صندوق النقد:نمو الاقتصاد الصيني سيتجاوز 6% في 2009... ويتسارع العام المقبل
قال صندوق النقد الدولي في تقرير مهم صدر أمس الأول، إن العودة إلى النمو يرجح لها أن تستغرق فترة أطول مما كان متوقعاً في السابق، على اعتبار أن من المتوقع أن يتقلص النشاط الاقتصادي العالمي هذا العام بمقدار 1.3 في المائة، وهو أول تراجع من هذا القبيل خلال أكثر من ستة عقود.
ويتوقع تقرير الصندوق أن التقلص الاقتصادي في الولايات المتحدة سيكون أكبر حتى من الرقم المذكور، حيث سيبلغ 2.8 في المائة هذا العام، وستكون نسبة النمو في عام 2010 صفراً.
من جانب آخر حذر وزير المالية الأمريكي تيموثي جايتنر من توقع التعافي السريع، وركز على وجود التعقيدات في الاقتصادات العالمية والأنظمة المالية المتشابكة مع بعضها بعضاً بصورة متزايدة.
وقال جايتنر في كلمة له أمام النادي الاقتصادي في واشنطن: "لم يسبق أن شهدنا في العصور الحديثة مقدار الضرر الذي أصاب معظم العالم في وقت واحد بفعل اجتماع الجيشان الاقتصادي والمالي على النحو الذي نشهده في الوقت الحاضر."
ومن المتوقع أن يُستأنَف النمو الاقتصادي في عام 2010، ولكن فقط بنسبة 1.9 في المائة، وهو رقم متثاقل بالمقارنة مع حالات التعافي السابقة. يذكر أنه في الأحوال العادية تكون نسبة النمو قريبة من 4 في المائة.
وقال أوليفييه بلانشار Olivier Blanchard، مدير دائرة الأبحاث في صندوق النقد الدولي، في مؤتمر صحافي في مقر الصندوق في واشنطن: "ربما يكون التعافي أبطأ من المعتاد، ما يؤدي إلى تناقص بطيء في معدلات البطالة. وتشير توقعاتنا إلى أن معدلات البطالة لن تصل إلى أعلى مستوياتها إلا عند نهاية عام 2010".
وجاء في الملخص التنفيذي للتقرير: "الآفاق الحالية تتسم بحالة غير عادية من اللبس."
وحتى ضمن تفاصيل التقرير الذي يتسم بالحذر إلى درجة كبيرة، رأى مسؤولو الصندوق بعض العلامات على الأمل، ويعود ذلك بصورة كبيرة إلى الإجراءات القوية في المالية العامة والخطوات الأخرى التي اتخذتها الولايات المتحدة وبعض الحكومات الأوروبية الأخرى، وكذلك الصين.
وقال تشارلز كولينز Collyns، وهو محلل لدى صندوق النقد: "ننظر بالفعل إلى الصين على أنها تُظهِر صلابة لا يستهان بها، والاستمرار في النمو بنسبة تبلغ نحو 6,5 في المائة هذا العام، وستتسارع في العام المقبل. استجابت الحكومة الصينية بصورة قوية تماماً وفي مرحلة مبكرة للغاية في سبيل التصدي للقوى السلبية"، من خلال السياسات الائتمانية وكذلك بتطبيق صفقة تحفيزية قوية من المالية العامة.
وقال الصندوق إن من المتوقع أن يتراجع النمو في أوروبا عن الولايات المتحدة، وربما يتقلص الاقتصاد الروسي بنسبة يمكن أن تصل إلى 6 في المائة قبل العودة إلى النمو الفاتر في عام 2010.
وقال بلانشار إن الاستجابات الرسمية في مجال المالية العامة في عدد من البلدان الرئيسية كان لها "أثر هائل".
وقال: "لو لم تكن هناك صفقات تحفيزية من المالية العامة للبلدان في مختلف أنحاء العالم، فإن النمو العالمي في عام 2009 سيكون بحدود 1.5 إلى 2 في المائة. وسنكون في منتصف شيء قريب للغاية من الكساد الكبير".
وفي حين أنه قال "إنه يوجد هناك أمل في نهاية هذا الطريق الطويل"، إلا أنه حذر من رؤية الأسباب الداعية إلى التهاون وسط هذه البيانات الاقتصادية المتباينة إيجاباً وسلباً. وقال: "الحاجة إلى اتخاذ سياسات قوية على كل من الجبهة الاقتصادية الجزئية والجبهة المالية لا تزال حادة كما كانت".
ولاحظ جايتنر أن 17 اقتصاداً فقط من بين الاقتصادات الـ 182 التي يرصدها صندوق النقد الدولي يُتوقع لها أن تنمو هذا العام بمعدلات أسرع من معدلات العام السابق، وأن 30 من بين الاقتصادات المتقدمة الـ 34 يُتوقع لها أن تتقلص بسبب الانهيار في التجارة العالمية الذي من شأنه "على الأرجح أن يكون أسوأ انهيار منذ نهاية الحرب العالمية الثانية".
وكان جايتنر يتحدث في الوقت الذي كان يجتمع فيه وزراء المالية ومسؤولو البنوك المركزية في واشنطن من أجل لقاءات الربيع التي يعقدها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وعلى هامش الاجتماعات التي سيلتقي من خلالها مسؤولون من مجموعة البلدان الصناعية السبعة ومجموعة العشرين، التي تضم أعضاء مجموعة السبعة والاقتصادات الناشئة الرئيسية.
وقال إنه حتى في الوقت الذي تعمل فيه العولمة على تسريع حركة المنافع الاقتصادية في الأوقات الطيبة، إلا "أننا نتعلم الآن أنه في أوقات التقلص فإن العولمة تنقل المشكلات بسرعة هائلة وقوة ضخمة، ما يؤثر في الاقتصادات في جميع أنحاء العالم، وتتأثر بذلك الاقتصادات القوية نسبياً شأنها شأن الاقتصادات الأضعف".