الحملات الإعلامية : هدر أم سوء إدارة ؟
تنفق الجهات الحكومية أمولاً طائلة بين الحين والآخر لتبعث برسائل للمجتمع في جهد مشكور حيث يقصد بمضامين الرسالة توعية للمجتمع بأمر من الأمور التي لها علاقة، إما برفاهية المجتمع الاقتصادية وإما بالرفع من المستوى الحضاري. فهذا أسبوع للمرور وذاك يوم للمياه وما إلى ذك من الأمور التي ترغب تلك الجهات الحكومية الوصول من خلالها إلى المجتمع بشكل أقرب، في محاولة لتغيير نمط أو أنماط من السلوكيات. وتأتي هذه الرسائل عبر حملات إعلامية وتسويقية وترويجية تختلف في آلياتها والكيفية التي تمت أو تتم للوصول إلى المعنيين أو المستهدفين في هذه الحملة. ولعل تلك الدوائر الحكومية تجتهد مشكورة وترصد الموارد المالية لهذه الحملات، بل تخصص أقساما في الوزارات والمؤسسات الحكومية لهذه المهمة، كأقسام الإرشاد وغيرها، لكنه ربما بحكم عدم التخصص تأتي في تقديري النتائج أقل مما هو مؤمل.
وقد لفت نظري كمثال على ما أود قوله أنه خلال هذه الأيام تجري حملة عدم استخدام الجوال أثناء قيادة السيارة أو أسبوع المرور الخليجي والذي لم أسمع عنه إلا من خلال برنامج صباحي في إذاعة الرياض، حيث كان أحد المتواصلين مع البرنامج يتساءل أين هو وأين مظاهره؟ أدرك أن الجهات الحكومية تعمل كل ما بوسعها لكنها مرة أخرى قضية التخصص، فالتسويق والحملات الإعلامية علم قائم يدرس وله مؤسساته المتخصصة وصناعته الرائجة الكبيرة في الاقتصادات المتقدمة حتى أن تلك الصناعة دخلت في كل المجالات ابتداءً من الترويج للبضائع والخدمات الاستهلاكية وانتهاءً بسباقات الحملات الانتخابية على أعلى المستويات.
إنني أرى أن تقوم كل وزارة أو مؤسسة حكومية خدمية بالتخطيط لكل سنة، ما الحملات التي ترغب في القيام بها وتدرجها في موازناتها ومن ثم تعطى للشركات والمؤسسات المتخصصة للقيام بها حيث ستدرس هذه المؤسسات أو الشركات التسويقية الخاصة تلك الحملة وتضع لها برنامجا علميا يحدد الطريقة أو الطرق الأنسب التي ستتم بها ويكتفي بدور الوزارة أو المؤسسة الحكومية بالتخطيط والاختيار لموضوعات الرسائل ووضع المحددات اللازمة والإشراف عليها.
إن الشركات التسويقية هي التي تمتلك الإحصاءات أو تقوم بها بناءً على أسس علمية ومنهجية مدروسة للتعرف على الآلية أو الآليات الأنسب للوصول إلى المستهدف من هذه الحملة أو تلك. المشكلة لدينا أننا نكتفي بدور هذه المؤسسات التسويقية إذا ما صار لها دور في مثل هذه الحملات بتنفيذ بعض من الآليات كالطباعة للملصقات أو الدعاية والإعلان في القنوات أو الراديو أو غيرها. إن الدور الأهم للحملات الإعلانية أو الترويجية هو بناءا أسس مدروسة للتعرف على المستهدف والتخطيط لكيفية الوصول إليه ثم اختيار الآلية والمنهجية الأكفأ للتنفيذ وليس دورها منحصرا فقط في وضع لوحات عند الإشارات المرورية أو على قارعة الطريق.