3 إصلاحات ضرورية أمام القمة
هناك ثلاثة إجراءات ضرورية يتعين على قادة مجموعة العشرين في قمتهم المقبلة الاتفاق عليها لإعادة الانتعاش للاقتصاد العالمي، أولها زيادة الإنفاق الحكومي وذلك لأسباب عدة أولها أن الاستثمارات الرأسمالية من الصعب أن تسجل زيادة خلال الفترة المقبلة وكذلك الحال بالنسبة للإنفاق الاستهلاكي بسبب تراجع الدخول وتكبد الثروات خسائر فادحة من جراء انهيارات الأسواق المالية.
لهذا السبب لم يعد سوى المزيد من الإنفاق الحكومي ليكون الطريق الوحيد الذي يتعين على مجموعة العشرين أن ترسمه لإعادة الانتعاش للاقتصاد العالمي خصوصا الإنفاق الموجه للبنية التحتية والأشغال العامة وهى القطاعات التي تخلق فرص عمل للآلاف من العاطلين.
الإجراء الثاني الذي يجب على قادة المجموعة الاتفاق على آلياته يتعلق بالقيام بإصلاحات واسعة النطاق للنظام المالي العالمي وذك من خلال إجراءات واضحة تتعلق بماهية الإصلاحات الضرورية.
الإجراء الثالث ضرورة التنسيق بين السياسات المالية والاتفاق على سياسات الإصلاحات الضرورية على مستوى النظام المالي العالمي خصوصا أننا نشهد قبل انعقاد القمة انشقاقا وتباينا في وجهات النظر بين الولايات المتحدة والأوروبيين بشأن كيفية معالجة الأزمة المالية، حيث يشدد الأوروبيون على أهمية القيام بإصلاحات ورقابة صارمة على القطاعين المالي والمصرفي وحوكمة القطاع المالي العالمي المتمثل في صندوق النقد والبنك الدوليين وبنك التسويات الدولية في حين تركز الولايات المتحدة على زيادة أكبر للإنفاق الحكومي.
بالتأكيد هناك رؤى متناقضة ستواجه قمة مجموعة العشرين لكن يتعين على الفرقاء الاتفاق على برنامج حكومي وإصلاحات واسعة النطاق ولكن السؤال : هل يتفق الفرقاء وتتحد الرؤى؟
يساورني الشك في أن تصل القمة إلى اتفاق أو حلول ذلك أن الخلافات واسعة خصوصا مع الدول الناشئة لأن الأزمة المالية أدخلتنا مرحلة جديدة انتهى معها عهد "بريتون وودز" عام 1947 الذي خلق النظام المالي العالمي الحالي لكن ما الذي يجب علينا كمجموعة عربية تقوم المملكة العربية السعودية بتمثيلها في القمة أن نفعله؟
علينا أن ندرك كدول ناشئة وكمجموعة عربية أن مجموعة العشرين من اليوم هي الجهة الصالحة لمناقشة القضايا الاقتصادية والمالية في العالم بعدما انتهى النظام الذي قادته مجموعة الثمانية وذلك علينا أن نضغط لأن يكون لنا دور في صنع السياسات العالمية التي ستقرر مصير العالم وذلك من خلال عدة أمور:-
خلال هذه المرحلة سيتم إقرار زيادة موارد صندوق النقد الدولي من 250 مليار دولار إلى 750 مليار دولار عن طريق زيادة الحصص، والمساهمة المباشرة من بعض الدول مثل اليابان والدول العربية بتقديم قروض للصندوق وهنا لابد أن تكون هذه القروض مشروطة بتنفيذ إصلاحات وحوكمة الصندوق وهذا يتطلب أمرين:
- الأول تخفيض نفوذ الدول الأوروبية التي تستحوذ على 33 في المائة من حقوق التصويت في المجلس التنفيذي للصندوق ولديها الحق أيضا في التعيين، ونحن كدول عربية بحاجة إلى أن يسمع صوتنا وهنا لابد في حال قدمت بعض الدول العربية مساعدات لصندوق النقد والبنك الدوليين أن تشترط حصة أكبر في الأسهم وفي المقاعد وفي التصويت على القرارات.
- الثاني أن يكون للدول العربية تمثيل أكبر في بنك التسويات الدولية المسؤول عن إصدار اللوائح والإرشادات المتعلقة بإدارة وحوكمة القطاع المصرفي ( قرارات وتوصيات بازل مثال على ذلك ) كما يتعين على الدول العربية أيضا أن تطالب بأن يكون في منطقتها بنك للإنماء ذلك أن منطقتنا هي الوحيدة في العالم التي لا تحتضن بنكا متخصصا في حين توجد مثل هذه النوعية من البنوك في كافة المناطق في العالم مثل أمريكا اللاتينية، ويمكن أن يشارك البنك الدولي مع دول المنطقة في تمويل مثل هذا البنك.
وبالتأكيد فإن مشاركة السعودية في اجتماعات قمة العشرين يخدم المصالح العربية لكن علينا أن نضغط ليكون هذا التمثيل دائما خصوصا أن هناك مخاوف من أن ندخل في مرحلة تفرض فيها دول معينة "حمائيات" لحماية اقتصادياتها كما حاول الكونجرس الأمريكي إدخال بنود على قانون تلزم الدولة بأن تشتري فقط من الشركات الأمريكية وهو ما سيعيد "الحمائية" من جديد.
لا أتوقع أن تسفر القمة عن حلول في اجتماعها المرتقب ذلك أن الحل سيستغرق سنوات ويتطلب موافقة جميع الأطراف إضافة إلى وجود صعوبات تتمثل في ضرورة أن تنتقل السلطة على الاقتصاد العالمي ولو جزئيا إلى الدول الناشئة بعدما أنهار النظام القديم وفشل فشلا ذريعا، وهناك مطالب حتى في الدول التي تمتلك الدفة حاليا بأن يوضع نظام جديد .
من المستحيل أن يبقى القرار بأيدي الأمريكيين والأوروبيين، وعلينا الإصرار على الدفاع عن مصالحنا وثرواتنا التي تضررت بسبب خسائر الأسواق الدولية وينبغي الحفاظ على ما تبقى منها.