رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل نرى حزاما أخضر وحدائق لتتنفس المدن؟

حزام أخضر لمدينة الرياض!! حدائق كبيرة كمتنفس ورئة في وسط المدينة أو أحيائها الخارجية .. حلم أم حقيقة لا بد من التفكير فيها؟ فالأشجار للمدن شعار وديدن حديث ظهر بعد اكتشاف حقائق مذهلة لما تجنيه المدن والبيئة العمرانية من زراعة الأشجار. فأخيرا وبعد مؤتمر البيئة والاحتباس الحراري ظهر الاهتمام بالأشجار والتشجير كأساس لرفاهية الناس في المدن فوق كونه لحماية البيئة من التلوث والاحتباس الحراري. وليس فقط في الدول الصحراوية الجرداء التي تفتقر إلى الأشجار, بل إن الاهتمام انطلق من الدول التي تغطيها الأشجار والنباتات والخضار والمياه. وصدق حديثه, صلى الله عليه وسلم: (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسَها فليْغرسْها). وعاد العالم ليؤكد حقيقة أهمية الشجرة للحضارة والعمران. وآخرها ما تقوم به مؤسسة خيرية في بريطانيا Trees for Cities تعنى بالترويج لزراعة الأشجار في المدن. وتقوم حاليا بعمل خطة لمدة الـ 20 سنة المقبلة للزراعة التدريجية للأشجار حتى تقلل من ظاهرة الاحتباس الحراري. ويشارك في البرنامج نفسه كل من مدينة مدريد وبوخارست وأديس أبابا. وكذلك الحال في أمريكا وبقية العالم, بل إن هناك عقوبات قاسية لمن يخلع شجرة.
والغريب أن الشجرة التي تلازمنا منذ عرفنا الحياة على الأرض قلما فكرنا في فوائدها غير ما نجنيه من منتجاتها سواء للأكل أو استعمالها في الحرف اليدوية والحطب. إلا أن الدراسات والعلم الحديث اكتشفا حديثا فوائد كثيرة وجديدة للأشجار لم تكن معروفة من قبل, أهمها:
* إن معدل كل 300 شجرة زرعت في مدينة نيويورك خففت 145 طنا من التلوث سنويا. وأن الأشخاص أو السيارات التي تجد مكانها تحت ظل الأشجار تقل حرارتها بمعدل تسع درجات مئوية عن المواقع المفتوحة.
* زراعة الأشجار حول المنزل تقلل درجة الحرارة للمنزل في حدود 8 إلى 12 في المائة.
* أثبتت الدراسات أن الأحياء السكنية التي تكثر فيها الأشجار يقل فيها العنف. حيث أجرى بعض الباحثين في جامعة إلينوي دراسة على مجمعات سكنية فيها أشجار وأخرى من دون فوجدت الدراسة أن المجمعات التي فيها أشجار يتمتع سكانها بعلاقات جيدة مع الجيران ويقل فيها العنف.
* أثبتت دراسة أجرتها جامعة واشنطن الأمريكية أن وضع الأشجار أمام المحال التجارية يجعل الناس يقصدونها أكثر من غيرها وتكثر مبيعاتهم.
* أثبتت الدراسات في أمريكا وأوروبا أن أسعار الوحدات السكنية التي فيها أشجار تزيد 3 إلى 7 في المائة في سعرها عن الوحدات التي من دون أشجار.
* آخر بحث لجامعة واشنطن كلية موارد ومصادر الغابات أثبت تأثير الأشجار في جودة بيولوجية وطبيعة البيئة العمرانية.
* الأشجار لها دور مهم في دورة الحياة الفطرية للأشجار نفسها والحشرات والبكتيريا التي تنمو حولها التي هي أساس بعض الأدوية الطبية. وأهميتها في تكامل سلسلة الأيكولوجية الفطرية.
* الإنسان الصحي يستنشق نحو 200 كيلو جرام من الأوكسجين سنويا بينما الشجرة الواحدة تعطي أو تضخ 130 كيلو جراما من الأوكسجين سنويا وبذلك فإن شجرتين كافيتان لتلبية حاجة شخص واحد من الأوكسجين.
* أثبتت دراسة تجريبية في مدينة أمريكية (ساكرمنتو-كاليفورنيا) أن الشجرة الواحدة تمتص 60 إلى 120 كيلو جراما من الملوثات, وهذا يؤدي إلى توفير قدرة أكثر من 100 مليون ريال للمدينة الواحدة.
