رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تشارلز فريمان والضغوط الصهيونية

يتميز السفير تشارلز فريمان الأمريكي الجنسية بقدرات شخصية فائقة وإمكانات لغوية فارهة وخدمة دبلوماسية مشرفة نقلته إلى عدد من الأماكن القيادية والحساسة والسفارات في أكثر من بلد، وقد قامت عليه قيامة الصالونات الصهيونية في أمريكا وخارجها عندما تم ترشيحه رئيساً لمجلس الاستخبارات القومية, وهي الإدارة الممثلة لكثير من الوكالات الاستخبارية التي تقوم بدورها بإعداد التقارير والتقويمات للرئيس والبيت الأبيض وباقي المسؤولين البارزين "الخارجية، الدفاع، والأمن القومي"، وقد جاءت مدافع الضغط والتأثير الداعمة لإسرائيل ولحقوق إسرائيل وسطوتها في البيت الأبيض رداً على التصريحات والتعليقات الصريحة التي كان يطلقها عن سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين والشرق الأوسط والعداءات المتتالية التي جلبها لنفسه بصفته واحدا من أصحاب المثل العليا والنقد الصريح لسياسة الولايات المتحدة في الصين والشرق الأوسط وينتقد باستمرار سياسة أمريكا ودعمها اللامحدود لإسرائيل, ما يزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط، والحقيقة أن إثارة هذه العاصفة وإخراج أنياب العدوان من خلال المؤسسات الداعمة لإسرائيل مثل "أيباك" والأعضاء الأشد صهيونية في الكونجرس الذين يضعون مصلحة إسرائيل فوق مصلحة وطنهم الأم، وقد وصل الأمر إلى تبادل الاتهامات والمقالات المتتالية على صدر صحيفتي "الواشنطن بوست" و"النيويورك تايمز" ، وكان بإمكان تشارلز فريمان أن يصمد طويلاً أمام هذا الهجوم الشرس ولكنه ترفع عن أن ينزل إلى الجدل السفيه والكلمات الجارحة وسوء الأدب الذي تتبناه هذه الجماعات تجاه من لا يساير أهدافها ويدعم خططها، وقرر تشارلز فريمان بعد زيارة خاطفة للكونجرس الانسحاب من هذا الترشيح ـ تلك نهاية محزنة لواحد من أصوات العقل في واشنطن الذين كنا نظن أن عددهم سيظهر ويكثر على السطح في عهد إدارة أوباما الآن، التضحية التي قدمها تشارلز فريمان على جدار الصراحة والحقيقة والاستقامة في واشنطن هي نهاية محزنة لمثل هذه الكفاءات العالية، فقد استعملت في هذه المعركة من طرف واحد كل أنواع الأسلحة القذرة, وساند ذلك بعض الأعضاء البارزين في الحزبين الجمهوري والديمقراطي الذين أكثروا من تسريب كثير من التصريحات والمقالات التي سبق أن كتبها فريمان فيما يتعلق بالشرق الأوسط، ورأت إسرائيل الفائقة في وأد الديمقراطية الفلسطينية في مهدها وتقسيم فلسطين إلى كانتونات صغيرة غير قابلة للاتصال والحياة ـ إذا طبق حق الدولتين من منطلق إسرائيلي. وما كنت لأدخل هذا الموضوع الشائك في الحديث عن معركة حقيقية جرت بين الحق والباطل في نيويورك وواشنطن بين عصابة اللؤم والشؤم التي كنا نظن أن أجنحتها ستكون أقصر في عهد الرئيس أوباما ـ ووقعت هذه البادرة الخطيرة في إسقاط سيدها الأول تشارلز فريمان, ما سيشجع هذه العصابة على تقوية مراكز نفوذها وإيصال أصواتها وأضرارها إلى صفوف المرشحين القادمين ـ إلا أن الصديق العزيز والقارئ النابه الشيخ تيمور علي رضا رجل الأعمال المعروف وأحد السعوديين البارزين في المحافل الدولية في حقل الأعمال, فهو على صلة وثيقة بكثير