الزكاة.. مورد اقتصادي غائب
للزكاة أهمية بالغة من الناحية الشرعية ومن الناحية الاقتصادية. فبالإضافة إلى أنها الركن الثاني من أركان الإسلام، فإن للزكاة أهمية اقتصادية كبيرة باعتبارها موردا مهما من موارد الخزانة العامة في المملكة العربية السعودية. حيث تُقدر حصيلة الزكاة الشرعية في المملكة بين 23.4 إلى 33.8 مليار ريال سنوي، وهو ما يمثل نحو 2.5 في المائة إلى 3.6 في المائة من الدخل القومي. وعلى الرغم من هذه الأهمية، فإن النظر إلى الزكاة كونها موردا اقتصاديا مهما لم يأخذ حقه من الاهتمام بسبب زيادة الإيرادات النفطية في الآونة الأخيرة. ومع ذلك فإن تنمية وتطوير قطاع الزكاة، وكذلك الضريبة، ينبغي الاهتمام به ليكون موردا يعتمد عليه في حالة تناقص الموارد المالية الأخرى للدولة.
ولأهمية هذا الجانب من إيرادات الخزانة فقد كشفت دراسة محاسبية حديثة أن آلية الاعتراض في القضايا الزكوية والضريبية محل الخلاف بين مصلحة الزكاة والدخل والشركات تؤدي بشكل عام إلى طول الفترة اللازمة للبت في الاعتراضات. فلقد أظهرت الدراسة أن الاعتراضات بشكل عام تتطلب مدة 1117 يوماً لكي يتم البت فيها من قبل لجنة الاعتراض الابتدائية. كما توصلت الدراسة إلى أن الاعتراضات الزكوية تستغرق فترة زمنية أكبر (1338 يوماً) للبت فيها مقارنة بالاعتراضات الضريبية ( 844 يوماً)، حيث يسهم تعدد الجوانب والآراء الفقهية التي يمكن أن ترتبط بالاعتراضات الزكوية في إطالة الوقت اللازم لدراستها ثم البت فيها.
وأوضح الدراسة التي أعدها الدكتور محمد بن سلطان السهلي رئيس قسم المحاسبة في جامعة الملك سعود بالمشاركة مع الدكتور يحيى بن علي الجبر نائب الأمين للهيئة السعودية للمحاسبين القانونين أن نتائج هذه الدراسة أظهرت أن آلية الاعتراض المعمول بها حالياً بشكل عام تؤدي إلى طول فترة البت في الاعتراضات. وهذا بدوره يؤدي إلى تأخر حصول الجهات المستفيدة على أموال الزكاة والضريبة المستحقة لها والتي تكون محلاً للاعتراض. كما أن المدد التي الحالية للبت في تلك القضايا تزيد بشكل كبير على المدة التي تستهدفها الاتفاقية التي أبرمتها مصلحة الزكاة والدخل مع الهيئة العامة للاستثمار والتي تنص على ضرورة ألا تتجاوز فترة البت في الاعتراضات عاماً واحداً. وتظهر هذه النتائج الحاجة إلى سرعة اتخاذ عدد من الإجراءات الكفيلة بتحقيق ما تستهدفه هذه الاتفاقية وذلك من أجل تعزيز وجذب مزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية.
أما من ناحية المبالغ محل الخلاف بين مصلحة الزكاة والشركات فقد أظهرت نتائج الدراسة أن متوسط قيمة الاعتراضات التي تنظر فيها اللجنة الابتدائية يبلغ 48.479.878 ريالاً سعودياً. في حين بلغت أعلى قيمة اعتراض نظرت فيه اللجان محل الدراسة 931.960.771 ريالاً مقابل 47833 ريالاً لأقل قيمة اعتراض. كما أوضحت الدراسة أن متوسط قيمة الاعتراضات الزكوية (72.043.359 ريالاً)، مقارنة بذلك الخاص بـالاعتراضات الضريبية (16.000.486 ريالاً).
وهذه النتائج تدل بشكل عام على أن الاعتراضات التي تنظر فيها اللجنة الابتدائية تتعلق بمبالغ ذات قيم كبيرة، مما يدل على أهمية الدور الذي تقوم به لجان الاعتراض الزكوي والضريبي. كما أن هذه النتائج تبرز الحاجة إلى أهمية سرعة بت اللجنة في الاعتراضات المحالة إليها ؛ لأن تأخر البت في الاعتراض قد يترتب عليه تأخر الاستفادة من مبالغ مستحقة ذات أقيام كبيرة.
أما من ناحية الوقت الذي تستغرقه مصلحة الزكاة لإتمام الربط النهائي على الشركات، الفترة التي تنقضي بين نهاية السنة المالية التي قدم المكلف عنها إقراره وبين تاريخ قيام المصلحة بالموافقة على هذا الإقرار أو تعديله (الربط النهائي)، فقد أظهرت الدراسة أن المدة الزمنية اللازمة لإجراء الربط تبلغ 1301 يوم. وهذه النتيجة تظهر ضرورة معالجة المعوقات التي تسهم في استغراق الربط لهذه الفترة الطويلة نسبياً. لذا فإنه من الضروري تعزيز إمكانيات المصلحة البشرية والمادية من أجل زيادة سرعة وكفاءة إجراء الربط على المكلفين.
أما من ناحية مواضيع بنود الخلاف بين مصلحة الزكاة والشركات، فقد بينت الدراسة أن أكثر مواضيع الخلاف هي المعالجة الزكوية للاستثمارات ثم المواضيع المتعلقة بالمخصصات والاحتياطيات. ومع التوسع الاستثماري في البلد، خصوصاً في مجال الاستثمارات المالية، فإنه من الضروري العمل على توضيح الطريقة الراجحة شرعاً للزكاة عن الاستثمارات حتى تبرئ الذمة لدى الشركات.