الخيار الاستراتيجي ونظام المشتريات
لا يخفى على الجميع من مختلف شرائح المجتمع أن عديدا من دول العالم اتخذت الصناعة خيارا استراتيجيا لتنمية دخلها القومي وتنويع مصادره، ومنها مملكتنا الحبيبة التي أولت في الآونة الأخيرة الصناعة والصناعيين جل اهتمامها، ولكن لا يزال هناك بعض الأنظمة التي تحد من تقدم الصناعة السعودية وتقدمها، وأذكر على سبيل المثال نظام المشتريات الصناعية في وزارة المالية الذي لا يعطي أي ميزة نسبية للصناعة المحلية والوطنية، مما يولد عند البعض شعورا بالقصور في منتجاتهم على الرغم من أن بعضها أصبح ينافس عالميا.
إن أي مجال حتى لو كان مهما، إن لم يعط الحوافز والمميزات التي تساعده على النمو والنهوض، فإنه يبقى رهين المكان الواحد والخطوة الوحيدة، ويصبح بعد ذلك مجالا مهمشا وعديم الفائدة، وذلك لعزوف القائمين عليه أو المهتمين عنه، وهذا ما يحصل تقريبا مع الصناعة في الوقت الحالي، فعديد من المجالات الأخرى تحصل على عدد من الميزات عند طرح المناقصات الحكومية، أو في العقود التي تحصل عليها من قبل الدولة، كالمقاولين الذين يحصلون على نسبة 20 في المائة من قيمة العقد قبل التنفيذ، وهذا الأمر لا يحصل بالنسبة للصناعة الوطنية، والسبب مجهول، على الرغم من المواصفات والمقاييس التي تخضع لها المنتجات الصناعية في مختلف المجالات.
إنني لست في هذا المقام لأنتقص القائمين على وزارة المالية أو غيرها، فعلى العكس تماما فهم يعملون بجد وجهد لا ينكره الجميع، ولكن ما وددت طرحه، هو أن هناك بعض الأنظمة قديمة وعفا عليها الزمن، ولا تواكب ما نعاصره في الوقت الراهن من تطور ونمو يشمل جميع المجالات في البلاد، وفي هذا الصدد خالج خاطري بعض الاقتراحات التي رأيت، ورأى بعض إخواني الصناعيين أهميتها في الوقت الحالي وتتمثل في التالي:
ـ تخصيص ما نسبته 50 في المائة دفعة مقدمة من العقود الصناعية مع وجود الضمان البنكي، والتي ستساعد كثيرا الصناعيين في توفير المواد الخام وتخزينها طوال فترة المشروع ، والخروج من مأزق ارتفاع الأسعار.
ـ تقليل مدد الإجراءات بين وزارة المالية وجهات الدولة الأخرى المستفيدة من المشاريع الصناعية، باستخدام ربط الحاسبات الآلية ونظم التسلم، أي إيجاد نظام إلكتروني مرتبط بين أجهزة الدولة في مختلف المناطق يعمل على تقليل هذه المدد.
ـ تفعيل أحد أنظمة مشتريات الدولة في وزارة المالية، القاضي بمنح المصانع أو الجهات الصناعية نسبة 10 في المائة من قيمة العقد عند تقدم تلك الجهات الصناعية للمناقصات الحكومية، الذي لم يتم تطبيقه مع وجوده في النظام، ولا أعرف سببا معينا لإيقافه، على الرغم من أن هناك توقعات بتطبيقه على مستوى دول الخليج العربي.
وفي ختام مقالي ومن هذا المنبر الصادق الذي رعى كثيرا من هموم الصناعيين وتطلعاتهم في سبيل الإضافة إلى اقتصاد تميز طوال العقود السابقة بالقوة والمتانة، وما زال على ذلك، أكاد أجزم أن الصناعة مستقبلا ستكون خيارا لا مناص عنه، في تنويع الدخل القومي، وإيجاد وظائف مستدامة للشباب السعودي .. فلك كل الحب يا بلادي.