رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل يمكن اعتبار المكتبات محركات اقتصادية؟ (2 من 2)

[email protected]

في تقرير أصدرته الـ OCLC, Inc عام 2003م, عن المكتبات ودورها في الاقتصاد على مستوى العالم والمستوى المحلي للولايات المتحدة تحت عنوان Libraries: How they stack up? أكدت النتائج أن المكتبات تعتبر محركات اقتصادية كما هي أوعية معلوماتية وصاحبة أكبر خبرة في امتلاك أثمن المقتنيات, والممون المعلوماتي الأساس للكون بأسره. لقد حوى التقرير الكثير من المعلومات الإحصائية والمقارنات الاقتصادية المفيدة لأي باحث ومطلع مختص أو راغب في الدخول في صناعة اقتصاديات المعلومات. فقد ذكر فيه أنه توجد في العالم 5400 مليون مكتبة ومعدل الزيارات لها حسب التعداد السكاني للعالم زائر واحد للمكتبة لكل ستة أشخاص في العالم. أما على المستوى المحلي لبعض الدول فيزور المكتبات العامة الأمريكية مثلاً أكثر من 1160 مليون زائر سنويا, في حين لا يتعدى الحضور الجماهيري في كل ملاعبها الرياضية في مختلف الألعاب على 204 ملايين مشجع تقريبا. ولقد بلغ عدد أمناء وإخصائيي المكتبات في العالم 690 ألف أمين مكتبة تقريبا تستحوذ الولايات المتحدة على 203 آلاف منهم بحيث يحتل هذا الرقم المرتبة الرابعة من أعداد القوى العاملة في أهم 20 قطاعا حكوميا أو تجاريا في الولايات المتحدة. لقد بلغت مصروفات "المكتبات العامة" حول العالم 31 مليار دولار سنويا منها 14 مليار دولار للولايات المتحدة. وعند مقارنة حجم الإنفاق على المكتبات أيضا وجد أنها تزيد في حصتها على أربعة من أكبر الأنشطة الاستثمارية وهي مبيعات الفيديو وأدوات الجولف والدراجات الهوائية وأدوات التمارين الرياضية اليومية. وفي قيمة المصادر العلمية المعلوماتية ذكر أنه تبلغ قيمة مصادر المعلومات في المكتبات الأكاديمية مثلا في العالم 211 مليار دولار في حين تبلغ 202 مليار دولار للمكتبات العامة. العوائد من ناحية أخرى بلغت في خدمات المكتبات العامة في أمريكا نحو 4.4 دولار لكل دولار يصرف وتعتلي ولاية واحدة بعوائد تبلغ عشرة دولارات لكل دولار يصرف فيها.
من ناحية أخرى كان لتقرير IFLA في أوسلو عام 2005م المعنون بـLibraries, National Security, Freedom of Information Laws and Social Responsibilities صدى إيجابيا على حركة صناعة المعلومات على مستوى العالم, فقد استنبط من التقرير أن إفريقيا وآسيا الأقل توجها نحو تقليص الفجوة الرقمية في العالم وحسب آخر تقارير في عامي 2006 و2007م مازالت هاتان القارتان تتطلعان للنهوض من غفوتها ولكن العمل المطلوب كبير جدا في كثير من الدول بها عدا منطقة الخليج وبعض الدول العربية. أحد إيجابيات المؤتمر المقام في ذلك العام تبني كثير من المكتبات حيازة برامج وتطبيقات لترشيح مادة الإنترنت المثقلة بالغث والسمين وذلك لحماية الأطفال من كثير من المواقع غير المفيدة والضارة, مما يلوح بفرصة استثمارية جديدة لدينا إذا ما علمنا أن هناك اهتماما بالمكتبة المدرسية التي ستأخذ موقعها في المملكة في أكثر من عشرة آلاف مدرسة سترحب باقتناء واستخدام مثل هذه البرامج. لقد وضح أن للتقرير تأثيرا مباشرا في مواضيع عدة أهمها الاجتماعية والاقتصادية لأنها تسهم في وضع معايير لتحديد ماهية الحواجز وكيفية تخطيها ومن ثم كيفية تقييم الإنجازات والنجاحات في التخصص ذاته، وبالذات تنظيم الحصول على المعلومة وكيفية الاستفادة منها.
إذا أردنا أن يكون لدينا التأثير نفسه هناك تساؤلات تبحث عن اجابات دقيقة ومقنعة توفرها كل جهة معنية على مواقعها أو تصدرها في تقارير أو خلافه, والأسئلة هي:
1- كم أمين وإخصائي مكتبات في المملكة وما مؤهلاتهم؟ وهل أعيد النظر في مهامهم الوظيفية وبالتالي مسميات الوظائف تبعا لتطور التقنية ومعطيات المستجدات في التخصص؟
2- كم عضو هيئة تدريس متخصص في علم المكتبات والمعلومات في الجامعات السعودية؟ وكم هم المنتسبون له من غير المتخصصين؟ وهل سجلت المشاركات الاجتماعية لأعضاء هيئة التدريس وقيم مدى تأثيرها في توجه المجتمع نحو الاهتمام بالمكتبة والقراءة؟
3- ما حجم النشر العلمي لكل عضو هيئة تدريس في التخصص؟ وهل يسوق لنفسه في ذلك؟
4- إلى أي مدى حاز الطفل على اهتمام الباحثين والمسؤولين؟
إن وضع الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها أمامنا قبل إصدار أي تصريحات متفائلة وغير واقعية, من شأنها أن تنعكس إيجابا على حماية أبنائنا من العيش مستقبلا في حالة اقتصادية متدنية تعطلهم عن تحقيق طموحاتهم, حيث أثبتت الدراسات في بداية التسعينيات أن اهتمام دول غربية عديدة بالأطفال كان دافعه تحسين هذا الجانب وبناء مجتمع فعال ومنتج في مناحي الحياة المختلفة بعد عام 2005م. في الواقع نحن لدينا مقومات صناعة لأفضل مستقبل للطفولة ولكن هل نستطيع ترجمة ذلك على أرض الواقع؟ إذا كان ذلك ممكنا فعلينا أولا إزالة الكثير من المعوقات المترسبة في العديد من القطاعات الحيوية, كما لابد من تتبع وتشجيع الفرص الواعدة لنشر المكتبات مثل الدعوة التي وجهتها الأديبة "هيا الشريف" لتأسيس مكتبة عامة مجانية في جدة، حيث تجسد بدعوتها هذه روح المواطنة الحقة ورؤية مستقبلية ثاقبة نأمل من جميع الجهات المعنية ورجال الأعمال ومن يريد أن يسهم في وضع لبنة في بناء الوطن أن يبادروا بتشجيعها وتحقيق ما نحلم به جميعا وهو انتشار مثل هذه المبادرات على مستوى المملكة. نحن نتعلم الكثير من الأمم والمجتمعات وتجاربها السابقة, فلماذا لا نحاول تكييف ما تعلمناه ليتلاءم مع أوضاعنا ومن ثم القيام ببعض التطبيقات التمهيدية قبل تعميمها, مثل هذا المشروع وغيره, ليكون المسار ممهدا لمستقبل حافل بالأنشطة الاجتماعية والاقتصادية التنموية الناجحة بإذن الله؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي