رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ما لم يذكر من خلافات قمة مجموعة العشرين!!!

تحدثنا في الأسبوع الماضي عن "دورنا في قمة العشرين" والذي كان عنوان مقال يوم الأربعاء 25 مارس 2009، عشية انعقاد القمة. وقلنا إن العشرين دولة الممثلة في القمة تنقسم إلى مجموعتين. الأولى الحرس القديم للرأسمالية، والأخرى، المنافسون الجدد لها بمفاهيم جديدة، وقلنا إن المجموعة الأولى تتشكل من فريقين بينهما خلافات كثيرة وكبيرة في كيفية التعاطي مع الأزمة، لكنهم في المقابل لديهم هاجس الرؤوس الجديدة التي بدأت تنافسهم في العرش العالمي وبالذات الصين. إذاً، لديهم هم مشترك وخلافات جزئية. لكن هذا الفريق لديه فن إدارة الخلافات أيضا!
والمجموعة الأخرى لقمة العشرين تنقسم إلى فرق ومشارب متعددة، ويصعب وضعها في مجموعة واحدة. ولكن بهدف تنظيم التفكير حصرناها في ثلاثة فرق. فريق أول تمثله الدول التي تشكل فعلا تحدياً حقيقياً لأمريكا وأوروبا وهي الصين وروسيا والبرازيل والهند. وفريق ثان بحاجة إلى وقت لمعرفة الاتجاهات العالمية. وفريق ثالث بحاجة إلى معرفة نقاط القوة والضعف لديه حتى يتمكن من الاستفادة من وجوده في مستوى أقوى عشرين دولة على مستوى العالم، رغم كونه لا يسعى للمنافسة.
اليوم بعد مرور أسبوع على انعقاد القمة، والبهرجة الإعلامية التي صاحبت نتائجها، من خلال تغطية مكثفة والتركيز على الأرقام حيث يعلم الجميع تأثير الأرقام في عقول المتلقين. تحدث الجميع عن 1.1 تريليون دولار حتى 2010 لصندوق النقد الدولي والصناديق التنموية وكذلك لدعم وحدات السحب الخاصة. وعن خمسة تريليونات دولار مجموع ما أنفق وسوف ينفق من قبل دول تلك المجموعة لتشجيع أسواق تلك الدول، حيث سوف تضخ في الأسواق العالمية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وعن إجراءات متعددة لحماية حرية الأسواق والابتعاد عن الحمائة، وكذلك تطوير أساليب الإشراف والرقابة على الأعمال المالية وبالذات أعمال القطاع المصرفي والمنتجات والمشتقات المالية. خرجت القمة بشبه إجماع غير مسبوق على معالجة الأزمة المالية العالمية، رغم أن ذلك متفق عليه منذ القمة السابقة!
وهو الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على أسواق المال العالمية وتفاعلت بشكل إيجابي مع تلك النتائج. رغم ذلك علينا أن ندرك جيدا وأعتقد أن الفريق الاقتصادي السعودي يدرك ذلك أن ما لم يتفق عليه أكثر مما اتفق عليه، هذا أولاً. ثانياً، علينا أن نعي أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الغربيين لم ولن يكونوا بقوة التأثير نفسها بعد مرور الأزمة المالية العالمية. سوف يولد عالم جديد بمعايير قوى مختلفة، وعندما أقول يولد أعنى ما أقول، أي أن المولود الجديد بحاجة إلى وقت طويل حتى يكبر ويشتد عوده، وسيبقى الشيخ الكبير موجودا أيضا، فلا يعني وجود مولود جديد موت القديم، لكنها (الأسرة) العالمية بمواصفات مطورة. وسوف تظل سطوته حتى تتراجع قواه تدريجياً وتخور ومن ثم تفنى!

