الشيخ الفوزان: ما يفعله بعض الخطباء من إطالة للخطبة وتقصير للصلاة مخالف للسنة

الشيخ الفوزان: ما يفعله بعض الخطباء من إطالة للخطبة وتقصير للصلاة مخالف للسنة
الشيخ الفوزان: ما يفعله بعض الخطباء من إطالة للخطبة وتقصير للصلاة مخالف للسنة
الشيخ الفوزان: ما يفعله بعض الخطباء من إطالة للخطبة وتقصير للصلاة مخالف للسنة

طالب عدد من العلماء والمختصين الشرعيين الخطباء بعدم الإطالة في خطبة الجمعة, ووصفوا من يطيلون خطبهم بأنهم مخالفون لنهج المصطفى, صلى الله عليه وسلم، وأكدوا أن لخطبة الجمعة أهمية كبيرة في حياة المسلم, وأنه متى تم الاختيار الجيد لموضوعها وتركيزها على قضايا المجتمع فإنها ستحقق الفائدة المرجوة، وأشاروا إلى ضرورة التواصل بين الخطيب وأبناء حيه ومجتمعه بعيدا عن الطرح المتشنج وغير الهادف.
#2#
وفي البداية تحدث الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء أنه يتطلب من الخطباء العمل على التعرف على المشكلات التي يعانيها المجتمع ومحاولة معالجتها من خلال الطرح الجيد لها والعمل على تلافي السلبيات في المجتمع الذي يعيش فيه بعيدا عن الطرح غير الواعي. وقال فضيلته "أرى أن التقصير لا يرجع إلى خطبة الجمعة في حد ذاتها وإنما يرجع إلى المتلقين أنفسهم‏‏‏‏ فأكثرهم لا يلتزم بما يسمع وبما يقال له إنما هو سائر في طريقه ولو كان غير صحيح,‏‏ أما الخطبة نفسها فالغالب أنها من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - خاصة في هذه البلاد ـ والحمد لله‏‏‏‏ ـ وأعتقد أن غالبية خطبائها من أهل العلم ومن طلابه المتمكنين, وإذا كانوا من الذين لا يعدون الخطبة فإنهم يستعينون بخطب معدة من قبل علماء لهم مكانتهم في العلم والفقه‏‏, ولذلك فالخطب في المملكة خطب في المستوى المطلوب,‏‏ وإذا كان هناك من تقصير أو عدم تأثير فمرده إلى الناس أنفسهم؛ لأن كثيرا من الناس لا يعدلون من سلوكهم مهما قيل لهم‏‏ إنما يفرحون إذا سمعوا أن الخطيب يتكلم في حق غيرهم أو يتناول أخطاء غيرهم فهم يصغون له بشدة,‏‏‏‏ أما إذا تناول أخطاءهم فإنهم يصدون عنه ويعرضون في الغالب ويخرجون بدون فائدة".
#3#
وقال فضيلته إنه يجب على الخطيب أن يقتدي برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي كان يحث على تقصير الخطبة, يقول صلى الله عليه وسلم)إن قصر خطبة الرجل وطول صلاته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة) وكانت خطبته وجيزة وكانت كلمات معدودات مباركات يلقيها على مسامع الناس, وقد أمر بتقصير الخطبة وإطالة الصلاة, وما يفعله بعض الخطباء من إطالة للخطبة وتقصير للصلاة مخالف للسنة.
يعد خطبة فيتقنها
ويرى الداعية الشيخ أحمد السيف إن الخطيب قد يُعد خطبة فيتقنها ثم تؤخذ منه فتُصوَّر وتوزع أو تطبع في كتاب، أو تُدخل في الشبكة العالمية (الإنترنت) فيخطب بها 100 خطيب أو ألف خطيب أو أكثر في أنحاء مختلفة من الأرض؛ فينتفع بها خلق لا يعلم عددهم إلا الله – تعالى - لم يكن الخطيب وقت إعدادها يَتَصَوَّرُ انتفاع هذا العدد الهائل بها.
ولعلَّ ما سَبَقَ ذِكْرُه يدفع الخطباء إلى كتابة خطبهم والعناية بإعدادها، مثل عناية المؤلف بكتابه؛ بل هم مُطالبون بما هو زيادة على ذلك؛ فإن المؤلف لا يستطيع أن يقرأ كتابه على عشرة ينصتون إليه باهتمام. والخطيب يقرأ خطبته التي كتبها على مئات يتعبدون الله – تعالى - بالإنصات إليه؛ وذلك من فضل الله - تعالى- على الخطباء، وواجب عليهم أن يشكروا الله - تعالى - على هذه النعمة العظيمة؛ وذلك بالإخلاص في إعداد الخطبة، والاجتهاد فيها، واحترام عقول من ينصتون إليهم، وإفادتهم قدر المستطاع.
وقال السيف إن بعض الخطباء يختلفون عن غيرهم فهم يعدُّون خطبهم بأنفسهم؛ تبعًا لاختلاف اهتماماتهم، وعلمهم، وثقافتهم، ونوعية المصلين معهم، ومدى تفاعلهم مع الخطيب. 
وبعض الخطباء يكتفي بأفكاره وخطراته عن الرجوع إلى المراجع والمصادر، ويخط بنانه ما يوحي به ذهنه وقت الكتابة، بغض النظر عن أهمية ما يكتب من عدمها، أو ترابط الموضوع من تفككه.
وبَعْضُ الخطباء يكتفي بمرجع واحد ينقل منه، أو يختصره ويُعدِّل عليه، ويرى أنه أحسن من غيره ممن لم يكتُبْ، أو كتب من ذهنه وخواطره. 
ويؤكد عوض مرضاح إمام وخطيب جامع بن حسن بمكة , أن بعض الخطباء لا يكتب خطبته؛ حتى يقرأ في موضوعها عددا من الكتب، ويراجع فيها مراجع كثيرة، وهؤلاء قلة، وفي الغالب أنَّ خُطَبَهُمْ تكون متميزة ومفيدة. 
كذلك يختلف الخطباء في مدى اهتمامهم بالخطبة؛ فبعض الخطباء لا يفكر في موضوع الخطبة إلا ليلة الجمعة أو صباحها، أو قبل صعود المنبر بِوَقْتٍ غير كثير؛ بل إنني سمعت مرة خطيبا في مجلس يفاخر بأنه يصعد المنبر، وليس في ذهنه موضوعٌ محدد، فيطرأ عليه الموضوع والمؤذن يؤذن، وهذا فيه استخفاف بعقول الناس واستهانة بخطبة الجمعة، التي أولاها الشارع الحكيم عناية كبيرة. 
بينما سمعت أنَّ بعض الخطباء المتميزين يبدأ تفكيره في موضوع الخطبة منذ نزوله من المنبر في الخطبة الماضية، وبين هذا وذاك مراحلُ متفاوتة من الحرص والاهتمام! 
إعداد حِسّي أو معنوي
ويشير الشيخ علي بن محمد االقرني إمام مسجد الفخراني في مكة المكرمة إلى أن الخطيب يحتاج إلى إعداد حِسّي أو معنوي؛ فإنه إما أن يطالع في الكتب ويراجع موضوعات البحث الذي يريد أن يطرقه، أو يفكر فيه، ويعرض في ذاكرته ما يحب أن يطرقه من الأدلة والتعليلات، فلا يصعد المنبر إلا وقد هيأ مقالته وأعد عدته، وقسم الخطبة إلى عناصر، فيبدأ بحمد الله ذاكراً بعض الإشارة إلى الموضوع الذي يريد أن يطرقه بما يسمى براعة الاستهلال، وبعد الثناء على الله ـ تعالى ـ والشهادتين يخاطب الحاضرين بخطابات عامة مثيرة للانتباه، فيوصيهم بتقوى الله تعالى ويبين نوعاً من أنواع التقوى وهو الذي سيتكلم عليه، ثم يجعل له مقدمة في وجوب طاعة الله ورسوله، ثم يذكر ثواب الطاعة وعقوبة المخالفة.
ويبين فضيلته أهمية حث المسلم على التأدب والإخبات، والأمر بالاغتسال يوم الجمعة والحكمة فيه احترام المصلين، والبعد عن الأذى، وهكذا أمر بالتبكير إلى المسجد ثم أمر أن يصلي ما كتب له من النوافل، ثم أمر بالإنصات لسماع الخطبة وإحضار القلب، والتأمل والتفكّر فيما يسمع من المواعظ والتوجيهات، ونهى عن العبث ومسح الأرض، والكلام مع غيره، حتى ولو بالنصيحة، وكل ذلك حث له على الإنصات والإصاخة والاستفادة، ليرجع بنتيجة ظاهرة وفائدة كبيرة، يبقى أثرها معه طوال حياته.
ويؤكد القرني أهمية المواظبة على الصلوات في المساجد جمعة وجماعة، ويحافظ على سننها ورواتبها وأورادها وأذكارها، ليدل كل هذا على محبته لهذه العبادة، وإقباله إليها برغبة وصدق وإخلاص، وبالتقرب إلى ربه تعالى بالأعمال الصالحة، فيكثر من ذكر الله تعالى صباحا ومساء، ويدعو ربه غدواً وعشياً، ويتعاهد الصدقة حسب تمكنه ويساره، ويعمل ما استطاع من القربات من صيام وصلة وحج وعمرة وبرّ وإحسان ونصح وإخلاص ودلالة على الخير وأمر بمعروف ونهي عن المنكر. وننصح المسلم بالبعد عن الآثام وأنواع الأجرام، فيحفظ جوارحه عن المعاصي فيصون سمعه عن اللهو واللعب.

الأكثر قراءة