إزالة الالتباس لفهم الاستثمار في "المملكة القابضة"
بدأ طرح أسهم شركة المملكة القابضة للاكتتاب العام بنقاش كبير حول ماهية الشركة، وطريقة قراءة قوائمها المالية، وآلية واختلاف طريقة طرحها، ناهيك عن الجدل حول كبر حجم رأسمال الشركة (63 مليار ريال)، ومدى تأثيره في مؤشر السوق. وينبغي القول إن الشركة تختلف في أنشطتها بشكل واضح عن الشركات التقليدية المدرجة في السوق السعودية حالياً، فهي شركة قابضة تعمل في مجال الاستثمار (أسهم وعقارات وفنادق). فمجرد قراءة قوائمها المالية لن يكون كافياً للخروج بقرار استثماري واضح، وخصوصاً لغير المتمرسين في الاستثمار. وهو الأمر الذي خلق لغطاً آخر وارتباكاً في معرفة الفرق بين القوائم المالية المفترضة التي نشرت مع مذكرة الإصدار، والقوائم المالية المدققة التي نشرت في الجزء الثاني من مذكرة الإصدار على موقع هيئة السوق المالية.
ولإزالة هذا الارتباك، ينبغي أن ينظر إليها كـ (صندوق) استثماري يستثمر في خليط من أسهم شركات محلية وعالمية، وعقارات، وفنادق عند درجات مخاطر عالية إلى متوسطة. ولتعذرني إدارة الشركة وكذلك القارئ الكريم في تسميتها "صندوق المملكة الاستثماري" لأتمكن من تبسيط عرض أدائها الاستثماري، بعيداً عن الاعتماد على معدلات الربحية المتعارف عليها في الشركات التقليدية الأخرى مثل مكرر الربحية والقيمة الدفترية وغيرهما. وإذا سلمنا جدلا بذلك، يمكن القول إن "صندوق المملكة الاستثماري" أو شركة المملكة القابضة تتسم بالنشاط والديناميكية، ناهيك عن قدرتها على استغلال البيع والشراء في أسهم الشركات المحلية والعالمية بطريقة احترافية عالية. ويساعدنا على اعتبار الشركة القابضة صندوق أسهم رغم وجود النشاط العقاري والفندقي الواضح، هو شجاعة إدارة الشركة التي لا نستبعد أن تتخذ أي قرار استثماري ـ متى ثبتت جدواه ـ ببيع وتسييل أي من الأصول العقارية والفندقية بسهولة شبيهة بتسييل أسهم المحافظ الاستثمارية. وإذا أخذنا إيجابية ذلك في الاعتبار، يمكننا أن نضيف بعض الإيجابيات التي تميز شركة المملكة القابضة عن أي صندوق استثماري آخر. فبينما ينظر المستثمر في أداء صندوق استثماري ما، ومقارنته بالمؤشر المرجعي لأداء الصندوق ـ الذي في العادة ينشر في نشرة أداء الصناديق الاستثمارية ـ وكذلك العوائد التاريخية التي حققها الصندوق وإدارته وفلسفته في الاستثمار من حيث العائد والمخاطر، ناهيك عن استراتيجية التخارج التي تمكن المستثمر في صندوق ما من التخارج. فإن الاستثمار في شركة المملكة القابضة يعطي المستثمر حرية أكبر وأفضل من مجرد الاستثمار في صندوق استثماري ما. فالصناديق الاستثمارية تقيد حركة الخروج والدخول حسب نظام الصندوق الأساسي، بينما يتيح إدراج أسهم شركة المملكة في السوق المحلية حرية البيع والشراء بشكل آني.
والسؤال المهم هو كيف يمكن اتخاذ قرار البيع والشراء في سهم شركة المملكة في ظل عدم تمكن المستثمر من تقدير بعض معدلات الربحية المتعارف عليها في الشركات التقليدية الأخرى. وحتى لا يضيع المستثمر جهده في البحث عن الأداء السنوي لشركة المملكة القابضة، فإن أفضل مقياس هو النظر إلى العوائد الاستثمارية لهذه الشركة منذ إنشائها ومقارنة هذا الأداء بعوائد الفرص الاستثمارية الأخرى حتى يمكن اتخاذ قرار استثماري مقبول. فبالنظر إلى نشرة الإصدار المختصرة التي نشرتها الشركة في الصحف المحلية، فإننا نلاحظ أن معدل العائد الداخلي لفترة الاستثمار الإجمالي للاستثمارات السعودية والإقليمية هو 27.4 في المائة حتى 30 آذار (مارس) 2007، و38.6 في المائة للسنوات الثلاث الأخيرة، وهي معدلات تعد عالية وجذابة. وبالنظر إلى معدل العائد الداخلي لفترة الاستثمارات الدولية حتى 30 آذار (مارس) هو 19.3 في المائة، بينما معدل العائد الداخلي للسنوات الثلاث الماضية 6.3 في المائة، الأمر الذي يشير إلى عائدات متواضعة على الاستثمارات الدولية. وعند النظر إلى إجمالي العوائد على مجمل المحفظة الاستثمارية المدرجة نجدها تسجل 20 في المائة و9 في المائة لفترات الاستثمار تلك على التوالي، وهي نسب قد تكون مقبولة لبعض المستثمرين. وباختصار يمكن القول إن أداء الشركة يعد مقبولاً.
وحتى يتمكن المستثمر من اتخاذ قرارات أفضل للبيع والشراء في سهم هذه الشركة فإنني أقترح على شركة المملكة أن توجد مؤشرا استثماريا لمجمل استثماراتها (بما فيها القطاعان العقاري والفندقي اللذان لم تشملهما محفظة الاستثمار والعوائد التي ذكرت في متن هذه المقالة)، بحيث يرتكز المستثمر إلى مؤشر مرجعي يساعد المتعاملين على الشراء بناء على حركة المؤشر اليومي أو الأسبوعي. ورغم أن تكوين مثل ذلك المؤشر فيه صعوبة، وقد لا يكون مقياساً دقيقاً وعادلاً لأداء الشركة القابضة، فإن مثل هذا المؤشر يساعد المتعاملين على اتخاذ قرارات قد تكون أكثر دقة في تبيان أداء الشركة وتعقب الأرباح والعوائد الرأسمالية التي سيجنونها من الاستثمار في أسهمها. إضافة إلى أن هذا المؤشر سيعزز نظرة المستثمر في التعامل مع "المملكة القابضة" كشركة استثمارية لها يد طولى في عالم الاستثمار.