أكبر عشر شركات عالمية في مجال صناعة النفط والغاز من حيث حجم الإنتاج. حيث بلغ مجموع إنتاج هذه الشركات قرابة 41 في المائة من الإنتاج العالمي. صنف التقرير شركة أرامكو السعودية في المرتبة الأولى بإنتاجها لقرابة 9 في المائة من مجموع إنتاج الشركات العشرة.
المحور الرابع، مشاركة الشركات الحكومية في الإنتاج العالمي للنفط والغاز. تطرق التقرير في السياق ذاته إلى استثمارات أرامكو السعودية الدولية. حيث استشهد التقرير باستثمارات "أرامكو السعودية" في مصفاة نفط صينية عن طريق التحالف الاستراتيجي مع شركة سينيول النفطية الصينية.
كثيرة هي الفوائد عندما ننظر إلى نتائج تقرير الاستثمار العالمي وندمجها مع توقعات البنك الدولي حول حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال النصف الأول من العقد الميلادي. حيث يمكن أن نخرج بخلاصة شمولية مفادها أن الاقتصاد السعودي بدأ في التقدم على اقتصاديات منافسة له كالاقتصاد المصري والتايلندي في اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وهذا التقدم هو في واقعه خطوة أولية معتمدة على قطاع المشتقات النفطية لاحتلال مراكز متقدمة في اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.