* الشجرة تمتص جزءا كبيرا من مياه الأمطار التي تسقط عليها من خلال مسطحات أوراقها وجذورها وبذلك تقل كمية مياه الأمطار في الشوارع وتقل المستنقعات, ويخف الضغط على شبكة تصريف مياه الأمطار للمدينة, ما يوفر الكثير على بلدية المدينة والدولة.
* تفيد الدراسات أن أفضل ارتفاع أو طول لبدء غرس الشجرة هو أربعة أمتار وهو الطول الذي يجعلها أكثر مقاومة وقدرة على النمو. وأن تكون من الأشجار التي معروف أنها تعيش أكثر من عشر سنوات, أي كلما كانت الشجرة من النوع المعمر كان أفضل.
* علم الأشجار والغابات علم قديم وحديث يدرس في معظم جامعات العالم ولها مؤتمرات ونشرات.
* تكثر ظاهرة التشجير في شوارع المدن, فشوارع مدينة شيكاغو الأمريكية فيها ما يقارب مليون شجرة.
* زراعة الأشجار تساعد على التخلص من مستنقعات مياه الصرف الصحي إذا وجهت بطريقة مدروسة للاستفادة منها بدلا من بقائها كمستنقعات تتربى عليها الحشرات الناقلة للأمراض المعدية.

هذا غيض من فيض لما للأشجار من فوائد جمة ومفيدة لحياتنا وحياة المدن. وهي تدعونا للتفكير جليا في موضوع خلخلة المدن والأحياء السكنية وتخصيص أجزاء كبيرة منها كمتنفس للمواطنين وللمدن, فحتى المدن يحق لها أن تتنفس. لقد اختنقنا وسيخنقنا العمران وكثافته وما يؤديه إلى التزايد في التلوث وأصبحنا نتنفس الهواء الملوث.
أعود وأكرر الدعوة التي سبق أن وجهتها وهي أن يتم التخطيط لفكرة حزام أخضر أو اثنين خارج المدن, خاصة مدينة الرياض, ليحمينا من الغبار والرياح العاتية وزحف الرمال, ويكيف ويبرد الهواء والجو القادم للمدينة وينقيه. وأن تتم الاستفادة من تنقية مياه الصرف الصحي لكل مجموعة من الأحياء على حدة لتتم الاستفادة منها لري الحزام أو الحدائق الداخلية. وأن يتم نزع ملكيات بعض الأحياء القديمة وسط المدينة وتحويلها إلى منتزهات تعمل كرئة ومتنفس للمدينة والناس. وأن يتم تحويل الموقع الحالي لوزارة المعارف على طريق الملك عبد الله كحديقة عامة على غرار حديقة الهايد بارك في لندن, تكون رئة ومتنفسا للمدينة التي تفتقد مثل هذه الحدائق. وأن تكون حديقة عامة مفتوحة ومنسقة بممرات وبحيرة ونوافير ومؤثثة بمقاعد ومدرجات صخرية مناسبة للاحتفالات ومكتبة عامة. وأن يتم تأجير مساحات صغيرة منها لمطعم ومقهى يعود استثماره لبعض تكلفة الصيانة. وقد يكون أهم أسباب اختيار السكان هذا الموقع هو توسطه المدينة التي امتدت كثيراً إلى الشمال ومن دون متنفس ليكون جزءا من منظومة الحدائق والمنتزهات التي تقوم الأمانة بتجهيزها حالياً داخل الأحياء مثل منتزهي الثمامة ووادي حنيفة.
لذلك فإنني أرى أن تقوم وزارة الثقافة والإعلام بالتنازل عن هذا الموقع لمن هم أحق به وهم سكان المدينة التي تود الوزارة أن تثقفهم وتعلمهم (والعقل السليم في الجسم السليم). على أن يتم اختيار موقع جديد وأكثر مناسبة للوزارة. فهي ليست مبنى تجاريا أو استثماريا ووظيفتها أو علاقتها بالجمهور قد تسبب ازدحاما على طريق الملك عبد الله الذي نشكي الآن من اختناقاته وتعطيله الحركة, فالوزارة في غنى عنها. كما أن موظفي الوزارة ومراجعيها سيكونون أكثر استفادة في موقع آخر بدلاً من زجهم في ازدحامات هذه المواقع التجارية. خاصة أن المنطقة تعج بمبان تعليمية مثل المعد المهني والثانوية التجارية وجامعة الأمير سلطان التي في حد ذاتها تسبب ازدحامات كبيرة للمنطقة ولطريق الملك عبد الله, كما أن هذه الحديقة ستكون إضافة حضارية للمدينة ولطريق الملك عبد الله.
الحزام الأخضر وحديقة طريق الملك عبد الله أمنية الجميع ولصحة المدينة والمواطنين. فهل يريا النور في الرياض وبقية مدننا؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي