فاحشة الاغتصاب .. مامن داء إلا وجعل الله له شفاء

فاحشة الاغتصاب .. مامن داء إلا وجعل الله له شفاء

جاءت آراء بعض المختصين والمتابعين عن ظاهرة الاغتصاب متوافقة مع بعض ما يُثار بين الحين والآخر عنها، حيث أكد عدد من أصحاب الاختصاصات المختلفة أنها أصبحت من الظواهر الأكثر شيوعا في المجتمعات، وحددوا ملامح حدوث حالات الاغتصاب التي اختزلوها في عدد من الصور الاجتماعية التي لا تخرج عنها في الغالب، وهذه الصور تتمثل في اغتصاب يقع بين الأصدقاء المقربين، وهو الأكثر غرابة والأكثر وقوعا وربما يحدث بتخطيط مسبق من أحدهما تجاه الآخر, وربما كان نتيجة صداقة محرمة لم تتوقع الفتاة أو العشيقة أن يصل الأمر إلى مرحلة الاغتصاب، وهو ما يمكن تسميته الاغتصاب بميعاد سابق، ولا ينجو منه إلا من عصمه الله. يضاف إلى ذلك الاغتصاب الذي يكون نتيجة الخطف والإكراه وغير ذلك، ويؤكد هؤلاء أن ما يحدث من اغتصاب، خصوصا في المجتمع المسلم بحاجة إلى معالجة حتى يصبح المجتمع خاليا من هذه الجريمة الخطيرة.

دور الأقارب في الاغتصاب
في البداية يؤكد التربوي مفرح إبراهيم الحقوي أن الاغتصاب ظاهرة مؤلمة وتسبب الكثير من المآسي للمتضررين منها، خصوصا الذين قد يتعرضون للاغتصاب من قريبين منهم سواء قرابة النسب أو أصدقاء وصديقات سواء وجدن معهم في كثير من الصلات والعلاقات الاجتماعية، فيما يتغير سلوكهم أو ينفذون مخططات إجرامية للنوازع الشريرة لديهم فتحصل الجريمة، لذا فإن حرص الأسرة على متابعة الفتيات والشباب وإبعادهم عن بعض الأقارب السيئين يكون عاملا مساعدا في عدم وقوع هذه الجرائم.
في الصدد ذاته، يؤكد ناصر الشهري الإخصائي الاجتماعي أن الاغتصاب هو سلب حرمة الغير سواء في العرض أو المال أو الوطن بغير وجه حق سواء بالتهديد أو بالسرقة أو بوضع اليد، وحيث إن المجتمعات الغربية تعاني من ظاهرة الاغتصاب، خاصة في العرض، ونخشى أن يتفشى هذا لدينا بشكل أكبر تأثرا بالحياة الغربية، وهذه الظاهرة لها أثرها في المدى البعيد ولا بد من التصدي لها بكل ما أوتينا من قوة وردعها وذلك بتطبيق الحدود الشرعية وهو ما تحرص عليه هذه الدولة، وفقها الله، ولأن بذل الجهد في سبيل مواجهته أمر مطلوب من أجل راحة المجتمع وأفراده.

خيانة الصداقة
ويرى الشيخ خالد الهميش وسيط الخير أن الاغتصاب إكراه على الزنا، والزنا حرام من المحرمات الظاهرة المعلومة، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، والله سبحانه وتعالى يقول "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً. إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" (الفرقان 68 - 70).
كما أن في فاحشة الزنا شرورا ومفاسد كثيرة، قال ابن القيم رحمه الله "والزنا يجمع خلال الشر كلها من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة، والزنا أو فاحشة الاغتصاب هي من موجبات غضب الرب على العبد ومنها سواد الوجه وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت ومنها ظلمة القلب وطمس نوره .. ومنها ضيق الصدر وحرجه".
ويزيد الاغتصاب أنّه إكراهٌ على ممارسة الزِّنا فهو أشد حرمةً من مجرد الزنا كما يقول العلماء.
وحرّي بالمنتمين للمجتمعات المسلمة البعد عن هذا الفعل المشين، الذي للأسف الشديد، أن الذين يقعون فيه إما يكون مع فتيات بالتغرير بهن أو خيانة لصديق له مع مجموعة آخرين، وأي صداقة تلك التي نهايتها اغتصاب الصديق، نسأل الله السلامة، وأن يطهر مجتمعنا منها، إنه سميع مجيب الدعاء.

طرق العلاج
من جهته، قال الشيخ الدكتور علي بن محمد باروم الأستاذ في كلية الشريعة في جامعة أم القرى إن الدواء والبلسم النافع الذي عالج به الشرع جريمة الزنا، والاغتصاب تبعا لها، فإنَّه ما من داء إلا وجعل الله له شفاء إلا السَّام، فلننظر إلى الطرق التي عالج الشرع بها الزنا. علاج الزنا ببعث جانب الغيرة) أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي أمامة؛ (أن فتىً شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: "ادنه» فدنا منه قريباً، فقال: «اجلس» فجلس، قال: «أتحبه لأمك»؟، قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: "أفتحبه لابنتك"؟، قال: لا والله يا رسول الله؛ جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: "أتحبه لأختك"؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: "أفتحبه لعمتك"؟ قال: لا والله؛ جعلني الله فداك، قال ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: "أفتحبه لخالتك"؟ ، قال: لا والله؛ جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه، وقال: "اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وأحصن فرجه"، قال: فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء, وكذا روي عن سعيد بن جبير ومجاهد. ومن العلاج للزنا الذي يدخل فيه الاغتصاب التخويف من غيرة الله على محارمه) روى مسلم بسنده عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه, صلى الله عليه وسلم, إِنَّ اللّهَ يَغَارُ. وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ. وَغَيْرَةُ اللّه أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ. ومن العلاج الإخبار عن ارتفاع وصف الإيمان) روى البخاري بسنده عنِ ابن عباس رضيَ الله عنهما؛ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَزني العبدُ حينَ يَزني وهو مؤمن، ولا يَسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشربُ الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يَقتُلُ حين يقتل وهو مؤمن" قال عِكرمة قلتُ لابن عباس كيف يُنزَع الإيمانُ منه؟ قال هكذا ـ وشبَّكَ بينَ أصابعهِ ثمَّ أخرجها ـ فإن تاب عادَ إليه هكذا ـ وشبك بين أصابعه. ومن العلاج بيان أن الزنا سبب العذاب وأن صاحبه ملعون) روى الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من غير تخوم الأرض، ولعن الله من كَمَه الأعمى عن السبيل، ولعن الله من سبّ والده، ولعن الله من تولّى غير مواليه، ولعن الله من عَمِل عَمَل قوم لوط. ومن علاج الزنا ذكر أحوال العفيفين وبالوعد بالجنَّة لمن عفَّ نفسه. أسأل الله أن يقي أمتنا وشبابنا شر ذلك إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الأكثر قراءة