الآن ما الأشياء التي لم يتفق عليها فعلياً؟ إن أهم نقاط الخلاف، التي أشك أن نصل إلى حلول لها، النظرة الذاتية لكل دولة من دول العشرين. على أرض الواقع الجميع عمل قبل قمة العشرين الأخيرة وقبل قمتهم في 15 نوفمبر 2008م، واتخذت الدول إجراءات كاملة كفيلة بحماية نفسها وتصحيح أوضاعها وأوضاع شركاتها ومصارفها حسب منظورها الذاتي وليس حماية للاقتصاد العالمي. وسوف تستمر الدول في اتخاذ الإجراءات كافة لتقليل الخسائر وتعظيم الفائدة الذاتية، بل إن دولة مثل أمريكا أصبحت تأخذ من أموال الضرائب التي يدفعها الشعب الأمريكي وكذلك إصدار السندات، التي تمولها الصين وغيرها، التي تعتبر ديوناً لدعم فئة المصارف! الأمر الذي يعني ضرب العولمة في الصميم!
النقطة الثانية، كان هناك وبشكل واضح ونجاح يحسب لإدارة أوباما، بصرف نظر العالم عن مناقشة أهم مواضيع الخلاف وهو أسباب المشكلة، لأن تسليط الضوء على الأسباب الحقيقية للمشكلة يعني أن المعالجات سوف تنبع من التشخيص وهو ما يعني فشل فريق ونجاح آخر، وبالتالي يعني سياسيا أن الناجح عليه قيادة الخاسر إلى بر الأمان. وفي هذه الحالة أمريكا وأوروبا غير مستعدتين اليوم للتنازل عن القيادة أو تحاولان الاحتفاظ بها إلى أطول مدة ممكنة. وقد يكون من حظ أمريكا تسنم إدارة أوباما مقاليد الحكم في هذا التوقيت بالذات بحيث أعطى وجهاً جديداً وجميلاً لها جعل العالم أقل عدائية نحوها ولأسلوب إدارتها للعالم مقارنة بأشهر قليلة مضت، رغم أن الجوهر لم يتغير، ولكن الأسلوب أفضل. ونبقى نحن ما بين الجوهر والأسلوب نتعاطى مع النتائج، ولقلما ساهمنا في أي منهما. إذن تأجيل مناقشة جوهر المشكلة، الأمر الذي عني أن هناك رغبة أمريكية أوربية في تسويق تلك المنتجات السامة في مرحلة لاحقة على الدول الأخرى وآمل أن نكون واعين لذلك!
النقطة الثالثة هي تغيب مشكلة "الدولار الأمريكي الأخضر" وما المستقبل الذي ينتظره رغم أنه كما تقول أمريكا "الدولار عملتنا ومشكلتكم". وفي تقديري أن المشكلة سوف تعود مع طباعة مزيد منه لمقابلة الالتزامات الأمريكية تجاه زيادة مستوى مصروفاتها لإنعاش اقتصادها، وبالتالي سوف تجد الدول الداعمة للدولار سواء بإرادتها أو من دونها نفسها أمام ورقة تملكها، ولا تساوي شيئاً مقابل بيع ثرواتها ومنتجاتها! وهو الأمر الذي يجعل تلك الثروات تباع بأثمان بخسة وفي تراجع مستمر أيضا للثروات المتراكمة والقوة الشرائية لتلك الدول! الأمر الذي يفسر لماذا بدأ صوت الصين في الارتفاع قليلا وإن كان على استحياء! وقد لا تطول فترة الحياء هذه!
هذا يعني أننا نعيش عالمياً لحظة تاريخية لن نشاهدها خلال المائة عام القادمة، وقد تكون فيها فرصة عظيمة لنا كسعوديين، على وجه التحديد، لتحديد وبشكل عاجل مدى إمكانية الاستفادة من تلك الفرصة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة. وحتى يمكن لنا تحقيق أقصي مستويات الاستفادة يجب أن تكون لدينا رؤى واضحة لا لبس فيها لما يحدث على أرض الواقع، واستقراء تحليلي لما هو آت. لا أتحدث عن النخب، لكن هذا يسري على الجميع من مسئولين ورجال أعمال ومفكرين وإعلام ومواطن. يجب أن يكون لدينا مفهوم "إدارة الفرصة" واستغلالها لما فيه حماية مصالحنا أولاً، وتعظيم الاستفادة بحيث يكون لنا كلمة مسموعة ودور مؤثر مبني على معرفة دقيقة بنقاط القوة والضعف. وذلك حتى نبقى على القمة، لا يجرنا إلى الخلف 3 ملايين فقير يستفيدون من الضمان الاجتماعي حيث يشكلون نحو 15 في المائة من تعداد السكان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي