الصرافة الإسلامية تتوغل خطوة خطوة في دول آسيا الوسطى.. هل تنجح؟
يحاول مصرفيون عرب ضخ دماء الصرافة الإسلامية في شرايين آسيا الوسطى. فهل ينجحون في إرساء مركز جديد لهذه الصناعة في دول الاتحاد السوفياتي المفككة؟
قام البنك الإسلامي للتنمية, الذي يتخذ من السعودية مقراً له, بالاشتراك مع حكومة قرقيزيا بإطلاق مشروع تجريبي مصمم لإدخال نظام التمويل الإسلامي إلى قرقيزيا.
حيث قام أخيرا كل من رئيس قرقيزيا كورمانبيك باكييف ورئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد علي المدني بتوقيع الاتفاقية الخاصة بالمشروع في حفل أقيم في بشكيك. وبموجب هذه الاتفاقية، سيكون بنك إيكو الخاص أول بنك في ذلك البلد يقدم لزبائنه المنتجات المالية المبنية على أحكام الشريعة الإسلامية.
وبعد حفل التوقيع، صرح باكييف بأنه يعتقد أن تطوير المصرفية الإسلامية سيقنع البلدان الـ 55 الأخرى الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية بالاستثمار في اقتصاد بلاده.
المصرفية تضل طريقها نحو وسط آسيا
يعتقد على نطاق واسع أن المصرفية الإسلامية ظهرت لأول مرة في مصر في ستينيات القرن الماضي. وبفضل الطفرة النفطية في السبعينيات، ازدهرت في شبه الجزيرة العربية، وانتشرت من هناك في الشرق الأوسط وإيران وجنوب شرق آسيا.
ولكنها لم تنتشر حتى الآن إلا على نطاق ضيق في منطقة آسيا الوسطى والمغرب (ويعزو المراقبون ذلك إلى أسباب تاريخية، واجتماعية ونفسية) بحسب التقرير الموسع الذي نشرته EurasiaNet.
وحين روجت السلطات القرقيزية في العام الماضي لفكرة إدخال النظام المصرفي الإسلامي إلى البلد، ذكر علاء باييف رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي عدة مرات أن ذلك سيكون على سبيل التجربة فقط، مذكراً بما أسماه "الصفة العلمانية بشكل أساسي" للنظام المالي لقرقيزيا.
البنك الإسلامي للتنمية في آسيا الوسطى
في الوقت الذي لا ينتشر النظام المصرفي الإسلامي على نطاق واسع في آسيا الوسطى، فإن البنك الإسلامي للتنمية، وهو البنك الذي انبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي، موجود في المنطقة منذ أكثر من عشر سنوات.
تم تأسيس البنك الإسلامي للتنمية في عام 1975 بهدف نشر النظام المصرفي الإسلامي في سائر أرجاء العالم.
انضمت معظم دول آسيا الوسطى إلى عضوية البنك في أواسط تسعينيات القرن الماضي، بعد فترة قصيرة من استقلالها عن الاتحاد السوفياتي والانضمام إلى منظمة المؤتمر الإسلامي. وكانت قرقيزيا أول الدول المنضمة في عام 1993، وتلتها كازاخستان في عام 1995، فطاجكستان في 1996 فتركمانستان في عام 1997.
تعد كازاخستان أكثر الدول المسهمة في البنك الإسلامي للتنمية من بين دول آسيا الوسطى حيث تسهم بنسبة 0.12 في المائة من رأسماله. وتسهم كل من قرقيزيا، وطاجكستان وتركمانستان بنسبة 0.06 في المائة وأوزبكستان بنسبة 0.03 في المائة.
يقول البنك الإسلامي للتنمية إن هدفه يتمثل في رعاية التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي للدول الأعضاء وللجاليات الإسلامية الموجودة في الدول غير الأعضاء فيه على نحو يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
ويجادل جيل كيبي، الخبير الفرنسي في الشؤون الإسلامية في كتابه "الجهاد" الذي يعد مرجعاً من المراجع التي تتحدث عن التطرف الإسلامي أن البنك الإسلامي للتنمية قام برعاية التبعية بين أفقر البلاد الأعضاء فيه وبين أكبر الدول المسهمة فيه، وهي السعودية وليبيا غيرها من الدول الغنية بالنفط.
وقام البنك الإسلامي للتنمية في آسيا الوسطى كما في بقية بلدان العالم الإسلامي، بتمويل عدد من المشاريع الصناعية بهدف تعزيز التجارة الإقليمية وتخفيض مستوى الفقر.
كازاخستان كمركز إقليمي
تقدم بعض البنوك في كازاخستان منذ مدة خدمات مالية إسلامية لعملائها ولكن هذه الخدمات تقتصر على التمويل المبني على التكلفة الزائده، بينما لا تزال الأشكال الأكثر تطوراً من خدمات المصرفية الإسلامية كالإجارة أو (الصكوك) قيد الدراسة.
وفي الكلمة التي ألقاها في المؤتمر الدولي الذي عقد لمناقشة نظام التمويل الإسلامي، ذكر نائب مدير الوكالة التي تنظم السوق المالية وتشرف عليها، غني أوزبيكوف، إنه يعتقد أن أمام بلاده "فرصة جيدة لأن تصبح مركزاً إقليمياً للمصرفية الإسلامية".
وعلى هامش المؤتمر الذي عقد في ألماآتا، أعلن بنك توران عالم في كازاخستان، ومجموعة بنك الإمارات بأن محادثات تدور بينهما لتأسيس مشروع مشترك مناصفة يتخصص في المنتجات المالية الإسلامية. ومن المحتمل أن تستكمل هذه الصفقة في نهاية العام الجاري.
ويبدو أن الوقت الذي كان فيه المصرفيون المسلمون يندبون ويتحسرون أن حكومات آسيا الوسطى لا تعلم مجرد العلم أن هناك شيئاً اسمه مصرفية إسلامية قد ولى. ذلك أن أصحاب القرار الإقليميين وأصحاب البنوك الخاصة بدأوا ينفتحون بالتدريج على المنتجات المالية الإسلامية.
أما إن كانت المصرفية الإسلامية ستحقق نجاحاً واسعاً في أوساط شعوب آسيا الوسطى فذلك أمر آخر.