معرض الرياض الدولي للكتاب .. آن لنا أن نفتخر!..
يحق لسكان المملكة, وليس مدينة الرياض فحسب, أن يفتخروا بأنه أصبح لديهم معرض دولي نموذجي للكتاب, ليس فقط من حيث المكان والتنظيم, ولكن من حيث المحتوى والسمعة, ومن زار المعرض الأخير سيشعر بذلك, أما من لم تتح له الفرصة لزيارته فإنه سيأسف على ضياعها عندما يتعرف على مقدار الفائدة التي فقدها.
فمن حيث المقر أصبح المعرض يقام على مركز المعارض الجديد الواقع على أهم شوارع العاصمة, طريق الملك عبد الله, حيث وفرت أمانة منطقة الرياض أرض المقر, وقامت الغرفة التجارية الصناعية بإنشائه على مستوى يضاهي مراكز المعارض الدولية, اتساعا وشكلا, وجودة في التصميم والتنفيذ, بعد أن كان المعرض يقام في السابق إما في إحدى قاعات جامعة الملك سعود, وإما في مقر المعارض المتواضع السابق, الذي لم يكن يتيح مجالا لتطوير المعرض والارتقاء به إلى مصاف العالمية, أما الآن فقد أصبح المعرض, وهو ضمن المركز الجديد الدائم للمعارض, مصدرا للارتياح والاعتزاز, فقد تضاعفت المساحة, وجلبت معها مزيدا من دور النشر المحلية والخارجية, وأصبح بإمكان كل ناشر أن يحصل على المساحة التي يرغب فيها, أما العناوين فلم يكن هناك حظر على دخولها المعرض, إلا ما ينطوي على مساس بالدين أو الأخلاق.
وتحسن هنا الإشارة إلى أهم الأمور الإيجابية التي أضافها المعرض إلى المظهر الثقافي للعاصمة ولمسها زواره وأثنوا عليها:
1 ـ أصبح المعرض يشكل نقطة جذب سياحي لمدينة الرياض, سواء من داخل المملكة أو خارجها, وقد أسهم ذلك في زيادة نسبة إشغال الفنادق ودور الإيواء بدرجة كبيرة, كما نقلت التقارير الصحافية.
2 ـ استمرار فتح أبواب المعرض على مدى 12 ساعة يوميا, من العاشرة صباحا إلى العاشرة ليلا, وكان المعرض في الماضي يغلق أبوابه من الساعة 12 ظهرا إلى الرابعة عصرا, كما يتوقف أثناء فترات أداء الصلاة في حين استمر المعرض الأخير طوال الوقت, حيث تقام الصلاة عقب الأذان مباشرة, في الساحات والأروقة الواقعة بين أقسام المعرض, ولهذا السبب لم نر أحدا يتخلف عن الصلاة.
3 ـ كانت زيارة المعرض مفتوحة لزواره من الأفراد والعائلات والنساء, على حد سواء, وهو ما أكد صفة العالمية للمعرض, ورفع عن الناس عناء التفريق والتحكم في أوقات الزيارة التي تفرض عليهم وهي لا تناسبهم, وهو ما كان يحد من الإقبال على المعرض, رغم أن حكمه حكم الأسواق التي لا تحدد أوقات زيارتها تبعا لجنس الزائر!..
4 ـ حسن التنظيم الذي اتسم به المعرض, ابتداء من وجود منسوبي وزارة الثقافة والإعلام, ومرورا بتوفير مرافق للاستراحة وتناول الطعام, وانتهاء بأصغر الأشياء, وإن كان من أهمها, مثل توفير حاملين بزي ولباس موحد يدل عليهم.
هذه أبرز النقاط التي يضيفها معرض هذا العام, ولقيت ارتياحا وحمدا من كل من زار المعرض, على أن ذلك لا يمنع من الإشارة إلى بعض الملحوظات التي لمسها العارضون والمؤلفون والزوار, وسيكون في العمل على إزالتها, ووضع تنظيم وضوابط لها في المستقبل ما يضفي صفة التكامل على المعرض:
1 ـ الجدل الذي أثاره تدخل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, في أمور لا يرى المؤلفون والعارضون أنها تدخل ضمن مسؤولياتها، مثل مصادرة أو منع عرض بعض الكتب، أو إيقاف بعض المؤلفين عن توقيع كتبهم، أو منع النساء المؤلفات من توقيع كتبهن للراغبين من الرجال، إذ يرون أن مهمة الهيئة، في هذا المجال، تتحدد في النهي عن المنكر الظاهر، والاستعانة بالسلطات المختصة لمنعه، فمنع عرض أي كتاب أو مصادرته، يحكمه نظام المطبوعات، ووزارة الثقافة هي المسؤولة عن تطبيق هذا النظام، ومنع المؤلفين من توقيع كتبهم ينبغي ألا يؤثر فيه ما يحمله بعض أعضاء الهيئة من مواقف تجاه بعض الكتاب والمؤلفين، أما منع المؤلفات من توقيع الكتب للرجال، فليس فيه منكر ظاهر، إذا لم يتعد حدوده، لكن الأغرب منه أن يسمح بالتوقيع عن طريق وسطاء!...، ولا يختلف توقيع المؤلفة للرجل عن توقيع المؤلف للمرأة، وهو ما كان يحصل دون اعتراض، بل إن بعض النساء يسألن عن كيفية التواصل مع المؤلف، حول موضوع الكتاب، وكنا نشير لهن إلى أن عنوان المؤلف البريدي موجود داخل الكتاب، دون أن يذهب التفكير إلى ما هو أبعد من ذلك!...
2 ـ منصات التوقيع كانت بحاجة إلى اعتناء أكثر، فلم يكن يوجد فيها سوى طاولات من نوعية ما يوجد في المقاهي العادية، والكراسي هي نفس الكراسي الموزعة على البائعين، وأحيانا يستولي البائعون عليها فيجتهد المؤلف في البحث بنفسه عن واحد منها!...، والأمر يحتاج إلى تكريم المؤلفين بتحسين مظهر منصات التوقيع ببعض ما يميزها عن مواقع البيع المجاورة لها!...
3 ـ خصصت الزيارة خلال الفترة المسائية لبعض الأيام للأفراد من الرجال، ولم يجد الزائرون سببا واحدا وجيها لذلك، طالما أن بقية الأيام كانت الزيارة فيها مفتوحة للجميع، ولم يلحظ ما يسيئ أو يؤثر من الناحية الأخلاقية ومن ثم يرتجى في الأعوام السابقة أن يزول هذا التفريق الذي لم تصحبه أي فائدة.
4 ـ لوحظ عدم توفير سلال أو عربات صغيرة للحمالين، بدلا من الكراتين التي لا يتناسب منظرها مع المظهر المحيط، ونأمل أن يراعى توفير ذلك في المستقبل.
5 ـ لقد عاني الزوار في الأيام الأولى من صعوبة التعرف على موقع المعرض ومدخله الرئيس، ولم يكن هناك أي لوحات في الشوارع المجاورة تدل عليه، وكان منظر الناس وهم يطاردون بعضهم بعضا بسياراتهم بحثا عن بوابة المعرض، باعثا على الشفقة، ويرجى ألا تتكرر هذه المعاناة في العام المقبل!..
لا بد في الختام من إزجاء كلمة شكر باسم سكان العاصمة، ومنطقة الرياض على الأخص، لمن يستحقها ممن كانوا خلف الجهود التي أثمرت عن قيام هذا الصرح الكبير، سواء المعرض ذاته، أو المقر الجديد المشرف للمعارض، وفي مقدمتهم صاحب السمو الملكي أمير منقطة الرياض، قائد تلك الجهود وموجهها، وسمو أمين منطقة الرياض، ومعالي وزير الثقافة والإعلام، ورئيس وأعضاء مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، ومنسوبو الغرفة من التجار ورجال الأعمال، (ولمثل هذا فليعمل العاملون).