أوروبا تتصالح مع المساجد وتستنجد بها في حل مشكلاتها المالية والاجتماعية
أظهرت دراسة حديثة صدرت أخيرا أن هناك تحولا إيجابيا كبيرا في نظرة المجتمع الأوروبي تجاه المساجد، وأن هذا التغير قد بدأ بالتشكل بعد أن تأكد للكثيرين مدى الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه هذه المساجد داخل الأوساط الاقتصادية والاجتماعية، وكانت بعض المواقع الهولندية قد تحدثت خلال الأيام السابقة عن الدور الفاعل الذي تقوم به المساجد في هولندا داخل النسيج الاجتماعي، إذ كشفت إحدى هذه الدراسات والتي نشرها موقع راديو هيلفرسوم عن دعم المساجد المنتشرة في المدن الهولندية لميزانية الدولة، وأضاف الخبر أن هذه المساجد باتت توفر ما مجموعة 150 مليون يورو سنوياً لخزانة الدولة بسبب الأنشطة الخدمية والتطوعية التي تقدمها دون الحصول علي أي دعم من الدولة.
وأشارت الدراسة إلى أن هذه المساجد تقوم بدور تعليمي وتربوي واجتماعي فاعل، تصل إلى حد تخفيف تبعات الأزمة التي تعانيها هولندا لا سيما مع تزايد أعداد العاطلين للعمل، حيث تقوم هذه المساجد بحسب الدراسة بإيواء المشردين وإطعام الطعام، كما تقوم بتوفير 2600 وظيفة دائمة علي الأقل سنوياً مما يقلل من أعباء الدولة ويساعد على تحسين صورة الإسلام في هولندا التي شهدت تطرفاً ضد الإسلام خلال السنوات الماضية، إضافة إلى ذلك تحدثت الدراسة عن الدور الفعال الذين يقوم به المسلمون في إنعاش الاقتصاد الهولندي، حيث يعيش أكثر من مليون مسلم من أصل 16 مليوناً هم سكان هولندا .
أئمة المساجد دعاة لحماية البيئة
هذا التحول في مفهوم الأوروبيين نحو المساجد ساعد أيضاً - ولو بشكل مختلف - الوكالة الألمانية للتعاون الفني GTZ إلى اقتناعهم أن مساجد المسلمين هي المكان المناسب لنشر المعرفة وتوعية المجتمع على عكس ما هو حادث فيما يخص الكنائس، وهذا ما دفع الوكالة نفسها إلى اختيار المساجد للتعريف بظاهرة التغير المناخي وتداعياتها المختلفة، حيث أقامت الوكالة أخيرا بعدد من مساجد العاصمة الجزائرية "أسبوعا بيئيا" لتكون منابر للوعي البيئي من خلال توظيف الدين في الحفاظ على البيئة والتعريف بكيفية الحفاظ عليها في ظل التغيرات المناخية الخطيرة التي يشهدها العالم. كما ركزت فعاليات هذا الأسبوع على كيفية إشراك المجتمع المدني في الحفاظ على مدخلات النظام البيئي لكوكب الأرض. وفي إطار هذه التجربة البيئية الفريدة وقع اختيار الوكالة الألمانية على الأئمة والمساجد لتكون منابر للحفاظ على البيئة وزيادة الوعي بحجم المشكلة التي تحدق بالنظام البيئي العالمي، وخاصة ظاهرة التغير المناخي.
هل فهمت أوروبا الدرس أخيراً
نذكر هنا أنه وعلى الرغم من بعض المظاهر العدائية من قبل بعض الجهات والمنظمات الأوروبية تجاه المسلمين ومساجدهم، إلا أن الكثيرين يؤكدون أن هناك تحولا إيجابيا كبيرا قد طرأ في نظرة الأوروبيين تجاه المسلمين وأماكن عباداتهم، وأن الصورة العدائية التي تشكلت سابقا قد بدأت تخف اليوم, وهذا ما ساعد في تحقيق مسلمي أوروبا الكثير من المكاسب، منها نجاحهم وبفضل الله في دفع سلطات عدد من هذه الدول للاعتراف بهم وبحقهم في بناء المساجد، وإقامة المآذن بل وبشراء بعض الكنائس القديمة والتي قل روادها وتحويلها إلى مساجد وهو ما حدث في بلجيكا قبل شهور قليلة, وفي بلجيكا نفسها اعترفت السلطات منذ فترة بحق المسلمين في بناء المساجد داخل المدن الكبيرة وذلك بعد مرور أكثر من 30 عاما على الاعتراف بالإسلام في بلجيكا، حيث وصل اليوم عدد المساجد هناك إلى أكثر من 300 مسجد موزعة على أنحاء بلجيكا، وأصبح من حق المسلمين إقامة المآذن للمساجد وللأئمة الحق في الحصول على رواتبهم شهريا من وزارة العدل البلجيكية كما هو الحال في الدول الإسلامية.