رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تطبيق القرارات وتنفيذ المشاريع تحديان رئيسيان

[email protected]

في جلسة هادئة مع مجموعة من المفكرين حول مستقبل بلادنا في السنوات المقبلة، خاصة ونحن نعيش اليوم جهودا جبارة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، أيده الله، للنهوض بالبلاد لتكون بمصاف الدول المتقدمة اقتصاديا، فها نحن نسمع عن المدن الاقتصادية والمالية والصناعية، كما نسمع عن إصدار تشريعات وأنظمة جديدة تعالج الخلل في الأنظمة القديمة التي لم تعد تصلح لمعطيات اليوم ومتغيرات الغد.
لقد كان السؤال الأهم ـ حسب رأيي ـ الذي أطلقه بعض الحاضرين: ما التحديات التي ستواجه بلادنا والتي قد تشكل عوائق إذا لم نستطع أن نتصدى لها في الوقت المناسب؟ ولقد أسهب الجميع في تعدد تلك التحديات، فمن قائل إنها ثقافية على اعتبار أن قيم العمل مثل الإنتاجية والابتكار والعطاء واحترام الوقت شبه غائبة لدى الكثير من الموظفين السعوديين، ومن قائل إنها اجتماعية، حيث مازالت الانتماءات الأخرى مثل الانتماء للقبيلة أو الطائفة أو المنطقة توازي الانتماء للوطن (ففي حين أن الآخرين يتباهون بالصناعات نحن نتباهي بمزايين الإبل)، إلى غير ذلك من التحديات التي لا يتسع المجال هنا لحصرها.
أما بالنسبة لي فقد قلت لهم إن التحدي الرئيسي الذي ستواجهه بلادنا يتمثل في تطبيق القرارات وتفعيلها وتنفيذ المشاريع العملاقة الطموحة وتشغليها في الوقت المناسب، فهذه القرارات الكثيرة تحتاج إلى خبرات محلية وعالمية ممارسة وجهود كبيرة وحثيثة لتطبيقها وتفعيلها في الوقت المناسب، كما أن المشاريع العملاقة الطموحة تحتاج إلى تمويل كبير ونحن نعاني شحا في آليات التمويل، وتكامل بين الجهات الحكومية والخاصة ونحن نعاني تدابرا عجيبا وكأن دور المؤسسات الحكومية المنظمة الرئيسي يتمثل في عرقلة المشاريع الخاصة وتأخيرها ورفع درجة مخاطرها.
تطبيق وتفعيل القرارات وتنفيذ وتشغيل المشاريع تحتاج إلى تهيئة جميع الشرائح ذات الصلة بتلك القرارات والمشاريع لكي يفهموها ويتفهموها ليكونوا سواعد بناء لا معاول هدم في هذه المساحة التي تحتاج إليهم البلاد اليوم، ولكن للأسف الشديد أننا نجد أن معظم الشرائح ذات الصلة (خصوصا المستويات الإدارية الوسطى والمستويات الإدارية التي تواجه الجمهور) شبه مغيبة وكأننا في جزر منفصلة، كل يعمل حسب رأيه وقناعته دون تنسيق وتكامل إن لم يكن بتعطيل وتضارب.
ما يجعلني أقلق أكثر حقيقة ندرة أو غياب مكاتب الدراسات والبحوث المحترفة القادرة على تعزيز سلامة القرارات وتعزيز آليات تنفيذها في الوقت المناسب مما جعل الكثير من القرارات والمشاريع السابقة لم تنفذ أو لم تر النور رغم تداولها سنوات طويلة.
مضت سنة تقريبا على إطلاق مشروع مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل ولم تطرح المدينة للاكتتاب العام، بينما طرحت أختها مدينة الملك عبد الله الاقتصادية للاكتتاب العام، لماذا ؟ يتم تمويل الأولى من سوق المال وتحرم الأخرى التي ستعاني حسب اعتقادي مشكلات تمويلية، نعم أتفق مع هيئة السوق المالية على أنه لا يجوز الطرح العام إلا بعد أن نرى تمويلا أساسيا ونرى عملا ونرى بوادر نجاح، وهنا أتساءل: هل حسابات القائمين على مشروع مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية المالية أصابها خلل قد يؤدي إلى تأخير تنفيذ المشروع.
نحو 20 ألف وحدة سكنية لأصحاب الدخول المحدودة كلفت بها وزارة الشؤون وخصصت لها الميزانيات وبقي الوضع على ماهو عليه حتى أسست الهيئة العامة للإسكان وحول المشروع إليها لكي تنفذه، ولا نعلم متى تشرع هذه الهيئة الوليدة في تنفيذ هذا الكم الكبير من الوحدات السكنية ومتى توزع تلك المنازل على مستحقيها؟
مشروع الملك عبد الله لتطوير مرفق القضاء الذي خصص له سبعة مليارات ريال مشروع أكثر من مهم لتطوير البيئة الاقتصادية في بلادنا وحماية حقوق ومصالح الناس، ولكن هناك توجس أن يواجه هذا المشروع بعراقيل تؤخر تنفيذه ما لم توجد جهة تطالب الجهات المعنية بتوفير خطة تنفيذية واضحة المسارات والأوقات تتابع أولا بأول وتعلن للجميع، ومما يزيدنا توجسا أن هذا المشروع ليس كسابقه "مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام" الذي حددت مدة تنفيذية بست سنوات.
ختاما أقول إن القيادة السياسية للبلاد عاقدة العزم على تطوير المجالات والقطاعات كافة وترصد لذلك ميزانيات ضخمة وغير مسبوقة، وما على الجهات القائمة على تنفيذ القرارات وتطبيقها وإقامة المشاريع وتشغيلها إلا العمل المتواصل الدؤوب القائم على التخطيط السليم لكي تسير الأمور كما ننشد جميعا، وحسب المعلن لكي نعرف جميعا: إلى أين نحن ذاهبون؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي