من المسؤول عن الخصوصية؟
لا شك أنك مثلي وغيري تستقبل بين الحين والآخر رسائل نصية أو حتى مكالمة من شركة أو مؤسسة يحاول فيها المتصل أو المرسل الترويج لمنتج أو خدمة معينة التي هي في الأصل جزء من حملة تسويقية وترويجية. ولربما أنك حتى لا تنتمي إلى مجتمع تلك الدعاية المراد الوصول إليها، ولكن المسوّق يحاول أن يصل إلى أكبر عدد من المستهلكين دون تمييز, ولذا فليس بغريب أن تصلك رسالة مثلا عن أمر لا ينطبق عليك بالأصل فقد يكون حاجة خاصة بالمرأة وأنت رجل أو العكس وهكذا، ولكن الذي يقلق في حقيقة الأمر هو مصدر قاعدة البيانات التي استخدمها ذلك المسوّق.
نعم أدرك أن شركات الاتصالات مثلا، تطلب منك الإذن باستقبال أو رفض مثل هذه الحملات خصوصاً عند طلبك تأسيس رقمك, لكنه من الواضح أن هناك تجاوزات نحو الالتزام بهذا. ولا يقتصر الأمر على شركات الاتصالات ولكن ربما إلى أي منشأة كونت لديها قاعدة بيانات عن عملائها في وقت من الأوقات مثلا ً ثم بالتالي أعطت أو سربت تلك المعلومات إلى طرف ثان. إنه من المؤكد أن المنشأة التي جمعت المعلومات كان الهدف الاستفادة منها للتواصل مع عميلها غير أن تدني مستوى الأمن المعلوماتي ربما أتاح الفرصة للوصول إلى هذه القاعدة من البيانات ومن ثم سربت أو بيعت إما إلى منافس وإما إلى جهة أخرى مستفيدة . وسؤالي مثلا: هل يحق لمطعم لديه موقع منزلي أن يطلع غيره على هذه المعلومات؟ (وما أكثر مطاعم التوصيل التي أتحدى وجود مثل هذا النوع من الخدمة بهذه الكثافة في أي دول من دول العالم لكنها الخصوصية مرة أخرى لمجتمعنا التي سأتناولها مستقبلاً إن شاء الله في مقال قادم!).
سؤالي بلا شك أن هذه المعلومات موجودة بين أيدي أشخاص قد يكونون متدنين بالمستوى الثقافي وأخلاقيات العمل بحكم طبيعة أعمالهم التي يقومون بها ولذا فالإغراء المادي قد لا يشكل عقبة, إذ إن السعر قد يكون زهيـداً للوصول إلى هذه البيانات أو المعلومات، وهكذا في غير هذا المثال من المنشآت التي تكوِّن قاعدة بيانات معينة. المشكلة أنني فعلاً حين أعطي الكروكي لمطعم مثلاً فأنا أعطيه إياه بكل طواعية, غير أنني لا أقصد بعدها الاستخدام من طرف ثالث, ولعله نظاماً غير ملزم فيما بعد بعمل ما شاء بهذه المعلومات لغياب التعهد الخطي من قبله على الأقل.
إننا نتساهل في قضية المعلومات سواء مصادرها أو استخدامها وتلك سمة من السمات التي عادة ما تكون في الاقتصادات النامية حيث تبنى المعلومات وقواعد البيانات على بنية نظامية هشة, في حين أن هناك التشريعات والنظم الخاصة في محيط المعلومات هي من أشد النظم حصافة ومهنية في الدول المتقدمة. ويبقى في النهاية من المسؤول عن إعطاء رقم هاتفي أو جوالي أو موقع منزلي إلى مستفيد في الأصل لم أطلب خدماته؟