رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ما لم يذكره التقرير السنوي لمؤسسة النقد

[email protected]

يصدر تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) السنوي متأخراً كالعادة. فقد صدر التقرير السنوي لسنة 2007 بعد نحو تسعة أشهر من انتهاء السنة المالية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وهو يرصد التطورات الاقتصادية المحلية لسنة 2006، إضافة إلى أرقام مالية محدثه مثل عرض النقود والأنشطة البنكية الأخرى، وتكاليف المعيشة. وقد يكون عذره الوحيد في التأخير هو محاولته الحصول على الإحصاءات الاقتصادية والاجتماعية من وزارة وهيئات ومؤسسات حكومية متعددة. وعند صدور التقرير السنوي، يصدر معها موجز إعلامي لأهم التطورات الاقتصادية في سنة 2006. وهو يركز على الإيجابيات بشكل واضح، ويخفف من السلبيات بشكل لطيف. رغم أن الاقتصاد السعودي سجل نمواً حقيقياً في 2006 بلغ 4.3 في المائة، إلا أنه كان أقل من 2005 حيث بلغ نموه 6 في المائة. ورغم أن القطاع الخاص سجل نمواً كبيراً هو الأعلى في الخمسة والعشرين سنة الأخيرة بنسبة 6.4 في المائة، إلا أن مساهمته في إجمالي الناتج المحلي قد انخفضت من 40.5 في المائة في سنة 2001 إلى 28.8 في المائة في سنة 2006، وقد يعود ذلك إلى ارتفاع مساهمة القطاع النفطي من 37.6 في المائة إلى 54.6 في المائة للفترة نفسها. ورغم أن نمو إجمالي الناتج المحلي بالقيمة الاسمية قد ارتفع بنسبة 10.6 في المائة والقطاع النفطي بنسبة 14.5 في المائة، فإن الدخل الفردي لم يرتفع إلا بنسبة 7.9 في المائة.
وفي ظل تلك المعطيات، فإن سنة 2007 قد لا تكون أحسن حالاً من 2006. فقد يتراجع نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي من مستويات 2006، ليسجل نمواً أقل من 4.3 في المائة، حيث يشير المحافظ إلى أن إنتاج نفط المملكة أقل من العام الماضي، ونظراً للدور الكبير للنفط في الاقتصاد ومساهمته في إجمالي الناتج المحلي، فإن انخفاض إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لسنة 2007 أمر وارد. وفائض الميزانية الذي بلغ نحو 290 مليارا قد يكون أقل من العام الماضي حسب المحافظ. ففي تقديرات الموازنة لسنة 2007، أشارت الحكومة إلى أن الفائض المتوقع هو 20 مليار ريال، وهو رقم متحفظ عطفاً على ارتفاع أسعار النفط الكبيرة خلال العام الحالي، والتقديرات الحكومية المتحفظة في إعداد الموزانات العامة.
وفي نظري أن الغموض مازال قائماً فيما يتعلق بالسايسات النقدية والمالية في مسألة مكافحة التضخم رغم المخاطر المحتملة من ارتفاعه. وليس من المفيد مقارنة معدلات التضخم في المملكة بالدول الأخرى لتخفيف حدته، ولا يبدو أن تصريح المحافظ سيحد من المضاربات على الريال في الوقت الحاضر والمستقبلي. فنحن نمر بموسمي رمضان والحج والعمرة التي ترتفع فيهما المضاربات على الريال حتى دون تراجع الدولار أو تصريحات مساندة بثبات السياسة النقدية. وستضغط عوامل السوق بشكل قوي للغاية على الريال في المستقبل المنظور. فليس هناك توجه بتغيير سعر الفائدة المرتفعة حالياً على الريال، مما يجعل الريال مطلباً كبيراً للمضاربين، وسترتفع الأصول الأجنبية لساما مع استمرار ارتفاع أسعار النفط، وستزداد النفقات الحكومية، وسيزداد عرض النقود، وقد يستمر الدولار في التراجع. كل تلك العوامل تضغط على ساما في اتخاذ خطوات أكثر جرأة قد لا نراها إلا ضمن اتفاق ضمني أو معلن مع دول الخليج الأخرى. فدول الخليج، بدأت تعلن تذمرها بشكل أقوى من تراجع الدولار، وتشهد ضغطاً تنموياً بسبب زيادة الواردات من دول العالم الأخرى على حساب الولايات المتحدة. ولن تجد أمامهاً طريقا آخر غير رفع قيمة عملاتها مقابل الدولار إذا استمرت المعطيات الحالية.
خلاف ذلك، تبقى أسئلة كثيرة حول الإحصاءات والبيانات التي يحتاج إليها السوق. فالسوق ليست في حاجة إلى أرقام إحصائية لسنة مضت، بل يريد أرقاما حية وتعايش الواقع الحالي. فهو يريد تقديرات إجمالي الناتج المحلي للأرباع الثلاثة في السنة الحالية، ويريد أرقام الإيرادات والمصروفات لميزانية الدولة الربعية للسنة الحالية أيضاً. فمن الواضح أنها موجودة حسب تلميحات معالي المحافظ عن تقديراته للفوائض المالية والنفط، لكنها لا تنشر في عصر أصبحت لغة الأرقام الحالية هي اللغة التي تصنع قرار المستقبل، وتلكم التكهنات، وتطفيء لهيب المضاربات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي