مجموعة العشرين .. "نراقب الموقف بحذر ويقظة"
"هبت علينا رياح أزمة مالية عاتية، لم يكن لنا يد في صنعها، ولكن آثارها امتدت لتهدد العالم كله، وكان لا بد لنا من أن نتصدى لها بحزم وأن نعالجها بحكمة، واستطعنا بفضل الله تجنيب الوطن أسوأ عواقبها، ولا نزال نراقب الموقف بحذر ويقظة. ولا شك أن بلادكم تشارك مع بقية دول العالم الرئيسية في إيجاد الحلول لهذه الأزمة وخاصة دورها في مجموعة العشرين".
مقتطفات من خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، الذي ألقاه صبيحة يوم الثلاثاء الماضي في مجلس الشورى بمناسبة افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة الخامسة للمجلس.
بلور الخطاب الضافي رؤية تاريخية ستنطلق منها، بعون الله، استراتيجية وأهداف وخطط أعمال الدولة والأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة وقطاعات المجتمع كافة. ومن ضمن هذه الاستراتيجيات والأهداف والخطط، دور السعودية في المساهمة في استدامة منظومة الاقتصاد العالمي خلال الحقبة الزمنية المقبلة من خلال المشاركة في قنوات دولية عديدة، من أهمها عضوية مجموعة العشرين.
حيث أعلن أمس الأول مشاركة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، في قمة مجموعة العشرين في العاصمة البريطانية لندن يوم الخميس المقبل. يستأنس الحدث مراجعة جهود أعضاء مجموعة العشرين، منذ قمتهم الأخيرة في العاصمة الأمريكية واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وحتى اليوم، في مواجهة تحديات الاقتصاد العالمي وبلوغ آفاقه، بشكل عام، ومساهمة الاقتصاد السعودي، بشكل خاص.
ومن الأهمية بمكان قبيل مراجعة الجهود في هذا السياق المرور على عجالة على طبيعة مجموعة العشرين. مجموعة العشرين تكتل اقتصادي عالمي يهدف إلى تبادل وجهات النظر حول تحديات منظومة الاقتصاد العالمي، وبحث آليات التنسيق والتعاون المشتركة في سبيل مواجهة هذه التحديات.
اقترن اسم المجموعة بالرقم 20 عطفا على عدد الأعضاء المشاركين في القمة. حيث تضم القمة في عضويتها 19 دولة من دول العالم المختلفة التي تتباين نوعية اقتصاداتها من اقتصادات متقدمة إلى ناشئة. يضاف إلى هذه الدول الـ 19 الاتحاد الأوروبي ليكمل الرقم 20 في عقد قمة مجموعة العشرين.
تضم قمة مجموعة العشرين في عضويتها كلا من: الأرجنتين، أستراليا، البرازيل، كندا، الصين، فرنسا، ألمانيا، الهند، إندونيسيا، إيطاليا، اليابان، المكسيك، روسيا، السعودية، جنوب إفريقيا، تركيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي.
تمثل اقتصادات أعضاء قمة مجموعة العشرين مجتمعة ما يقارب 85 في المائة من إجمالي الناتج القومي العالمي، و80 في المائة من حجم التجارة العالمية، و66 في المائة من عدد سكان العالم. تشكل هذه الإحصاءات، من الجانب النظري على أقل تقدير، ثقلا عالميا مؤثرا في الاقتصاد العالمي ونظامه المالي.
وعلى الرغم من هذا الثقل الاقتصادي، إلا أن هناك مجموعة من المآخذ على مجموعة العشرين. أولها أنها طاولة حوار اقتصادية، عوضا عن هيئة صنع قرار اقتصادي. وثانيها انحصار اهتماماتها في الشؤون المالية والاقتصادية دون الشؤون الصحية، والتعليمية، والبيئية. وآخرها أن طبيعة أهدافها هي حقيقتها تكرار لسياسات الاقتصاد الحر، كالتخصيص، وأسواق العمل، والمنافسة.
صدرت من قمة مجموعة العشرين الماضية في العاصمة الأمريكية واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مجموعة من التوصيات الهادفة إلى مواجهة تحديات الاقتصاد العالمي وبلوغ آفاق. من أهم هذه التوصيات اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لاستقرار النظام المالي، والتأكيد على أهمية دعم السياسة النقدية للاضطلاع بدورها في الاقتصاد المحلي، والتأكيد على المحافظة على إلتزامات التنمية السابقة، ودعم الاقتصادت الناشئة في الحصول على التمويل اللازم، وتشجيع المؤسسات المالية الدولية للاستمرار في سياساتها التمويلية، والتأكيد على تلبية احتياجات المؤسسات المالية الدولية من الموارد اللازمة.
تنعقد قمة مجموعة العشرين القادمة في العاصمة البريطانية لندن يوم الخميس المقبل وفي جدول أعمالها ثلاثة أهداف رئيسة. الهدف الأول اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لاستقرار الأسواق المالية وتمكين مقومات اقتصادات العالم من التكيف مع انعكاسات الأزمة المالية العالمية. والهدف الثاني إصلاح وعم النظامين العالميين المالي والاقتصادي نحو إعادة اكتساب الثقة اللازمة لمواجهة الأزمة المالية العالمية. والهدف الثالث إعادة منظومة الاقتصاد العالمي إلى مسارها الصحيح في طريق النمو والاستدامة التنموية.
ينظر الاقتصاد السعودي من جهته إلى موقعه من الأزمة المالية العالمية على أنه متأثر بانعكاساتها دون المشاركة في مسبباتها. وبالتالي فإنه من الأهمية بمكان مراجعة توجهات اقتصادات دول مجموعة العشرين والتزاماتها والبحث عن فرص علاقات دولية جديدة لم تعهد في الماضي، بهدف الوصول إلى مزيج من العلاقات الدولية الداعمة لتوجهات الاقتصاد السعودي خلال الفترة المقبلة.