عدم انتظام الممارسات المحاسبية والتدقيقية وغياب الإطار التنظيمي يجران التقييمات الائتمانية إلى القاع

عدم انتظام الممارسات المحاسبية والتدقيقية وغياب الإطار التنظيمي يجران التقييمات الائتمانية إلى القاع

تظهر المؤسسات الإسلامية بالفعل عدداً من السمات الخاصة بها التي تؤثر في صورتها الائتمانية. ولكن كيف يتم تقييم الجدارة الائتمانية للمؤسسات المالية الإسلامية؟

هذه التقييمات تعطي تقديراً لإمكانية وفاء المؤسسة بالتزاماتها في المواعيد المحددة. وهي تقدم مقياساً للمقارنة بين المؤسسات، المحلية منها والدولية. والعامل المهم في هذا المقام، وهو العامل الذي تسعى إليه جميع وكالات التقييم، هو التناسق والثبات في العملية التقييمية. وتستخدم تلك الوكالات عملية تقييم ثابتة بصورة عامة، ولكن منهجية ومعايير التقييم، وكذلك التعرفات المستخدمة في التقييم، تختلف اختلافاً يسيراً بين الوكالات. والنقطة المهمة التي يجب تذكرها هي أن التقييم هو في نهاية الأمر عبارة عن رأي. فالمحلل يدرس كل مؤسسة على حدة ضمن سوق معينة، ويتحدث مع البنوك نفسها، ومع الجهات التنظيمية الحكومية، ومع الرؤساء والمعلقين، ويخرج في النهاية بتصور في ذهنه حول المنزلة التي يقع فيها بنك معين أو مؤسسة مالية معينة ضمن السوق، وبتصور حول الإمكانات المأمولة منها. وبصرف النظر عن النظام المستخدم في التقييم فإن المحلل سيسعى لإعطاء تقييمات محددة لكل مؤسسة بصورة تعكس شخصيتها الداخلية، ومواطن القوة والضعف فيها، وموقعها بالنسبة إلى المؤسسات الأخرى الخاضعة للتقييم في السوق.
آلية التقييم
من حيث المبدأ فإن الاعتبارات الإجمالية لتقييم الخطورة الائتمانية لمؤسسة معينة هي نفسها بصرف النظر عن نوع الأعمال الذي تمارسه تلك المؤسسة.يقول دارين ستوبينج، كبير المحللين المصرفيين لدى وكالة كابيتال إنتليجانس، إن عمليات التقييم والتحليل التي تقوم بها الوكالة للبنوك والمؤسسات المالية تقسم بصورة عامة إلى ستة مجالات رئيسية: التنظيم والإشراف، البيئة التشغيلية، المناعة القانونية وقوة وجود المؤسسة، مستوى كفاءة الإدارة، الأساسيات المالية، والمساندة الخارجية. وهذه الأركان التي يقوم عليها التقييم تظل هي الأساس سواء كانت المؤسسات الخاضعة للتقييم هي مؤسسات مالية إسلامية أو بنوك تقليدية.
إن التقييم هو رأي مستقل حول احتمالات إعسار المؤسسة وعجزها عن الوفاء. وفي معرض تفسيره لحدوث الإعسار، قال إنه في معظم الحالات نتيجة مشكلات في ملاءة المؤسسة، حيث تقل القيمة الاقتصادية لموجوداتها عن القيمة الاقتصادية لمطلوباتها. وأضاف أن العجز عن التسديد يمكن أن يحدث أيضاً نتيجة لأسباب تتعلق بالسيولة، على اعتبار أن المؤسسة المليئة اقتصادياً قد لا تتمتع بالمرونة المالية لحماية سيولتها.

