مكافحة الفساد في دبي تطيح بمديرين وموظفين في 3 شركات عقارية
كثفت دبي في خضم الظروف الاقتصادية الصعبة الناتجة عن الأزمة المالية العالمية، حملتها لمحاربة الفساد الذي استفاد من سنوات الفورة، وذلك لتحسين صورتها كمركز اقليمي للأعمال.
إلا أن الحملة لا تخلو من بعض الجدل خصوصا بسبب توقيف مسؤولين في شركات لأشهر دون محاكمة، وذلك للاشتباه بأنهم اختلسوا مئات ملايين الدولارات.
وقال الخبير الاقتصادي أكهارت وورتز من مركز الخليج للدراسات الذي مقره دبي "كانت السوق تعيش ملء الفورة، البعض يطمع وهكذا يبدأ الفساد"، وأضاف وورتز لوكالة "فرانس برس" محاولا تفسير ظاهرة الفساد "عندما تتاح فرصة الحصول على رشوة، البعض يستغلها".
وشهد الاقتصاد الإماراتي ولاسيما اقتصاد إمارة دبي، نموا كبيرا في الفترة التي سبقت الأزمة المالية العالمية، وفي دبي كان القطاع العقاري المحرك الأساسي للنمو. وقد استفاد هذا القطاع من قرار رسمي اتخذ في 2002 بفتح سوق العقار أمام المستثمرين الأجانب.
أما الاقتصاد الإماراتي ككل، فقد استفاد من الارتفاع الكبير في أسعار الخام، فالإمارات هي المصدر الثالث في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، ومعظم قضايا الفساد في دبي مرتبطة بسوق العقار.
ومنذ بداية آذار (مارس)، يحاكم سبعة أشخاص أمام محكمة في دبي في قضيتين مرفوعتين ضد مسؤولين سابقين في شركات متهمين بطلب رشوة، وهما قضيتان غير مسبوقتين منذ بدأ الحديث عن حملة مكافحة الفساد في دبي العام الماضي.
القضية الأولى تتعلق بأربعة مديرين في شركة سما دبي، وهي شركة عقارية تابعة لمجموعة دبي القابضة التابعة لإمارة دبي، إضافة إلى موظف سابق في شركة "داماك" العقارية الخاصة، أما القضية الثانية فهي تتعلق بموظفين سابقين في شركة نخيل التابعة أيضا لإمارة دبي التي تقوم بتطوير بعض أبرز المشاريع العمرانية في دبي ولاسيما جزر النخيل الاصطناعية في الخليج.
وقيمة الرشا في قضية "سما دبي" تصل إلى 2.28 مليون دولار، أما قيمتها في قضية "نخيل" فتقدر بـ 1.4 مليون دولار، ورفضت "نخيل" التعليق على القضية في اتصال مع وكالة "فرانس برس".
وكانت الشرطة قد ألقت القبض في شباط (فبراير) الماضي على ثلاثة موظفين آخرين في "نخيل"، أما الموقوف الأقدم في قضايا الفساد في دبي، فهو زاك شاهين المدير في شركة "ديار" وهو أمريكي من أصل لبناني أوقف في آذار (مارس) 2008.
واتهم شاهين رسميا في شباط (فبراير) الماضي مع مشتبه بهم آخرين باختلاس أكثر من 27 مليون دولار، ونشر موقع على الإنترنت عنوانه "أنقذوا زاك شاهين" صورا للمتهم في المستشفى مع التأكيد أن الرجل قد تعرض للتعذيب أثناء توقيفه. إلا أن القضية الكبرى تتعلق بمصرف دبي الإسلامي الذي قد يكون تعرض لأختلاس أموال تتجاوز قيمتها نصف مليار دولار، وذلك في عملية فساد قادها سبعة رجال بينهم اثنان فاران.
وبحسب وثائق للمحكمة، المشتبه بهم في القضية هم موظفان في المصرف نفسه وخمسة رجال أعمال، وعمد هؤلاء على تزوير مستندات للحصول على تمويل لمشاريع عقارية، كما أصدرت النيابة العامة في دبي في هذه الأثناء مذكرة توقيف بحق موظف رفيع في شركة "داينستي زرعوني" بحسب الصحف المحلية.
وقال مكتب الشعالي للمحاماة الذي يمثل مستثمرين في مشاريع للشركة العقارية، لوكالة "فرانس برس" إنه تقدم بشكاوى ضد الشركة في قضايا بقيمة 82 مليون دولار، وكان لهذه الحملة وقع كبير على بيئة الأعمال في الإمارة.
وفي هذا السياق، قال علي الشهابي الرئيس التنفيذي للبنك الاستثماري "رسملة"، "إنها نقطة تسجل للسطات في دبي إذ إنها قررت مكافحة هذه المشكلة بفعالية بغض النظر عن الدعاية السلبية التي قد يخلفها ذلك"، وأضاف أن "المقاربة العربية الكلاسيكية هي إخفاء هذه المشكلات تحت الغطاء أو التغاضي عنها تماما، هذه التحركات ضد الفساد ستعزز نوعية بيئة الأعمال في دبي".
وأظهرت بعض الصحف الإماراتية اهتماما بالغا في تغطية هذه القضايا، إلا أن مشروع قانون جديد للإعلام ينص على معاقبة وسائل الإعلام التي تنشر "أخبارا مضللة" يمكن أن تؤذي الاقتصاد الوطني، وقال وورتز "أنصحهم بكل جدية بألا يعتمدوا هذا القانون لأنه لن يحقق هدف الحد من التغطية السلبية، فسيكون هناك المدونات".