رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مفارقات عجيبة في واقع القضية الفلسطينية!!

يبدو للمتأمل (بعمق) في واقع القضية الفلسطينية، وكأنه لا أحد يريد لها أن تصل إلى نهاية عادلة، عدا أصوات قليلة لم تعد تسمع داخل الجلبة التي عمت العالم، وانقلبت فيها المفاهيم، وظهر العالم وكأنه مظلوما، وعلا فيها صوت الباطل على الحق، حتى أصحاب القضية ذاتهم ظهروا للعالم متنازعين على أسلوب تحقيق الهدف، قبل أن تتأكد لهم إمكانية الحصول عليه، وبدوا للعالم كمن يريد أن يخلص فريسته من بين فكي أسد مستحوذ عليها، رافضا أن يجود عليه الأسد ولو بالأطراف...، في وقت منع عليه فيه امتلاك السلاح لتخليص الفريسة!
وكل ما مرت سنوات ظهرت صعوبة أكثر في حل القضية، حتى ليبدو للمتأمل أن الوقت يمضي لمصلحة العدو!...، فلم يسبق أن ظهر العرب، وأولهم أصحاب القضية، بهذه الفرقة والخلاف والاقتتال، أحيانا بالكلام، وأحيانا بغيره!...، أما العالم، فرغم وقوع الظلم ووضوح الحق، فلا أحد يريد أن يرى، أو يسمع غير ذلك (المظلوم) الذي جاءه مفقوءة عينه، ولم يخطر بباله أن خصمه قد فقئت عيناه!..
والحقيقة، التي لم تعد خافية، أن العيب فينا، أقصد أصحاب القضية أولا، والعرب برمتهم، ويمثلهم إعلامهم، ثانيا!..، ولنتأمل المشهد في الصور التالية:
1 ـ من عيوب العرب إجادة امتطاء الكلام، ومحاولة إظهار أنفسهم بما لا ينبئ عنه واقعهم (وليس تاريخهم)، وقد قالها القصيمي من قبل، وفي هذا الجانب، أي الكلام، لا يشق لهم غبار، لكن طبعهم لا يخلو من التلون وعدم الثبات، تحت ذريعة (نفسي نفسي ومن بعدي الطوفان)، وقد دعت هذه النفس بعضهم إلى شق عصا الطاعة والإجماع، فاستجابوا لها بنكران المواثيق، وقاموا بعقد الصلح مع العدو منفردين، وما دام هذا الصلح يأتي بمكسب يستأثرون به عن بقية الإخوة، ولا يهمهم إن استشاط هؤلاء الإخوة وأرعدوا وأزبدوا، ونبذوهم وقاطعوهم زمنا، فقد احتاجوا إليهم في معركة الكلام!..، كيف لا، وهم يجيدونه أكثر من البقية!..، بيد أن الأمر التبس على الإخوة، وغشت أبصارهم غشاوة، من بعض تصرفات من عفوا عنهم، ولم يعودوا يميزون هل أصبحوا معهم أم ضدهم!..
2 ـ لم يحدث منذ 60 عاما، أن كان أصحاب القضية على خلاف وعراك أكثر مما هم عليه الآن، وهو واقع سعت وخططت له أمريكا، ممثلة في رئيسها السابق، عندما نادى بالديمقراطية، وكأنها كلمة حق أريد بها باطل، فتجاوب معه الكل مخدوعين بظاهر الكلام، وجرت انتخابات تاريخية من حيث النزاهة، لكنها جلبت عناصر تعرف حقها، فأخذت تطالب به، فأزعج ذلك أمريكاـ وأخذت تتساءل: ليست هذه هي الديمقراطية التي نريد، إن ديمقراطيتنا لا تجلب أناسا مزعجين مثل هؤلاء؟!..، فسلمت أمرهم إلى إسرائيل التي أودعت أعضاء البرلمان ورئيسه، الذين أتى بهم الانتخاب، السجن، كأول حادثة في التاريخ!..، أمام بصر العالم، بمن فيهم العرب، وزادت بأن تسببت في عزل الحكومة التي أفرزها الانتخاب!
