رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


البيئة المؤسسية للاقتصاد

ترتكز السياسة الاقتصادية لأي نظام اقتصادي على البنية المؤسسية والتشريعية التي تشمل القوانين والتشريعات ومدى تطبيقها وضمان استمراريتها وثباتها واتساقها مع القوانين التجارية الدولية، السياسة النقدية بمختلف أدواتها المشتملة على عرض النقود وأسعار الفائدة، والسياسة المالية التي من أهم أدواتها النظام الضريبي والإنفاق العام والاستثمار الحكومي.
وبخطى متزنة ضمن نهج ثابت يسير نحو تعظيم النمو الاقتصادي الحقيقي، تركزت الإصلاحات الاقتصادية منذ مطلع الألفية على تعزيز التوجه السعودي نحو تحرير الاقتصاد وإتاحة المجال للقطاع الخاص نحو إدارة دفة الاقتصاد عوضاً عن الاعتماد على القطاع العام في توظيف الموارد وإدارة المؤسسات الاقتصادية عن طريق تدعيم الهيكل المؤسسي والقانوني الذي يحكم تعامل مختلف الوحدات الاقتصادية.
فمن نافلة القول، إن إيلاء عملية إصلاح الهيكل القانوني والمؤسسي للاقتصاد متطلب مسبق وأساسي كخطوة أولى للوصول إلى سياستين مالية ونقدية ناجعتين، بل هو المفتاح لنهوض الاقتصاد الوطني نحو تنمية اقتصادية مستدامة يمكن إدارتها والتقليل من تقلباتها عن طريق أدوات السياستين المالية والنقدية. فعلى سبيل المثال، يعطي الإصلاح الهيكلي المؤسسي والقانوني الثقة للمستثمر الأجنبي في مرحلة تقييم خيارات المنطقة الجغرافية المستهدفة بالاستثمار، حيث ينخفض حجم المخاطرة والتكاليف المحتملة نتيجة لوضوح قوانين وأساليب عمل البيئة الاستثمارية المستهدفة بجانب التقليل من حالة عدم التأكد عند مواجهة المستثمر الأجنبي مستقبلاً لعوائق نظامية أو قانونية تؤثر في سير العملية الاستثمارية، وقد تهدد استمراريتها أحياناً. ولا تقتصر الفوائد الاقتصادية والاستثمارية لتحسين البيئة المؤسسية والقانونية على المستثمر الأجنبي وقرار الدخول إلى السوق السعودية، فالمستثمر المحلي الذي يسعى إلى تكوين محفظة استثمارية يتطلع إلى ثبات الأنظمة التي تنبثق من قوانين وتشريعات اقتصادية واضحة تضمن حق مراقبة أداء مجالس الإدارة في الشركات المساهمة وتوفر هيكلاً يحكم علاقة مختلف القطاعات إضافة إلى علاقة المنشآت العاملة ضمن القطاع الواحد من ناحية شكل المنافسة وتنظيمها، خطوات التخصيص وطرق مراقبتها، ومدى ثبات نظم مراقبة السوق وغيرها من تعاملات يومية ودورية. على أن المهم في كل ذلك هو في تنفيذ وتطبيق القوانين وليس مجرد وجودها.
ومن المتوقع أن يؤدي الإصلاح الهيكلي والمؤسسي إلى توحيد الجهات التشريعية والقانونية التي تحكم بيئة الأعمال في جهة مركزية واحدة ينوط بها إصدار التشريعات والأنظمة التي تتعلق بالهيكل العام لمختلف القطاعات، حيث يتم إلغاء التضارب بين مختلف الإدارات الحكومية والعمل على إعطاء الجهات القائمة حالياً أدواراً تكميلية في عملية صياغة وإصدار التشريعات والأنظمة بهدف تجنب أي ضبابية تنظيمية قد تنتج عن تداخل الأدوار. وفي سياق عملية الإصلاح الهيكلي والمؤسسي تنتج آثار جانبية إيجابية تتعدى الجانبين القانوني والتنظيمي لتطول الكفاءة الرقابية والدقة في الإشراف على مختلف الوحدات الاقتصادية، حيث تنخفض تكلفة العملية الرقابية بسبب الاستفادة من اقتصاديات الوفرة وتوجيه الموارد الموزعة حالياً على أكثر من جهة للتركيز على الإطار العام والصورة الأكبر.
وأخيراً، في متناول الجهات المسؤولة عن عملية الإصلاح المؤسسي تفكيك دوائر بعض العمليات البيروقراطية ضمن خطة مبنية على برنامج للهندسة الإدارية يشمل التحول نحو تعظيم الاستفادة من التوجه نحو مفهوم الحكومة الإلكترونية وتقليص الوقت اللازم لإتمام العمليات النظامية، والمخاصمات والشكاوى القانونية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي