جدل بين المنتجين والمستهلكين حول مسؤولية ضبط السوق

جدل بين المنتجين والمستهلكين حول مسؤولية ضبط السوق

أدى التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة التي تمثل 26 من أكبر المستهلكين هم الدول الصناعية الرئيسية، إلى تفجير النقاش بين الوكالة من ناحية ومنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) حول هل هناك حاجة إلى زيادة الإنتاج للتعامل مع الأسعار المرتفعة كما ترى الوكالة، أم أن الارتفاع السعري لا يتعلق بنقص في الإمدادات وإنما يعود لأسباب داخلية على رأسها عدم وجود إمدادات كافية من البنزين خاصة في وقت الموسم هذا إلى جانب التوترات السياسية والأمنية كما ترى (أوبك)؟
الوكالة ترى أن وضع السوق النفطية يتجه إلى حدوث اختناقات في الإمدادات خلال السنوات القليلة المقبلة، وأن البوادر بدأت بدليل الأسعار المرتفعة حاليا، ويمكن إذا تركت أن تؤثر في الأداء الاقتصادي العالمي بما يسهم في حدوث تراجع سعري.
الوكالة في تقريرها نصف السنوي توقعت نسبة نمو في الطلب في حدود 2.2 في المائة سنويا ليصل المطلوب من الإمدادات إلى 95.8 مليون برميل يوميا بحلول 2012 ما يزيد على 86 مليونا في الوقت الراهن، وذلك على أساس تحقيق نمو اقتصادي في حدود 4.5 في المائة، وحتى إذا تراجعت معدلات النمو الاقتصادي إلى 3.2 في المائة، فإن هذا يعني أن على (أوبك) توفير مليوني برميل يوميا بصورة إضافية، ومع أن هذا سيقلل حجم الطلب، إلا أنه سيؤجل الوقت الذي يتجاوز فيه العرض الطلب لفترة عام واحد فقط. خلال هذه الفترة ستنمو الإمدادات النفطية من خارج (أوبك) من 49.98 مليون هذا العام إلى 52.56 مليون برميل يوميا في 2012.
لكن دول (أوبك) لا تقبل بهذه الطروحات، وتجد من بعض الدوائر ما يساند وجهة نظرها، خاصة فيما يتعلق بضعف الطاقة التكريرية خاصة في الولايات المتحدة، التي شهدت خلال العقد الماضي موجة في إغلاق بعض المصافي كما يشير الجدول أدناه، هذا إضافة إلى أنه ووفقا للأرقام المتاحة فإنه في واقع الأمر فإن حجم الإنتاج من الدول العشر الملتزمة بسقف إنتاجي محدد زاد 40 ألف برميل يوميا إلى 26.6 مليون الشهر الماضي عن شهر أيار (مايو)، وأنه بإضافة العراق المستثنى من نظام الحصص، وأنجولا العضو الجديد في (أوبك)، فإن حجم إنتاج المنظمة بلغ 30.22 مليون برميل مقارنة بنحو 30.21 مليون في الشهر الأسبق، علما أن السقف الإنتاجي المعتمد من المنظمة يبلغ 25.8 مليون برميل يوميا، وهو ما يشير إلى أن المشكلة لا تتعلق حصريا بقلة الإمدادات.
وبما أن سعر برميل النفط الخام يمثل جزءا أساسيا في تكلفة الوقود الذي يستخدم في المركبات الخاصة والعامة، فإن بعض الأنظار تتجه إلى الشركات النفطية متهمة إياها أنها وراء عمليات التلاعب بالأسعار وتقليل المتاح من مواد نفطية مكررة بهدف رفع الأسعار.
وهذا الاتهام ليس جديدا، وإنما هو مستمر بصورة أو أخرى. وفي مطلع هذا العقد أشرف السيناتور رون وايدن على دراسة تحت عنوان "إمدادات صناعة النفط والغاز"، تناول فيها بصورة محددة وضع الطاقة التكريرية وأشار فيها بأصابع الاتهام إلى الشركات النفطية التي قامت بإغلاق نحو 50 مصفاة خلال عقد الثمانينيات إلى مطلع هذا العقد بسبب وجود طاقة تكريرية ضخمة وفائضة أثرت على الأسعار، إضافة إلى أنه خلال فترة أكثر من 30 عاما لم يتم بناء مصفاة جديدة لأسباب على رأسها أن الهامش الربحي يظل قليلا مقارنة بالعائد من بيع النفط الخام، ثم إنه بسبب الوعي البيئي أصبحت القيود كثيرة وعديدة على بناء المصافي الجديدة.
وعودا إلى الدراسة المشار إليها، فقد أوضحت أنه تم إغلاق 24 مصفاة في فترة السنوات الخمس بين 1995 و2001 فقط، أبرزها تلك التي كانت مقامة في كل من: كاليفورنيا، إلينوي، أريزونا، أوكلاهوما، إنديانا، كانساس، لويزيانا، تكساس، ميسيسبي، ميتشجان، وواشنطن، وهو ما أدى إلى إزالة 828 ألف برميل يوميا من السوق.
وخلصت الدراسة إلى أن الشركات زادت أرباحها في الوقت الذي تقلصت فيه إمداداتها، وذكرت الدراسة حالة شركة تكساكو بصورة محددة، فأشارت إلى أنه بين عامي 1998 و2000 تراجعت قدرات الشركة الإنتاجية، لكن أرباحها تضاعفت أربع مرات إلى 2.4 مليار دولار.

الأكثر قراءة