رمضان مع أوقات الدراسة.. وقريباَ الحج في الصيف
يمر علينا هذا الشهر الكريم هذا العام ونحن في وطننا بعد عودة الجميع من عطلة الصيف سواء خارج أو داخل الوطن. وتجمعنا مناسباته الخيرة ويجمعنا على مائدة الإفطار ليجمع القريب والبعيد من أفراد الأسرة والأصدقاء. ولكن هل يكون هذا العام هو آخر مرة نصومه معاَ للسنوات العشر المقبلة. إنه أمر متوقع فقرار تحويل الفصل الدراسي لتبدأ الدراسة بعد شهر رمضان قد يكون له تأثيره الكبير في روحانية أفضال وخصائص شهر رمضان. فالتعديل إذا نظرنا إلى التقويم الهجري وما يقابله بالميلادي وبقراءة بسيطة سنجد أننا لكي نرتبط مع العالم في بدء الدراسة ونهاية العام الدراسي لا بد أن نعاني تأثيره الكبير في أنماط حياتنا وحياة مدننا للسنوات العشر المقبلة وما يمليه ذلك من الحاجة إلى التخطيط مسبقاَ لمتغيراته. فالتقويم يشير إلى أن رمضان سيظل يزحف ليكون في منتصف العطلة الصيفية ويستمر حتى يصل بعد عشر سنوات إلى أوقات الامتحانات النهائية للطلاب. وحيث إن عيد الفطر المبارك يتبعه فإن عيد الفطر بعد أربع سنوات سيكون في وسط العطلة الصيفية وسيظل لسنوات بعده. ليتوافق بعد عشر سنوات مع موعد الامتحانات النهائية للطلاب.
وإذا تمعنا أكثر فإننا بعد عشر سنوات سيكون الحج في الصيف وكذلك عيد الأضحى المبارك وسيظل لعشر سنوات أخرى!
ماذا تعني هذه التغيرات؟ إن الملم بعاداتنا وتقاليدنا سيرى أن هناك تغيرات كبيرة قد تحدث لتغير طريقة أو أسلوب حياتنا الحضاري وأن ذلك قد يؤثر في روحانية شهر رمضان. فنحن تعودنا السفر صيفاَ لنجول العالم ولنهرب من حر الصيف اللاهب. والكثير منا لديه منازل أو شقق خارج المملكة ويحاول الاستفادة منها بدلاَ من دفع مبالغ في الفنادق والمطاعم. وهو قد يضطر للسفر فقط لتلك المدينة التي فيها سكنه. وبذلك فقد تخف الاجتماعيات وخاصة جمع شمل أفراد العائلة في وقت الإفطار كما كان الحال عليه. ولن أحدثكم عن الإسراف الذي نقترفه من ملء السفرة بالأطعمة أكثر من كفايتنا وبعد ذلك ترمى في الزبالة وما ثم ذلك. لقد أصبح شهر الأكل وملء البطون وليس الصوم. ولن نحس بمعاناة من لا يجد الطعام.
وعندما يسافر الناس إلى الخارج في العطلة الصيفية والتي سيكون شهر رمضان ضمنها. فإننا لن نرى الكثير من سكان المدن. وبذلك سيقل عدد السكان في المدن. وهذا له تأثيره الكبير فيمن يقدمون الخدمات الدينية والاجتماعية. فنظراَ لوجود الكثيرين خارج المملكة فإن جزءا كبيرا من تبرعاتهم قد تتوجه إلى الدول التي يصيفون فيها وخاصة زكاة الفطر. فلن تجد المساجد مكتظة وسيقل عدد المصلين رجالاَ ونساء في بعض المساجد وبذلك لن يضطروا لمعاناة بعض الاستعدادات لوضع الشراع والحواجز لمصليات النساء خارج المسجد أو في ساحته. وبذلك سيتغير المظهر الإسلامي الذي تعودنا عليه في رمضان.
الأمر المصاحب لسفر الناس إلى الخارج إنها الفرصة الأكيدة لكل منهم إعطاء إجازات لسائقيهم وخادماتهم. وبذلك فإن الكثير من العمالة ستسافر خلال الصيف وغالباَ في شهر رمضان. وبذلك سيقل عدد سكان المدينة وسيختفي جزء كبير من خيام الإفطار وإفطار صائم.
وقد يكون الأكثر تأثرا هم موردو الأطعمة والمطاعم والمخابز. فقلة السكان الموجودين في المدن في رمضان للسنوات المقبلة لم تساعدهم على (التخلص من المواد التي قرب موعد انتهائها كالعادة قبل رمضان بيومين)، بل ستبور بعض السلع. يليهم مناسبات التخفيضات لمحال الأثاث والأجهزة المنزلية. كما أنهم لابد أن ليستعدوا لذلك وأن يدرسوا الموضوع من الآن حتى لا يستوردون كميات كالعادة بل على قدر ما يتوقعون أن السوق ستحتاجه.
وقد نرى وجهات سفر جديدة للصيف وخاصة من يسعون لتسهيل أمر الصيام فيسافرون إلى الدول التي تقصر فيها ساعات النهار. مع أنها لا تقصر عادة إلا في الشتاء وقد يأتي اليوم الذي يكون فيه رمضان في الشتاء. فالصيام في دول شمال الكرة الأرضية التي يكون نهارها ثلاث ساعات فقط في الشتاء ويتدرج ليصل إلى أكثر من 20 ساعة في الصيف.
والتغير الثاني هو موضوع تغير مواعيد العيد بعد أربع سنوات ليتوسط العطلة الصيفية ويستمر ليتوافق بعد عشر سنوات مع موعد الامتحانات النهائية للطلاب.
فماذا لو سافر الناس في العطلة الصيفية؟ هل ستقل أهمية العيد في لم الشمل للعائلات والأصدقاء. وهل سيقل الإقبال على الخياطين وبائعي الملابس الجديدة للعيد والحلويات والألعاب النارية (الشروخة)؟ وهل ستقل استعدادات أمناء المدن لاحتفالات العيد؟ وهل ستقل ذبائح العيد ومناسبات الولائم. فهل ستخسر المطاعم والمطابخ. قد تفرح الخرفان فالكثير من ربعهم سيسلمون من الذبح خاصة في المملكة. وهل سيؤثر ذلك في تجارة المواشي ويخفض أسعارها. والتغير الأكبر سيكون بعد عشرات السنين عندما يصبح عيد الأضحى في الصيف.
موضعات كثيرة يجب التخطيط لها سواء على مستوى البيت والعائلة أو على مستوى المدينة ومخططيها ثم على مستوى الدولة. فهي تغيرات يحب دراستها ومحاولة التنبوء بمخرجاتها ومدى تأثيرها على حياة المواطنين. فزحف شهر رمضان سيتغير موعده كل سنة وبذلك سيؤدي إلى تغير خطط المرور والدوام وغيرها لكل عام. ناهيك عن إرباكات الحجوزات للسفر سواء قبل رمضان أو بعد أو لعطلة العيد!! وتحديداَ لدول لم يسافر بعضهم إليها من قبل. فالسفر قد ينحصر إلى الدول العربية أو الإسلامية لتضج بها ماليزيا وإندونيسيا.
وإذا جاء الحج في الصيف فإننا قد نرى إرباكاَ لحجوزات السفر والمطارات في الوقت الذي يوافق مواعيد رحلات الصيف لنا. وتستمر مظاهره في التغير كما يتم في عيد الفطر اللهم إنه سيكون هناك ذبح أقل للضحايا.
توافق شهر رمضان مع أوقات الدراسة على الأقل يربط معظم الموظفين في البلد. ولكن في العطلة الصيفية الأمر مختلف تماماَ. وقد يكون آخر رمضان نصومه معاَ للسنوات العشر المقبلة على الأقل لمن هم أكبر من 60 عاماَ. أو كما يقولون "الصيف ضيعت رمضان".