الخسارة تفتح باب تخفيض قيمة الودائع الإسلامية

بالنسبة للمؤسسات المالية الإسلامية، تعتبر القيمة الاسمية للودائع البنكية الجارية مضمونة، في حين أن الودائع الاستثمارية غير مضمونة. ويشارك المودعون الاستثماريون في أرباح وخسائر المؤسسة التي توجد فيها ودائعهم. ولا يوجد رقم ثابت لمعدل العائد على الودائع كما أنه غير مضمون، في حين أن العائد في البنوك التقليدية معروف ومضمون. إن آلية تنظيم العوائد على الأموال المودعة في المؤسسات الإسلامية تعتمد على أداء البنك وعلى عوائده من الاستثمار. من جانب آخر، تظل العوائد في البنوك التقليدية هي نفسها، بصرف النظر عن أداء البنك وعوائده من الاستثمار. ومن الناحية النظرية فإن الفرصة متاحة للمؤسسات المالية الإسلامية لتخفيض قيمة ودائع العملاء إذا سجلت المؤسسة خسارة. إن الإطار الذي تعمل من خلاله المؤسسات المالية الإسلامية، والذي بموجبه لا يوجد ضمان للعائد على الودائع، هذا الإطار ينطوي على مضامين معينة بالنسبة للتعرفات التقليدية في التقييم وبالنسبة للقدرة الإجمالية للمؤسسة على الوفاء بالتزاماتها خلال المواعيد الزمنية المطلوبة.
غياب الإطار التنظيمي
يتوسع ستوبينج في شرح هذه النقطة، حيث قال إن خبرة وكالته مع المؤسسات الإسلامية تشير إلى أن المودعين يهتمون فعلاً بتسديد أموال الودائع في مواعيدها وبمستوى العوائد التي يولدها البنك الإسلامي. وفي الماضي كانت البيئة التنظيمية، التي تتضمن قضايا خاصة يستلزم تحديدها بتنظيمات متينة وشفافة، كانت هذه البيئة أحد مواطن الضعف التي تعانيها المؤسسات الإسلامية. حيث من المفترض لإطارها التنظيمي أن يشتمل على أسس قانونية للإشراف على هذه البنوك، مع تزويد المعلومات المناسبة للسلطات الإشرافية، وذلك لضمان حسن التعامل مع المخاطر الاستثمارية وغيرها من المخاطر الأخرى. لاحظ أن غياب الإطار التنظيمي القوي للمؤسسات الإسلامية يشكل عامل ضغط يدفع بالتقييمات إلى الأدنى. كما أن غياب الانتظام في الممارسات المحاسبية والتدقيقية عمل كذلك على تقييد التقييمات المعطاة للبنوك الإسلامية في الماضي. ذلك أن معلومات بيانات الإفصاح هي الأساس الذي تقوم عليه الآراء التقييمية المستنيرة.
البيئة المصرفية
يمكن للمرء أن يجادل بأن المعلومات الواردة في بيانات الإفصاح ضمن بيئة إسلامية تفوق أهميتها في النظام المصرفي التقليدي. ويعود بعض السبب في ذلك إلى غياب الحماية عن المودعين الاستثماريين.

فضلاً عن ذلك، توجد لدى المودعين ضمن البيئة المصرفية الإسلامية حوافز أكثر لرصد أداء البنوك مما هي عليه الحال بالنسبة للبنوك التقليدية. وينبغي أن تشتمل بيانات الإفصاح على الضوابط الداخلية، وبيانات الأداء، وعوامل المخاطرة المرتبطة بالحقيبة الاستثمارية، وحالات عدم التوازن بين الموجودات التي تولد فوائد وبين المطلوبات على نفقات الفوائد. وفي النمط التقليدي للمؤسسات المالية الإسلامية، فإن معظم الموجودات تشتمل على تعاملات المشاركة في الأرباح والخسائر، التي تتألف في معظمها من أوراق مالية تمويلية دون ضمانات مقابلة، والتي يشكل وضعها من حيث الموجودات مخاطرة أكبر من التعاملات التي تختلف عن المشاركة في الأرباح والخسائر. وبالتالي فإن الموجودات المرهونة بمقدار المخاطر يمكن أن تكون أعلى في البنك الإسلامي مما هي في البنوك التقليدية.
ويمكن من جهة المجادلة بأن المؤسسات المالية الإسلامية تتطلب قدراً من رأس المال يقل عن البنوك التقليدية، وذلك بالنظر إلى الطبيعة شبه الرأسمالية لقاعدة الودائع، أي أن المودعين يشاركون في الخسائر مع المساهمين. ولكن الوضع ذا الخطورة الأعلى للميزانية العمومية يجب أن يؤخذ في الحسبان.

خاتمة
تتمتع التقييمات المستقلة بدلالة وأهمية أكبر، وذلك بالنظر إلى النمو السريع والتكامل السريع للأسواق المالية العالمية. وستكون التقييمات من العوامل الحيوية في وضع متطلبات السلامة الرأسمالية للبنوك بموجب عملية المراجعة الجارية حالياً لأحكام بازل 2. وقد وضعت مقاييس مستقلة للقطاع المالي من خلال التفكير النقدي والآراء العميقة والأخبار والبيانات الموثوقة، وكذلك من خلال التحليل الذي تقدمه وكالات التقييم الدولية.

الأكثر قراءة