مهند والمليون مخترع
استمتعت بحلقة جميلة قدمتها قناة "المجد" عن المخترع السعودي مهند جبريل أبو دية، وقد كان هذا الشاب صورة للانتصار والصمود على العوائق، متعه الله بالصحة وزاده علما، فهو لم يستسلم لما تعرض له من صعوبات ومشكلات، بل ظل صابرا مثابرا حتى يحقق مبتغاة، فهذا الشاب كما هو مدون في سيرته الذاتية (تبارك الله ما شاء الله) قدم عديدا من المخترعات التي وصل عددها إلى أكثر من 22 اختراعا، وهي ثروة كبيرة لشاب لم يتجاوز عمره الخامسة والعشرين عاما. إن ما يقدمه هذا الشاب في ظل الإعاقة التي تعرض لها نتيجة بتر ساقه ليدل دلالة قاطعة على الانتصار على هذه الإعاقة، وإن الإنسان متى ما كان لديه الإصرار على تحقيق شيء فإنه ـ بإذن الله ـ سيحققه، ولعل الشاب مهند صورة ناصعة البياض لمن لديه طموحات لخدمة دينه وأمته، وقد أعلن هذا الشاب أن أهم حلم لديه أن يكون من بين المليار مسلم مليون مخترع، ما حدا بالأستاذ خالد الزامل مدير حاضنات الأعمال في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الذي تحدث عن طموحات مهند، أن يطالب رجال الأعمال أن يتبنوا ذلك ويحققوا حلم هذا الشاب المتوقد حماسا، وأضم صوتي لصوته بتبني مثل هذه الأفكار المفيدة، وتعد تجربة مهند رسالة لبعض شبابنا الذين لم يستطيعوا استغلال أوقاتهم فيما يعود عليهم بالنفع، وإني أهنئ الوطن والأمة المسلمة بمثل هذا الشاب الطموح، وأهنئ والده الصديق جبريل أبو دية بهذا الابن، اسأل الله له مزيدا من الصحة والتوفيق.
وأقول لشبابنا المتقاعس إن العمل يبدأ صغيرا ثم يكبر وبالإصرار والعزيمة يتحقق المستحيل، ولهذا كان النهج النبوي يحفز الناس على أهمية العمل والابتكار والاستفادة من المشورة الطيبة كما كانت مشورة سلمان الفارسي في غزوة الخندق عندما أشار على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بحفر الخندق، وسأذكر هنا قصة الكثير منا يعرفها أذكرها كما أوردها أبو داود والنسائي والترمذي: جاء رجل من الأنصار إلى النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يسأله عطاء (يريد المساعدة) فقال له النبيُّ ـ عليه الصلاة والسلام: أما في بيتك شيء؟ قال: بلى .. يا رسول الله، حلسٌ نلبس بعضه ونبسُطُ بعضه (أي قماش)، وقعبٌ نشرب فيه الماء. قال: ائتني بهما. فأتاه بهما، فأخذهما ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقال: من يشتري منّي هذين؟ قال رجل: أنا آخُذُهما بدرهم. فقال ـ عليه الصلاة والسلام: من يزيد على درهم؟ - بالمزايدة - قال رجل: أنا آخُذهما بدرهمين. فأعطاهما إيّاه وأخذ الدرهمين وأعطاهما للأنصاري وقال: اشترِ بأحدهما طعاماً فانبذه إلى أهلك، واشترِ بالآخر قُدّوماً وائتني به. فأتاه به.. فشدّ فيه النبيُّ ـ عليه الصلاة والسلام ـ بيده الشريفة عوداً (عمل النبي الكريم له يداً) وقال: اذهب واحتطب وبع ولا أرينّك خمسة عشَر يوماً. فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها طعاماً فقال ـ عليه الصلاة والسلام: هذا خيرٌ لك من أن تجيء والمسألة نكتةٌ في وجهك يوم القيامة).
هذه القصة تدل على حرص المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ على تعليم الناس أهمية التعفف، علمه درساً في التعفف عن المسألة وطرق أبواب الرزق التي شرعها الله لعباده، وبذل الجهد والعمل لتحقيق النجاح.