جدوى شركات الاستثمار
شهدت السوق المالية السعودية في الآونة الأخيرة منح العديد من التراخيص من قبل هيئة سوق المال لمجموعة من شركات الاستثمار, التي تهدف إلى تقديم العديد من الخدمات المتعلقة بالاستثمار في الأسواق المالية. ومن أهم الخدمات التي تقدمها تلك الشركات للأفراد تقديم خدمة الوساطة المالية وشراء الأسهم وبيعها وما يتضمنه ذلك من نشاط حفظ الأوراق المالية, إضافة إلى إدارة المحافظ الاستثمارية للمتعاملين في السوق المالية.
كما من المتوقع أن تقدم تلك الشركات خدمة الاستشارات المالية لعملائها, وإذا قدمت هذه الخدمة بالشكل المتوقع وبحرفية عالية فإن الخدمة تشكل نقلة نوعية لخدمة شرائح المتعاملين, خاصة الأفراد, حيث توفر لهم المعلومات والبيانات المالية التي تساعدهم على اتخاذ القرار الاستثماري بناء على دراسات عن السوق المالية أو الشركات التي سيساهم فيها.
كما يعد نشاط صناديق الاستثمار من حيث إنشاؤها وإدارتها من المجالات المهمة لتلك الشركات, حيث من المتوقع أن يتم فصل نشاط قطاعات الاستثمار عن المصارف بحيث يكون نشاطا مستقلا.
ومن الأنشطة المهمة التي من المتوقع أن تقوم بها شركات الاستثمار عملية تنظيم طرح أسهم الشركات الجديدة "الاكتتابات", التي تتطلب القيام بدراسة جدوى لتلك الشركات وإبداء الرأي حول تسعير الأسهم وكيفية تغطية تلك الاكتتابات.
ويعد إصدار صكوك الاستثمار المتوافقة مع أحكام الشريعة التي تتميز بأنها أدوات مالية طويلة الأجل من أهم مجالات عمل شركات الاستثمار, ويعتمد إصدار تلك الصكوك على عقد الإجارة, الذي يتيح لأصحاب تلك الصكوك تداولها في السوق المالية بيعا وشراء, وإن كان ذلك يستلزم وجود قوانين منظمة لتداول الصكوك في السوق السعودية. وبدأ العديد من الشركات السعودية في إصدار صكوك الاستثمار بديلا عن السندات أو القروض, ومن تلك الشركات شركة سابك وشركة دار الأركان.
وتحرص غالبية تلك الشركات على أن تكون جميع معاملاتها وفق أحكام الشريعة الإسلامية, وذلك من خلال الإعلان عن وجود هيئات شرعية من السادة العلماء الخبراء في مجال المعاملات المالية الإسلامية, إضافة إلى تعيين مراقب شرعي داخلي وإبراز ذلك في إعلاناتها.
وتستخدم تلك الشركات العديد من الأدوات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية, ومن أهم تلك العقود عقد السلم الذي يستخدم في عمليات صناديق التحوط الإسلامية التي تعد بديلا عن صناديق التحوط التقليدية.
وتخضع شركات الاستثمار في السوق السعودية لرقابة هيئة سوق المال التي قامت بإصدار تعليمات بشأن متطلبات منح الترخيص لتلك الشركات ومراقبة أنشطتها, وأصدرت الهيئة العديد من التراخيص للعديد من الشركات منها ما زاول النشاط فعليا والبعض الآخر لم يبدأ نشاطه بعد. وحرصت مؤسسة النقد السعودي على منح شهادات للعاملين في مجال الاستثمار وذلك بعد اجتيازهم الاختبارات التي تعقد في هذا الشأن في المعهد المصرفي ومن لا يجتاز تلك الاختبارات لا يمنح تلك الشهادة.
وتعد شركات الاستثمار إضافة إلى السوق المالية السعودية في حالة قيامها بتقديم خدمات مالية متميزة للعملاء, وحرصت تلك الشركات على استقطاب العديد من الخبراء العاملين في القطاع المصرفي بهدف تدعيم قوتها الاستثمارية, خاصة الخبراء في مجال الاستثمارات المحلية والدولية. والأمر لا يقتصر فقط على استقطاب الخبراء ولكن لا بد لتلك الشركات من أن تكون لديها رؤية استراتيجية واضحة لخدمة العملاء وإيجاد قيمة مضافة للسوق المالية السعودية التي تشهد في الوقت الحالي توافر سيولة مالية عالية تتطلب البحث عن فرص استثمارية مربحة وآمنة لها في السوق المحلية بدلا من هروب الأموال مرة أخرى إلى الأسواق المالية الدولية.
خبير في المصرفية الإسلامية