يتكسبون من المساجد
هناك أناس لا يمدون أيديهم للناس ولا يسألونهم إلحافا، وهناك آخرون لا يتركون للناس الراحة في السؤال وطلب الصدقة رغم أن بعضهم حاله مختلف ويستطيع أن يكسب رزقه بكسب يده ولكنه لا يفعل بل يبحث عنه من جيوب الآخرين، وهؤلاء للأسف الشديد تجدهم بكثرة في المساجد حتى إنه لا يكاد يمر فرض من فروض الصلوات دون أن تجدهم بداخله، وهم أيضا يختلفون فمنهم أناس يأخذون ويكتفون وهناك آخرون لا يشبون، يبدأ بعضهم كلامه بخطبة رنانة يذكر فيها ما لذ وطاب من العبارات المؤثرة في الناس، ويختمها بدمعات مصحوبة بالبكاء، هكذا هم المتسولون في كل زمان ومكان، وبطبع أبناء هذه البلاد الطيبة يتأثرون بهذه العبارات، وتجد الأيدي تمتد لحافظة النقود رغبة في المشاركة في العمل الخيري ويمطرون هؤلاء المتسولين ببعض المبالغ المالية على اختلاف عطائهم، وكذلك يتأثر لذلك المسلمون من الجاليات المختلفة الذين يرتادون المساجد، ويتصدقون على هؤلاء بغية الأجر، لأنهم متأثرون بما يسمعون من حلاوة اللسان، والقدرة في التأثير في هؤلاء الناس، ومن المؤسف أن يبقى بعض الناس أسيرا لذلك الأمر، وتكون تصرفاته مستمرة بالتسول وهو أمر مؤلم، وللأسف إنهم مستمرون في التسول وبعضهم يتنقل من مسجد لآخر فقد جعل ذلك مهنة يمتهنها، وأسلوبا اختطه لنفسه، وهناك قصص أكثر من تذكر، ولذا نؤكد أهمية توجيه هذه الفئة التي جعلت التسول هو أسلوبها المفضل، وأن يوجههم لكي يبتعدوا عن هذا الفعل القبيح، وأن يجعلوا ذلك نصب أعينهم وأن يستمروا في هذه الممارسة السيئة بهدف الحصول على المال، وكم من قصص حدثت لبعض هؤلاء المتسولين تحكي واقعهم الصحيح، وحجم النصب الذي يمارسونه دون خوف ولا حياء، وهو أمر مؤلم، ونحن في حاجة ماسة لمواجهتهم وإبعادهم عن المساجد حتى لا تصبح أهدافا دائمة لهم، ومجالا للتكسب وجمع الأموال،ونحن نعلم كيف دل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك الرجل الذي شكا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شدة الفقر, فقال له: أما عندك شيء قال: لا , فأعطاه درهمين, وقال له: (اذهب فاشتر بأحدهما طعاماً وبالآخر فأساً, واحتطب وبع), فغاب الرجل 15 يوماً ثم أتى فقال: بارك فيما أمرتني به, اكتسبت عشرة دراهم, فاشتريت لأهلي بخمسة طعاماً وبخمسة كسوة, فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: هذا خير لك من المسألة.
المتسولون ليوثقوا علاقتهم بربهم، ويعلموا أنه هو الرزاق والمدبر فيلجأوا إليه، بدل هذه الأساليب القذرة التي يمارسونها نسأل الله لنا ولهم الهداية على الطريق الحق إنه ولي ذلك والقادر عليه.