طائرة غوغل وكل شيء بحقه..!!
سمحت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بموجب عقد أبرمته في أواخر عام 2007 مع مؤسسي محرك البحث الشهير على الإنترنت (غوغل) والمليارديرين وهما لاري بيج وسيرجي برنت، وذلك للإقلاع والهبوط من مطار تديره ناسا، حيث لا يسمح عادة فيه بالطائرات الخاصة. ولعل هذا العقد ليس غريبا في طبيعة ما تم التعاقد عليه أو التزمات كل طرف للآخرين، بل إن التفرد هنا يأتي، نظراً لعدد من الأمور منها تبادل المصالح بين غوغل وناسا في استفادة مشتركة بقيمة محدودة بالطبع على قدر ما يوجد من حساسية لمثل هذا النوع من التخصيص، وبالذات استخدام مرافق حساسة مثل مطار "ناسا". إننا هنا لسنا بصدد الحديث عن النموذج الرأسمالي وفعالية أدائه وكيفية تحكيمه بالعدالة وتفعيله لكثير من المصالح إلا أنه من المفترض أن تتعلم الاقتصادات النامية من مثل هذه الممارسات، خصوصاً في الأنشطة الاقتصادية التي يغلب عليها الملكية الجماعية.
لقد بدأنا في المملكة برامج تخصيص وتحرير عدد من القطاعات الاقتصادية، ونجحنا في أغلبيتها، لكن الملاحظ أنه مازال هناك عدد من الأوجه التي دون المستوى في كفاءة ومستوى ونوعية تخصيصها، وذلك بسبب بنيتها التنظيمية ربما. إنه يجب ألا يفهم بأنني من أنصار تطبيق التخصيص بالإطلاق، فأنا لا أطالب هنا بتخصيص خدمات من المفترض أن تكون حقاً للمواطن، وبالتالي إعطاء القطاع الخاص الحق في فرض تسعيراته التي بكل تأكيد سيحكـَّـم فيها الربح والخسارة. لكن المقصود هنا الاستفادة من تلك الخدمات التي أعلى من الحد المفترض تقديمه للمجتمع بالمستوى اللائق على الأقل نظرياً للاقتصاد السعودي على اعتبار أن الهدف هو تحسين الخدمة الإجمالية، وليس التفرد بالتركيز على جعل هذه الخدمات العامة مصدر ربحية على حساب تدني الخدمة المقدمة للعامة. ولإيضاح الفكرة وليس الحصر ولكون الحديث عن الطيران وخدماته تفرض في المطارات مثلا رسوما لبعض الخدمات الاختيارية مثل المسار السريع أو خدمات المكاتب التنفيذية أو كبار الشخصيات، وما إلى ذلك، والتي لا تمس مستوى الخدمة المفترض تقديمها للمسافر العادي. إننا حين نتأمل في تطبيق مثل هذا النوع من التوجه في التخصيص نلاحظ إما أداء متواضعا في الخدمات المقدمة أصلا لألئك الذين تقدموا طواعية ودفعوا رسوم تلك الخدمة وإما عدم تغير في المستوى الإجمالي نظير الاستفادة من المصادر المالية المأمل استخدامها كمورد ذاتي يرفع من نوعية الخدمات لبيئة عمل المطار بشكل عام، وذلك لاختلاط الأوراق بين تحكيم الربحية في هذا المجال، وما درج عليه ذلك المركز الربحي (نظريا) من استفادة لتلك الخدمات حكمتها الوجاهات والمعارف، وما إلى ذلك. إن هذا ليس فقط إلا مثالا يجب أن يدرس مثله مئات في إطار خطة التخصيص التي تشكلت معالمها، خصوصا أننا لمسنا الفائدة الاقتصادية والعملية في تطبيقها التي كان من أهمها في تاريخ اقتصادنا الحديث المثل الناجح وهو قطاع الاتصالات.