3 ـ أما ما حدث في غزة، وغزة وحدها، من حرب موجهة للأطفال والمدنيين، في معظمها، إذ لم يكن هناك محاربون ولا دبابات ولا طائرات، توجه لها الحرب، فهو امتداد لما بدأته أمريكا في غزة، يستهدف تصفية المقاومة، عندما وجهوا أسلحتهم إلى الأطفال لقطع ألسنتهم في المهد، وما علموا أن المقاومة في النفوس، وأن الفلسطينيين، وبخاصة في غزة، هم أكثر شعوب الأرض تناسلا وتكاثرا، وأغزرهم إنتاجا، وهذا كفيل بتقويض أركان العدو، وإن طال الزمن!
4 ـ المؤسف حقا أن يتغاضى العالم عما فعلته إسرائيل في غزة، ويترك لها الفرصة تحقق مآربها، ثم يتنادى هذا العالم لإعادة الإعمار، ويقتطع أموالا من قوت شعوبه لذلك، ويقال، بعد هذا، إن هناك ديمقراطية وعدالة!.. بينما العدالة كانت ستتحقق في منع الظلم، وبالتالي توفير تلك الأموال على شعوبها! ...... لكن المهم أن العالم ناقض نفسه، وخصص ما يقارب عشرة مليارات دولار، من خلال المؤتمرات التي عقدت في كل من: الكويت، الدوحة، وشرم الشيخ،.. العجيب أن هذه المليارات لم تصل إلى أصحابها، الذين ظلوا يبيتون على أنقاض بيوتهم، بحجة أن السلطة القائمة في غزة ليست مؤتمنة على الأموال!..، ولا تسمح لغيرها بدخول غزة للإعمار، ويبقى الشعب الفلسطيني أضحية لعناد الساسة!..
5 ـ المضحك المبكي أكثر، في القضية، أن تتداعى معظم دول العالم، بما فيها أقرب الأقربين، إلى إغلاق المعابر خشية دخول الأسلحة إلى غزة، ويمنع، بإغلاقها، دخول عناصر الحياة، من غذاء ودواء!..، حتى البحر تعاونوا على إغلاقه، وحراسة هذا الإغلاق بالبوارج الحربية، خشية تسلل شيء من خلال الشواطئ!..، أليست مفارقة أن يحرم الشعب من العيش والاتصال بالعالم، أو حتى من السلاح الخفيف للدفاع عن نفسه في مواجهة عدو يملك من السلاح المتطور أكثر مما يملك مجاوروه كلهم؟!..، أليس من حق الدول العربية أن تنادي، بل تمد هؤلاء المحاصرين بما يعرف بسلاح المقاومة، وليس الهجوم؟! لا أن تتعاون مع العدو على غلق كل المنافذ، حتى التي بينها وبينه؟!..
6 ـ وبما أن العدو يأخذ ليطلب المزيد، فقد تمادى في اشتراط الاعتراف بالدولة اليهودية كمرجع وملاذ لكل يهود العالم، وليس بوجود الدولة الإسرائيلية فقط، التي يعترف العرب، بمن فيهم الفلسطينيون، ضمنا أو علانية، بها بمجرد قبول التفاوض معها، على أساس مبادئ المبادرة العربية، التي تعد فرصة لإسرائيل لإنهاء نزاعها مع العرب، إن كان هناك بقية من عدل في العالم!..
7 ـ ولعل آخر المفارقات، هي ألا يجد العالم غير (توني بلير) رئيس وزراء بريطانيا السابق لكي يكون ممثلا وسفيرا ومبعوثا للجنة التي عينتها الأمم المتحدة للإشراف على إجراءات البحث عن حل!..، فماذا ينتظر من رجل يمثل الدولة التي أسست لوجود العدو، ورعت هذا الوجود، وكان لها سجل بارز في العدوان ومناصرة الظالم؟!..
والله من وراء القصد،،،

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي