مفهوم الاستحواذ لدى الشركة الدوائية!!
أعلنت الشركة الدوائية أخيراً أن مجلس الإدارة ينوي التقدم إلى الجهات الرسمية المختصة بطلب الموافقة على زيادة رأس مال الشركة من 600 مليون ريال إلى 1400 مليون ريال، وذلك بالاستحواذ على كامل أسهم شركة دواءكم (شركة مساهمة مقفلة مملوكة بالكامل للشركة الدوائية) ودمجها في الشركة الدوائية من خلال إصدار 80 مليون سهم جديد، على أن يتم الإعلان لاحقا عن مواعيد إصدارها وطريقة وقيمة توزيعها أو الاكتتاب بها حسب ما تقره الجهات المختصة والجمعيات العامة لكلتا الشركتين.
عند التأمل في الإعلان، نجد أنه تضمن بعض الطلاسم الغريبة حيث أن الشركة الدوائية (الأم) من جهة تنوي الاستحواذ على شركة دواءكم (التابعة لها) من خلال إصدار أسهم جديدة، ومن جهة أخرى تلمح إلى وجود اكتتاب لم توضح لنا معالمه. ما يلفت النظر هو أن الشركة الأم أعلنت خلال الشهور الماضية عن توثيق عقد تأسيس الشركة التابعة والحصول على ترخيص بتأسيسها وانعقاد جمعيتها التأسيسية، إلا أنها لم تعلن حتى الآن عن صدور قرار وزاري بإعلان تأسيس الشركة التابعة رسمياً!! ولم توضح لنا مبررات الاستحواذ بعد أسابيع معدودة من تأسيسها (إن تأسست بشكل رسمي فعلاً)!!
بالنظر إلى عملية الاستحواذ، نجد أنها من خلال إصدار أسهم جديدة وليس من خلال التسديد النقدي مما يوضح وجود تعارض بين فكرة رفع رأس المال من خلال إصدار أسهم جديدة وفكرة الاكتتاب بهدف الحصول على النقد. الغريب أن الشركة الأم ستقوم بالاستحواذ على شركة مملوكة لها بنسبة 100 في المائة وهي من قامت بتأسيس الشركة وهي من قامت أيضا بتقديم الحصص النقدية والعينية فيها، حيث إن الشركة الأم ستمثل طرفي عملية الاستحواذ (المشتري والبائع) وهي بلا شك ظاهرة نادرة لم ولن نجد لها مثيلاً في الأسواق المالية!!
يجب الإشارة إلى أن الشركة الدوائية تتبع منذ سنوات طويلة مبدأ توحيد القوائم المالية مع شركاتها التابعة، ما يعني أن الاستثمارات في الأوراق المالية المتاحة للبيع والمكاسب غير المحققة من إعادة تقييم هذه الاستثمارات ستظهر دائماً ضمن القوائم المالية للشركة الأم سواء كانت هذه الاستثمارات ضمن القوائم المالية للشركة التابعة أم للشركة الأم. نتيجة لذلك، فإن فكرة تأسيس شركة تابعة والاستحواذ عليها لاحقاً لن يكون لها أي تأثير جوهري على القوائم المالية للشركة الأم بأي حال من الأحوال.
إن الوضع الطبيعي لعملية رفع رأس المال من الممكن أن يتم من خلال بيع جزء أو كل استثمارات الشركة الأم في الأوراق المالية المتاحة للبيع بهدف تحقيق أرباح حقيقية ثم القيام برسملة هذه الأرباح إلى رأس المال عن طريق منح أسهم مجانية للمساهمين، وبالتالي فإن مفهوم رفع رأس المال من خلال الاستحواذ هذا يشبه إلى حد كبير مفهوم "تلبيس الطواقي" الذي انتشر أخيراً وبشكل واضح بين بعض الشركات لتحقيق أهداف معينة تختلف بحسب المسميات والظروف من شركة إلى أخرى.