من صناع القرار في أمريكا وتربطه صلة واسعة بكثير منهم وعلى رأسهم بعض السفراء الذين عملوا في المملكة مثل فريمان والسفير ولتر كاتلر والسيدة حرمه الناشطة الاجتماعية ومجموعة المريديان للدراسات والاستشارات، إن المملكة العربية السعودية كحكومة تتمتع بأفضل العلاقات مع كثير من طبقات الشعب الأمريكي, كما أن بعض السعوديين يحفلون بعلاقات جيدة مع بعض صناع القرار وكبار المسؤولين السابقين في الإدارة الأمريكية ورؤساء البنوك ورؤساء مجالس وأعضاء الشركات القيادية في البترول والصناعة, ويمثل مجلس الأعمال السعودي ـ الأمريكي الذي يتكون من قياديين صناعيين وتجاريين في الدولتين خير مثال، كما أن "أرامكو" و"سابك"لهما علاقات واسعة وكبيرة وجيدة, وهناك رصيد من الموظفين السابقين العاملين في المملكة سابقاً في "أرامكو" خاصة يحملون أفضل الصور عن المملكة ورجالها, وليست علاقات تيمور علي رضا وأمثاله إلا صورة مصغرة لهذه العلاقات التي يجب تنميتها وتطويرها من خلال منظمات المجتمع المدني في الدولتين. وعوداً إلى موضوع فريمان فلديه خبرات تراكمية واسعة في الشرق الأوسط والصين, وسيكون الرجل المثالي لمثل هذا المنصب الحساس, فهو يجيد اللغة الصينية (الماندرين) وعمل مترجما للرئيس نيكسون في أول رحلة له إلى الصين، كما شغل مناصب قيادية سيادية في آسيا وإفريقيا ومساعداً لوزير الدفاع يختص بمراجعة توسع حلف الناتو، وبعد أن أضاف تعلم اللغة العربية إلى مهارته الفائقة أصبح خير سفير في المملكة العربية السعودية وخالط وناقش كثيرا من السعوديين, ما ترك انطباعا جيدا عن المملكة وصناعة السياسة والقرار فيها. إن خسارة أمريكا كبيرة من أن تفقد أحد أفضل خبراتها في الشرق الأوسط والصين لسبب وحيد أن مثل هذا الشخص لا يعجب عصابة اللوبي الصهيوني, الذي امتد الخوف منهم إلى أعضاء الكونجرس الأمريكي, حيث إن نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي قالت للجنرال المتقاعد دنيس بلير مدير الاستخبارات القومية الذي رشح فريمان "إن آراء فريمان غير مقبولة أو مبررة " كما أن البيت الأبيض لسوء الحظ لم يسع إلى دعم المرشح فريمان الذي تركه وحيداً في الميدان للدفاع عن نفسه مع بعض الأصوات الحرة التي لم تستطع الوصول إلى الكونجرس أو صدر الصفحات الأولى في الصحف القيادية. مرة أخرى تخسر الولايات المتحدة أحد رجال العقل والمنطق ومخزن المعلومات الذي كان سيؤدي دوره بنجاح, ما يؤشر إلى استفحال وجسارة اللوبي الصهيوني وقدراته على إسقاط المرشحين غير الموالين لإسرائيل, وكأنك "يا أبو زيد ما غزيت" ولا جاء رئيس جديد وغالبية ديمقراطية في الكونجرس ومحاولة اتباع السياسة الناعمة في احتواء إيران وسورية وكوريا الشمالية والانسحاب من العراق ومغازلة طالبان ـ تظل إسرائيل باستمرار الابن المدلل لأي إدارة أمريكية, وأصوات اليهود وأموالهم ومنظماتهم وصالوناتهم هي القاسم المشترك الأعظم في السياسة الأمريكية, وعسى أن يستيقظ ضمير هذه الإدارة ليضع الحق الفلسطيني في نصابه. ولعل القدرات ومؤسسات المجتمع المدني تعي مثل هذا الدرس وتسعى إلى تحسين خطوطها في أن تصبح قوة ذات مغزى ونفوذ في الولايات المتحدة. والله الموفق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي