الأزمة المالية تدفع الشركات العقارية للبحث عن وسائل تمويلية جديدة
طالب ماليون واقتصاديون شركات التطوير العقاري استخدام مجموعة من الأساليب للتصدي لأزمة ضعف التمويل التي فرضتها الظروف الراهنة إزاء عدم رغبة البنوك والجهات التمويلية تقديم التسهيلات التمويلية.
وبينوا أن تلك الأساليب من الممكن تطبيقها وتحقيق نتائج إيجابية من ورائها، ما يسهم في توسيع نشاطات شركات التطوير العقاري وبالتالي سد الحاجة الضرورية من الوحدات السكنية والتجارية والترفيهية.
ومن تلك الأساليب إصدار الصكوك الإسلامية والانتفاع من عقد الاستصناع الشرعي ودخول عدد من المؤسسات كممول للمشاريع العقارية مثل صندوق التنمية العقاري والمؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وإيجاد صندوق شبيه بصندوقي التنمية الصناعي والزراعي لتغطية المشاريع العقارية وتحويل شركات التطوير العقاري إلى شركات مساهمة مغلقة بشرط استثمار تلك الأموال في تمويل المشاريع العقارية.
#2#
ومن تلك الأساليب المتنوعة التسويق الاحترافي للمشروع قبل البدء في إنشائه الذي يساعد على تسويق جميع الوحدات السكنية والتجارية لكي يتمكن المشروع من الحصول على نسبة قد تصل إلى 50 في المائة من تكاليف المشروع قبل البدء فيه.
#3#
كما طالبوا هيئة السوق المالية بالمساهمة في توفير مشتقات تمويلية من بينها سوق للسندات تمكن شركات التطوير العقاري الاستفادة منها لتغطية مشاريعها.
واعتبروا العلاقة مابين القدرة على الاستثمار في المشاريع والحصول على التمويل اللازم علاقة تكاملية فبفقدان أحدهما لايتحقق الآخر مالم يتوافر تمويل كاف من داخل شركة التطوير العقاري نفسها.
ورأوا أن هناك أسباباً أدت لإحجام المؤسسات المالية والبنوك عن التمويل في الوقت الحالي من بينها تداعيات الأزمة المالية العالمية ما قد يجعل الحصول على تمويل طويل الأجل من الأمور غير الممكنه إضافة إلى الارتفاعات الأخيرة بأسعار العقارات ما أعطى انطباعاً لدى المؤسسات المالية أن هذه الأسعار قد يكون مبالغا فيها ما قد يعرضها لنوعٍ من المخاطرة كذلك غياب الأنظمة والتشريعات العقارية وعدم وجود جهة مستقلة مسؤولة عن السوق العقارية بشقيه التجاري والسكني وتأخر صدور نظامي التمويل والرهن العقاري .
وقالوا : حتى مع إمكانية الحصول على تمويل فإن نسبة الفائدة العالية سيخفض أرباح تلك الشركات كما أن نشوء أزمة في تمويل الأفراد يخفض الطلب على تلك الوحدات السكنية المطورة.
لعل أبرز أسباب ضعف تمويل المشاريع العقارية من وجهة نظر الدكتور صلاح الشلهوب أستاذ التمويل الإسلامي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن يعود إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية ، فالبنوك السعودية وإن كانت اليوم لا تعاني من شح كبير في السيولة إلا أن التحوط من الأزمة قد يجعل من المخاطرة الدخول في تمويلات طويلة الأجل مع الشركات عموما ومنها بالتأكيد الشركات العقارية.
كما أن الارتفاعات الأخيرة في أسعار العقار على مستوى الأراضي و المساكن أعطى انطباعاً لدى المؤسسات المالية أن هذه الأسعار قد يكون مبالغا فيها مما قد يعرضها لنوعٍ من المخاطرة بسبب احتمالية تحقيق الشركات العقارية خسائر ما يؤثر في إمكانية تسديد التمويل خصوصاً إذا كانت تلك الأصول المرهونة وهي الأراضي والمباني التي تعتزم الشركات الدخول فيها قد لا تغطي قيمة التمويل ، وهذا قد يتسبب في إحجام المؤسسات المالية والبنوك عن التمويل في الوقت الحالي.
ويرى الشلهوب في ضعف التمويل مؤثراً رئيسياً في قدرة الشركات على إنجاز مشاريعها وخططها التنموية خصوصاً تلك التي تعتمد على التمويل بشكل كامل أو جزئي فبعدم وجود التمويل لا يمكن لتلك المؤسسات العمل خصوصا أن المشاريع العقارية تتطلب إتمام المشروع بالكامل لتتمكن من تسليمه ، وهذا لا يكون إلا بعد التأكد من التزام المؤسسة المالية أو البنوك تقديم التمويل اللازم خلال فترة تنفيذ المشروع.
وبين أستاذ التمويل في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أن الأزمة المالية العالمية ستصعب الحصول على تمويل من البنوك أو المؤسسات المالية ، وقد لا يقف الأمر على ذلك بل حتى ومع إمكانية ذلك إلا أن تكلفة التمويل قد تكون عالية ، وهذا قد يخفض من فرص تحقيق أرباح أكبر كما أن نشوء أزمة في تمويل الأفراد قد تؤدي إلى انخفاض مستوى الطلب على الوحدات السكنية وعندها لن يمكن الشركات العقارية من الوفاء بالتزاماتها وتسويق استثماراتها العقارية في الوقت المحدد.
وأوضح الشلهوب أن من الممكن العمل والبحث في إيجاد خيارات إضافية للتمويل ومن ذلك:
1- إصدار الصكوك الإسلامية والاستفادة من السيولة المتوافرة لدى الأفراد فمع التقلبات الاقتصادية في العالم نجد أن هناك إحجاما عن الاستثمار في الأدوات الاستثمارية عالية المخاطر وهناك حرص على الحصول على تمويل من خلال الادوات المنخفضة المخاطر وتطبيق هذه الخطوة ستلقى إقالاً لدى العديد من الواطنين والمستثمرين
2- عقد الاستصناع بالمفهوم الشرعي ويكون ذلك من خلال البيع المقدم للاستثمارات العقارية مثل الفلل والشقق للأفراد وطريقة الدفع على مراحل حتى يتم تسليم هذه الوحدات بشكل كامل ، ومثل هذه الطريقة معمول بها في كثير من الاستثمارات العقارية .
3- دخول عدد من المؤسسات الحكومية كممول للمشاريع العقارية مثل صندوق التنمية العقاري والمؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ومن ثم بيعه للأفراد بالتقسيط.
4- دعم المشاريع العقارية خصوصا ما يساهم منها في توفير مساكن للأفراد وذلك من خلال الصناديق الحكومية بنفس الطريقة التي يتم بها التمويل من خلال صندوقي التنمية الصناعي والزراعي.
كما يمكن تحويل شركات التطوير العقاري إلى شركات مساهمة مغلقة بغرض الحصول على تمويل وهو واحد من الخيارات الممكنة بشرط أن الأموال التي تجمع تستثمر في تمويل مشاريعها.
من جهته يقول الدكتور زايد الحصان أستاذ المالية والاقتصاد في جامعة الملك سعود إن كثيرا من المتخصصين والمسؤولين ورجال الأعمال والعقاريين على وجه الخصوص قد أصبحوا على دراية كاملة بتفاصيل مشكلة الإسكان في المملكة وبحسب الإحصائيات الأخيرة فإن 80% من السكان لايملكون سكناً خاصاً بهم حتى الآن.
والمشكلة ليست نتاج اليوم، بل هي نتاج سنوات سابقة من عدم الاهتمام بهذا القطاع نظرا لعدم وجود جهة مستقلة مسؤولة عن تنظيم القطاعين السكني والتجاري..
فالمشكله الحقيقة من وجهة نظر الدكتور زايد الحصان تكمن في عدم وجود التخطيط الجيد المبني على أسس علمية وتجارية مدروسة يتبعها التسويق الاحترافي الذي يساعد على تسويق جميع الوحدات السكنية والتجارية قبل البدء في إنشائها لكي يتمكن المشروع من الحصول على نسبة قد تصل إلى 50% من تكاليف المشروع قبل البدء فيه. ومايحصل حاليا مع الأسف هو غياب تام لدور المسوق الاحترافي والذي تقوم به شركات متخصصة لايتواجد أي منها في السوق السعودية وبالتالي تواجه شركات التطوير العقاري في السعودية مشكلات لاحصر لها فيما يتعلق بتدبير التمويل اللازم لمشاريعها المختلفة حيث تلجأ هذه الشركات للبنوك باعتبار البنوك هي المنفذ الوحيد القادر على تلبية الاحتياجات المالية لتلك الشركات مع اقرارنا بوجود مشكلات خاصة داخل تلك البنوك فيما يتعلق بكفاءة إدارة الائتمان لديها حيث تعاني تلك البنوك ارتفاع المخاطر المرتبطة بنشاط الائتمان داخل السوق المحلية، وبارتفاع تكاليفها، وهي تنظر للقطاع العقاري باعتباره أقل القطاعات ربحية وأكثرها احتياجا للوقت باعتبار أن عائدات النشاط العقاري لاتبدأ في التحقيق إلا بعد مضي عشر سنوات على الأقل.
ويرى الحصان أن العلاقة مابين القدرة على الاستثمار في المشاريع والحصول على التمويل اللازم هي علاقة تكاملية فبفقدان أحدهما لايتحقق الآخر مالم يتوافر تمويل كاف من داخل شركة التطوير العقاري نفسها ، كأن يقوم كبار ملاك الشركة دائما بتمويل مشاريع الشركة دون الحاجة إلى الحصول على أي تمويل تجاري من أحد البنوك الذي لن يتم الحصول عليه فيما لو تم إلا بتكلفة عالية وبفترات سداد قصيرة نسبياً. وبالتالي نلاحظ ضعفا كبيراً في تنامي المشاريع السكنية والتجارية في مختلف أنحاء المملكة وإن وجد شيئا منها فهو يتركز في مدينة الرياض العاصمة وفي أمكنة محددة كالشريط المحصور بين طريقي العليا والملك فهد .
ويضيف أستاذ المالية في جامعة الملك سعود : في الحقيقة لايوجد حل سحري لمشكلة ضعف التمويل لأنها تحتاج إلى تدخل حكومي على مستوى عال، حيث يفتقد هذا القطاع إلى وجود الضامن للاستثمارت الجديدة أو فيما يعرف بنظام الرهن العقاري. والحقيقة تم الانتهاء من إقرار نظامي التمويل والرهن العقاري من قبل مجلس الشورى وتم رفعهما منذ مدة ليست بالقصيرة إلى مجلس الوزراء الموقر للموافقة عليهما وحسب علمي أنه لم تتم الموافقة عليهما بعد. وفي حالة إقرار نظامي التمويل والرهن العقاري بصفة رسمية فإن ذلك سيساهم في تنمية قطاع التطوير العقاري بشرط أن يخدم هذين النظامين جميع الأطراف الممول والمطور والمستفيد النهائي ومايضمن حق الجميع في تحقيق ربح معقول ، عندها ستتقلص أزمة الإسكان التي يعانيها المجتمع السعودي تدريجياً خلال سنوات قليلة بإذن الله ، وسيكون هذين النظامين أحد الحلول الناجعة لحل المشكلات التي يعانيها قطاع التطوير العقاري بشقيه السكني والتجاري.
ويرى الدكتور الحصان أن تحويل شركات التطوير العقاري إلى شركات مساهمة مقفلة بغرض الحصول على السيولة اللازمة لإنجاز مشاريعها وتطوير أعمالها لن يغير من المشكلة شيئا حيث تتلخص المشكله في سبل توفير التمويل اللازم، كما أنه لايتوافر مصدر آخر غير البنوك للحصول على القروض نظرا لافتقاد سوق الأسهم لآلية توفير التمويل اللازمة للشركات الباحثة عن السيولة من خلال إصدار السندات لعدم وجودها في السوق.
وفيما يخص الحصول على التمويل الضروري من مصادر تمويل أجنبية فيعتقد أستاذ المالية في جامعة الملك سعود أن السوق العقارية المحلية لم تعد مغرية للممول الأجنبي بعد لافتقادها للتنظيم والمرجعية الواضحة ، ومن المؤسف أنه قد مضى ما يقارب السنتين على إنشاء هيئة الإسكان ولم نر بعد أي تحرك أو مجهود من قبلها لمعالجة المشكلات التي يعانيها قطاع التطوير العقاري المحلي.
ولا يبدي الدكتور الحصان تفاؤله من زيادة في حجم المشاريع العقارية في الوقت الذي يصبح فيه المطور العقاري ضحية البنك الممول للصفقة والذي يفرض فوائد قد تكون قيمتها مساوية للقيمة الحقيقية للعقار.